العدد 2489 - الثلثاء 30 يونيو 2009م الموافق 07 رجب 1430هـ

ديفيد ماكرو وميثاق الشرف الصحافي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أن تزرع بذرة صغيرة لتنمو بعد عام... خيرٌ من التفرّج على الحقل المليء بالأشواك... فكيف إذا كان هذا الحقل هو بيت الصحافيين؟

فعلى مدار اليومين الماضيين، نظّمت جمعية الصحفيين البحرينية ورشة عمل عن الصحافة الأخلاقية وميثاق الشرف، بحضور عددٍ من الصحافيين والكتّاب من مؤسسات مختلفة، وأدارها البريطاني ماثيو شيلي، ممثل «آيركس»، وهي منظمةٌ غير ربحية تقدّم استشارات وبرامج متنوعة في أكثر من خمسين دولة لتعزيز الشفافية والإعلام.

الجمعية استضافت أيضا الصحافي الأميركي ديفيد ماكرو، الذي يعمل مستشارا مساعدا في «نيويورك تايمز»، وشارك في وضع ميثاقها الأخلاقي. واستعرض في اليوم الأول فكرة ميثاق الشرف الصحافي، الذي يعتبر عقدا بين الصحافة والجمهور، فهو يعزّز الثقة بين الطرفين ويشجّع الحوار في إطار من المسئولية والمهنية، ويرسي مبادئ أخلاقية تقوّم مسيرة الصحافة، وتحفظ استقلاليتها من التدخل الحكومي المفرط.

ماكرو عندما كان يعمل صحافيا، قال له رئيس تحرير «نيوريورك تايمز»: «نحن لا نبيع الصحيفة، بل نبيع الصدقية»، وهو مقياسٌ جوهريٌ ينطبق على الخبر بمقدار ما ينطبق على الرأي. وحين اختطف أحد صحافييها في أفغانستان قبل عدة أشهر، طلبت الصحيفة من أربعة مصادر خبرية كبرى، من بينها قناة «الجزيرة»، عدم إثارة الموضوع خبريا ما ساعده على الهرب من قبضة خاطفيه، والمفارقة هنا أن «عدم التغطية ساهم في إنقاذ حياة إنسان» كما قال.

من الأمثلة التي أوردها ماكرو، أن صحيفته تمنع منتسبيها من استخدام أوراقها الرسمية في مراسلاتهم الخاصة، كالمعاملات المصرفية مثلا، منعا لسوء استخدام النفوذ. وهذه النقطة بالخصوص أثارت الكثير من المناقشات حين فتح الباب لتداول الأفكار، من قبيل الهدايا والعطايا والرشا التي يتلقاها كثيرٌ من الصحافيين في عملهم المعتاد حتى باتت عرفا سائدا، من يرفضها يعتبرونه ساذجا. إلى جانب تضارب المصالح وكتابة المقالات التلميعية والأخبار التي تروّج لمصالح شركاتٍ ورؤوس أموالٍ وبيوتاتٍ تجارية، على حساب الدقة والنزاهة والاستقلالية والانصاف.

بعد المقدمة... جرى تدوين كل الملاحظات التي اقترحها الحضور، وتم تدوينها في مسوّدةٍ أولية، يمكن القول إنها تعكس جانبا كبيرا من القضايا الأخلاقية التي تشغل الشارع الصحافي في البحرين، وإن كان من المؤكد أنها ستكون أكثر لو كان الحاضرون أكثر عددا. وفي اليوم الثاني (أمس) أعيد مناقشتها وتنقيحها وإلحاق أية إضافات مقترحة، لتخضع للمراجعة النهائية خلال الأيام المقبلة، ليجري عرضها على خبير قانوني، لدراسة مدى توافقها مع قانون المطبوعات، وتعميمها على الصحافة لتخضع للتداول والنقاش، فالميثاق الصحافي المطروح ينبغي أن يكون بحرينيا قحا، نابعا من هذه الأرض وإليها يعود.

من حسن الحظ، أن المحاضِرَيْن لم يقدُما بأجندةٍ خاصةٍ أو أفكارٍ مسبقةٍ يريدان فرضها، وإنما دوّنا كلّ ما سمعاه منا كصحافيين وكتاب من اتجاهاتٍ وصحفٍ مختلفة، ليقدّماه في صيغة مشروعٍ قابلٍ للأخذ والرد. وفي الوقت الذي تتبنى جمعية الصحافيين هذا المشروع النوعي، فإنها تعوّل على كل الوسط الصحافي لمناقشة بنوده للخروج بالصيغة الأنسب، بما يعود على الصحافة ومنتسبيها بالنفع... ويدفع بها إلى الأمام. فهذا الميثاق لا يمثل ديفيد ماكرو ولا «آيركس»، وإنما يمثل صحافة البحرين الباحثة عن التطور والارتقاء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2489 - الثلثاء 30 يونيو 2009م الموافق 07 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً