ختمنا المقال السابق الذي تناولنا فيه مكامن القوة الإعلامية لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بالتساؤل عمن يموِّل القنوات الفضائية الدينية المتطرفة والمختصة ببث أفكار الغلو ونبذ وتكفير الآخر المختلف مع توجهاتها مذهبياً أو فقهياً؟ وغني عن القول إن هذه القنوات مرخصة من دولها ومن دول الأقمار الاصطناعية العربية والتي تبث عليها تلك القنوات، ناهيك عن التمويل الذي حظيت به عند تأسيسها والدعم الذي مازال متواصلًا لبثها ولبرامجها. ومما لاشك فيه أن تنظيم «داعش» إنما يتلقف مباشرة أو عبر الواتس آب الشباب المتأثرين بتلك البرامج الخطيرة جاهزين من حيث أساسيات البناء العقائدي المطلوب حشو أدمغتهم بفكرها الداعشي. لكن ماذا عن مكامن ومصادر القوتين الإعلامية والعسكرية التي يعتمد عليهما التنظيم في التوسع وبسط نفوذه وهيمنته بما يعزز استقطابه لمزيد من الشباب المضلل والتغرير بهم؟
ومع أنه غير معروف حتى الآن إلى أي مدى تمكنت الولايات المتحدة وحليفاتها الدول الغربية والعربية من حجز أو سد قنوات الودائع المالية لـ «داعش» في بنوك تحت غطاء أسماء رجال أعمال أو حتى مؤسسات تجارية مختلفة مازالت مجهولة الخطورة، إلا أن التنظيم بات يعتمد على تمويله ذاتياً أعظم من اعتماده على تلك الودائع الخارجية غير المأمونة فيما لو صودرت وسُدت قنواتها. ويمكننا في هذا الصدد أن ندرج تالياً أربعة مصادر رئيسية تعتمد عليها «داعش» في تمويل وبناء قدراتها المالية الجبارة والتي قد تفوق الموازنة المالية لدول عربية فقيرة كاليمن والصومال وجيبوتي:
أولاً: المصدر النفطي، والمتمثل في سطوها الإرهابي الابتزازي على عدد من آبار النفط العراقية، ومن ثم دخول «داعش» كطرف تجاري غير رسمي من خلال ما يمكن أن نطلق عليه السوق السوداء النفطية، وهذه التجارة تدرّ على ما يُسمى بالدولة الإسلامية أموالاً تُقدر بملايين الدولارات، حيث يصل إجمالي إنتاج تلك الآبار المستولى عليها 25 ألف برميل يومياً تتقاضى عنها أكثر من مليون دولار يومياً. ولعل «داعش» أول تنظيم مسلح إرهابي في المنطقة تطاول يده الإرهابية إلى هذه السلعة الاستراتيجية التي تشكل عصباً محورياً في موازنات واقتصاديات الدول النفطية العربية.
ثانياً: الإتاوات التي يفرضها التنظيم من أصحاب المحلات التجارية تحت التهديد بالقتل. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، صرح أحد التجار الموصليين الصغار أنه يدفع مئة دولار شهرياً عن محله بحجة دعم المجاهدين، حتى أفلس واضطر للعمل سائق أجرة، وعلى هذا النحو هناك ضحايا لابتزاز الدولة الإسلامية بالآلاف. هذا إلى جانب إتاوات تتقاضها هذه الدولة من محلات الصيدلة وعيادات الأطباء الخاصة، بل وحتى المقاهي والمطاعم الكبيرة، دع عنك الشركات التجارية واصحاب محطات البنزين والمولدات والمصانع وورش الحرف ناهيك عما يحصله «داعش» عبر جباتها لأموال صندوق الزكاة. هذا بخلاف الضرائب أو الإتاوات المستحصلة من سواق سيارات الشاحنات والباصات والعادية من حواجز ونقاط التفتيش.
ثالثاً: الأموال المستحصلة من الفداوات التي تجمع من ذوي رهائنها المختطفين أو دولهم، وبعض المختطفين متحفظ عليهم للرهن مستقبلاً من خلال الابتزاز الإرهابي ولا يُعرف حتى الآن القائمة النهائية للمختطفين الأجانب الذين حُجزوا في أماكن سرية، فبعضهم مجهولو المصير.
رابعاً: التعامل مع تجارة السوق السوداء في بيع قطع الآثار الصغيرة الثمينة النادرة والتي استولت عليها «داعش» بعدما حطمت العديد من رموز الآثار الكبيرة العظيمة التي يزخر بها العراق طولاً وعرضاً، بما في ذلك مزارات وجوامع ومعابد من يختلفون معها في المذهب أو من أتباع الديانات الأخرى غير الديانة الإسلامية. وحتى الآن ليس للولايات المتحدة وحلفائها أي دور لمواجهة هذا المصدر من التمويل باتجاه تعقب وحجز تلك القطع ومصادرتها من مافيا تجار تلك الآثار التي تدرّ ربحاً كبيراً تمهيداً لإعادتها إلى وطنها بعد تعافيه.
وأياً كان الأمر، فسيتضح لنا في الغالب خلال الأسابيع القليلة المقبلة إذا ما كانت الإدارة الأميركية هي باتجاه حسم بطئها وترددها لتوجيه ضربات متواصلة موجعة سريعة ومكثفة للأسلحة الهجومية الثقيلة لـ «داعش» وبما يشلّ أهم قدراته العسكرية وبما يُمهد للضربة القاضية النهائية لإنهاء وجوده في سورية والعراق، وعما إذا كانت أيضاً هي جادة بممارسة أقصى الضغوط القوية وليس الناعمة على حليفتها تركيا للقضاء المبرم المسبق لأي مسارب أو قنوات لتزويده بأسلحة جديدة، وبخاصة من خلال حدودها مع سورية، حيث مازالت أنقرة تتذرع بحجج شتى واهية لعدم انضمامها الكامل للتحالف الدولي على الإرهاب و «داعش» بقيادة واشنطن نفسها.
العدد 4427 - الإثنين 20 أكتوبر 2014م الموافق 26 ذي الحجة 1435هـ
هالباب عالهالخرابه
السوق السوداء النفطية الارهايبة صناعة اميركية لتنزيل الآسعار
تضربها بإيدي عربية وتركية
أمريكا دشنت مشروع القضاء على داعش ولكن ليس بيدها بل بيد غيرها ومن خلف الستار تدعمهم وجل اهتماهم هي القضاء على النظام السوري وما تقوم به إمريكا هو الضحك على ذقون من يصدقونها
شكرا لك يا استاذ ..المقال مفيذ جدا
لا فائدة من أمريكا ولا من حلفائها.. فداعش صناعة أمريكية بعقل صهيوني وتنفيذ عربي..نحن ليست لدينا ثقة في أمريكا وحتى حلفائها يعرفون ذلك ...