تواصلت على مسرح الصالة الثقافية عروض النسخة العاشرة من مهرجان الصواري المسرحي للشباب الذي ينعقد في الفترة من 19 – 29 أكتوبر الجاري بالمنامة.
وشهدت الليلة الثانية من المهرجان عرض مسرحية "هبوط الملاك" من تأليف الفنان القدير عبدالله السعداوي، ومن اخراج الفنان ياسر القرمزي.
وجاء العمل مشكلاً تسلسلاً مترابطاً لفلسفة السعداوي النقدية للإنسانية، وكيف تحول السياسية البشر الى بيادق في حربها الأنانية للسيطرة.
وظف المخرج ياسر القرمزي في مسرحية "هبوط الملاك" شخصية حكواتية تروي مقدمة تعريفية لما سيقدمه العمل، تجسده من خلال فتاة مشهورة في البلدة بشخصيتها القوية التي اختبرت الكثير من التجارب وعرفت الكثير من الرجال، لتروي عن نزول الملاكين من السماء إلى الأرض، والصراع الذي دار بينهما حول قبول ورفض نمط الحياة الإنسانية كشخصيتين مختلفتين.
الملاك الأول عاد من حيث أتى إلى السماء، وبقي الآخر مقرراً الاختلاط مع الناس والتعرف عليهم عن قرب.
حينها، تتيح الفرص لتلك الفتاة أن تلتقي بالملاك في المدينة، وتقدم له –كرماً- المساعدة في العثور على منزل يسكنه، ظناً أنه غريب عن المدينة.
هنا تبدأ رحلة الملاك التي تتداخل فيها شخوص متعددة رسمها المخرج لتعبر عن تناقضات الشخصية الإنسانية، فيتعرف على صاحبة النزل الذي يسكنه، وهي سيدة كبيرة في السن، تفيض عليه الحنان والعطف، لتعوض فيه فقد ابنها.
يقع الملاك في حب "سكينة"، وهي الفتاة التي يلقاها صدفة في وسط المدينة، فيما هي تنتظر محبوبها في رحلة حب طال انتظارها.
ويجد الملاك نفسه بعد الوقوع في الحب، تأخذ الطهارة الملائكية التي كانت تشكل كيانه في التلاشي مع تداخل الأحاسيس البشرية في نفسه، فيعرف الأنانية لأول مرة، ويبدأ في البحث عن احتياجات نفسه فقط، دون الاهتمام بما تؤل إليه الأمور جراء سلوكياته.
حينها، تصور المسرحية عودة شقيق حبيب"سكينة" حاملاً رسالة تفيد باستشهاد الحبيب في الحرب.
الملاك يختبر في تلك اللحظة حالة انكسار الفؤاد وهو يرى تصرفات البشر وضياع محبوبته سكينة بعد سماعها للخبر.
المسرحية لخصت كيفية دخول المرأة قلب الرجل، وقدرتها على قلب مشاعره وسلب تفكيره حتى وإن كان ملاك، لا يفكر إلا بالحب في زمن الحرب.
وفي تصريح له عقب عرض المسرحية قال المخرج ياسر القرمزي "إن هناك صلة مشتركة في كل نصوص السعداوي التي أخرجتها القرمزي في مسيرتي الإخراجية كمسرحيات (النقال) و (الطابعان على الآلة) و مسرحيتي في النسخة السابقة من المهرجان ( نافذة) حيث تجد فيهم جميعاً طرح إنساني فلسفي ناقد للسياسة وتأثيراتها السلبية على حياة الانسان".
وأضاف أجد أن نصوص السعداوي محملة بقضايا الإنسان وتأثيرات السياسات المختلفة على مسيرتها في اطار فلسفي ذو دلالات غيعميقة تبتعد عن المباشرة والسطحية وهو ما يستهويني في نصوص السعداوي لإيماني أن الفن لا ينفصل عن السياسة، كما ان هذا النص يحتوي على قدر من الفنتازيا التي جذبتني.
وعن رؤيته الإخراجية لهذا العمل قال أحاول في الفترة الأخيرة توظيف الأسلوب السينمائي في أسلوبي الإخراجي، من خلال طريقة أداء الممثل، موظفاً أسلوب مسرح الصورة الذي اتبعته من خلال استفادتي من مشاهدة الأعمال التونسية التي تعتبر رائدة في هذا المجال الذي أجد نفسي فيه.
وتابع القرمزي هذا الأسلوب الإخراجي يحتاج لطاقات تمثيلية عالية وحرفية كبيرة لكني أحاول التكيف مع الإمكانيات الموجودة وتطويرها لتوصيل رؤيتي. موضحاً أن هذا الأسلوب يتداخل مع مدرسة السينما الأوربية في التمثيل، والتي تعتمد على الكوادر الثابتة والحركة القليلة مركزة على تعابير الوجه والأحاسيس الداخلية للممثل دون ان تخلخل الكادر بالحركة.