العدد 2489 - الثلثاء 30 يونيو 2009م الموافق 07 رجب 1430هـ

موسـم الهجـرة إلـى الداخـل... أبوظـبي مثـالا

غالبـا مـا تقـاس المـدن الكـبرى بمـدى توفـر وسائـل المواصـلات والاتصـالات والمرافـق العامـة ومراكـز الترفيـه والتنـوع الثقافي فيهـا.

ولـم يقتصـر إطـلاق صفـة المـدن الكـبرى اليـوم علـى لـندن العظيمـة وباريـس ومدريـد ونيويـورك، فهـا هـي أبوظـبي تضاهـي تـلك المـدن فـي توفـر وسائـل المواصـلات الراقيـة والاتصـالات الحديثـة والأماكـن الترفيهيـة، واحتضانهـا لأكـثر مـن 150 جنسـية وثقافة علـى أرضها، واستضافتهـا لمئـات المؤتمـرات والـندوات والمعـارض العالميـة علـى مـدار العـام، والـتي أثرتنـا فكريـا وثقافيـا طـوال فـترة الإقامـة فيهـا.

ولأن الاستثمـار فـي الإنسـان وتوفير الحياة الكريمة له، أحد أهم الأهداف الاستراتيجية لإمارة أبوظبي، أضحـى المواطـن فيهـا يحظـى بأعلـى الدخـول فـي العالـم، فيحصـل علـى راتـب مجـز وعـلاوة سكـن مجزيـة وتأمـين صحـي وعـلاوة أطفـال وغيرهـا مـن العـلاوات. كمـا يتمتـع المقـيم بمسـتوى دخـل مرتفـع، خال من الضرائب، وبحيـاة ملائمة مدعومـا بتأمـين صحـي وعـلاوة سكـن وغيرهـا. بـل إن إمـارة أبوظـبي مـن المناطـق القليلـة فـي العالـم والتي لا تقتصـر ظاهـرة خـدم المنـازل علـى المواطـنين، فالمقيمـين ومـن أصحـاب الدخـول المتوسطـة منهـم، تتوفـر لديهـم خادمـات!.

وأينمـا تلتفـت فـي الإمـارة، تجـد بصمـات ذلـك الرجـل الجـواد، المؤسـس، ووالـد الجميـع، المغفـور لـه الشـيخ زايـد بـن سلطـان آل نهيـان رحمـه الله، واضحـة فـي كـل مكـان، فلـم تتوقـف الشاحنـات والرافعـات وعمليـة البنـاء فـي الإمارة والإمارات الأخـرى مـنذ توليـه الحكـم فيهـا وإلـى اليـوم، وأينمـا تذهـب بالإمـارات وخارجهـا تجـد مـن يترحـم علـى ذلـك القائـد العظـيم.

وتحظـى المـرأة فـي أبوظـبي والإمـارات الأخـرى بدعـم كـبير مـن القيـادة العليـا، وبفضـل الدعـم اللامحـدود مـن أم الإمـارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حرم المغفور له سمو الشيخ زايد بن سلطان، أصبحـت بـنت الإمـارات اليـوم الوزيـرة والسفيرة والقاضيـة ووكيـل النيابـة والنائـب بالمجلـس الوطـني. وتشغـل نسـبة 53 في المئة مـن القـوة العاملـة المواطنـة فـي الحكومـة.

وأمـا مستقبـل أبوظـبي، فـأي خـوف مـن المستقبـل فـي إمـارة تمـلك أكـبر الصناديـق السياديـة فـي العالـم، وتحولـت أنديتهـا الرياضيـة بفضـل الوفـرة الماليـة والدعـم الحكومـي إلـى شركـات استثمـار كـبيرة، ومـا زالـت إعلانـات التوظـيف تتصـدر صفحاتهـا المحليـة على الرغـم مـن الأزمـة الماليـة العالميـة، كمـا تمـلك احتياطـات ضخمة من النفط والغاز. يقـول أحـد خـبراء النـفط إن آخـر نقطـة نـفط فـي العالـم سـوف تخـرج مـن أرض أبوظـبي. وأية خشـيه مـن المستقبـل فـي إمـارة يحكمهـا صاحـب اليد الكريمـة وذو النظـرة الثاقبـة وقائـد مسيرتهـا صاحـب السمـو الشـيخ خليفـة بـن زايـد آل نهيـان، ويشـرف علـى إدارة شئونهـا ومشاريعها المستقبلية سمـو الشـيخ محمـد بـن زايد ال نهيان ولي عهد أبوظبي، ذلـك الرجـل الـذي استلهـم حكمـة وتواضـع وعطـاء الراحـل الكـبير. فنهـل مـن الشجـرة الطيبـة الـتي أصلهـا ثابـت وفرعهـا فـي السمـاء. حتى أصبح الارتقـاء بالإنسـان وتشجيع الإبداع ودعم الشباب في الإمارة من أهم أولويات القائدين.

ويزدهـر العمـل الثقافـي والفكـري فـي أبوظـبي، بوجـود مركـز الإمـارات للدراسـات والبحـوث الاستراتيجيـة، الـذي يعـد معلمـا مـن المعالـم الثقافيـة بالشـرق الأوسـط بإقامتـه الـندوات والمؤتمـرات الدوليـة، وباستضافتـه لرؤسـاء ووزراء وخـبراء عالمـيين بـين الفينـة والأخـرى، وهيئـة أبوظـبي للثقافـة والـتراث والـتي جعلـت مـن الإمـارة منـارة للثقافـة بالمنطقـة، والمركـز الإعلامـي لسمـو الشـيخ سلطـان بـن زايـد بتنـوع وغـزارة محاضراتـه ومحاضريـه. كمـا تنشـط بالإمـارة المهرجانـات والفعاليات الدولية، كمهرجـان الموسيقـى الدولـي ومهرجـان أبوظـبي للسينمـا وجائـزة الشـيخ زايـد للكتـاب ومعـرض بيكاسـو وعـروض الطـيران السنويـة وغيرهـا. وأمـا المشاريـع الثقافيـة المستقبليـة، فقـد أخـذت الإمـارة الخطـوات العمليـة لإنشـاء جزيـرة السعديـات الثقافيـة - أول جزيـرة ثقافيـة علـى مسـتوى العالـم - والـتي ستضـم متحـف اللوفـر ومتحـف جوجينهـام وجامعـة نيويـورك والمتحـف البحـري ومتحـف الشـيخ زايـد وصـروح علميـة أخـرى، فضـلا عـن احتضانهـا اليـوم لجامعـة السوربـون، وعقدهـا لاتفاقيـات الشراكـة مـع أهـم المراكـز الطبيـة والعلميـة فـي أميركـا وألمانيـا وغيرهـا، لتبـادل الخـبرات وإدارة وإنشـاء المستشفيـات فـي الإمـارة. وتوقيعهـا مؤخـرا لاتفاقيـات تعـاون بمجـال الطاقـة النوويـة مـع الولايـات المتحـدة وفرنسـا وبريطانيـا.

وأمـا علـى المسـتوى الدولـي، فـلا تجـد بلـدا محتاجـا أو معـوزا أو تعـرض لكارثـة طبيعيـة أو إنسانيـة، إسلامـي أو غـيره إلا وامـتدت إليـه الأيـادي البيضـاء الظبيانيـة ومؤسساتهـا الإنسانيـة، حـيث تزخـر الإمـارة بالصناديـق الخيريـة والمؤسسـات الإنسانيـة كالهلال الأحمر ومؤسسـة الشـيخ زايـد للرعايـة الإنسانيـة وشـئون القصّـر وصـندوق خليفـة الخـيري وصـندوق أبوظـبي للتنميـة، والـتي لا تتوانـى فـي بنـاء المـدن السكنيـة والمستشفيـات فـي الـدول المحتاجـة، وكفالـة الأيتـام (كفالـة أكـثر مـن 600 طفـل فـي أفغانسـتان).

ونظـرا لسياسـة الانفتـاح الـتي تنتهجهـا الإمـارة وبصفتهـا العاصمـة، فـلا يمـر يـوم مـن أيـام الأسـبوع إلا وهنـاك زيـارة لرئيـس دولـة أو وفـد أجنبـي أو زيـارات لوفـود إماراتيـة للخـارج. كمـا لوحـظ ازديـاد عـدد الأفـواج السياحيـة القادمة إلى الإمـارة بصـورة لافتـة.

وتـزدان أبوظـبي بالأماكن السياحيـة، فهنـاك كورنيـش أبوظـبي بجمالـه ومسطحاتـه الخضـراء، والحدائـق والمنتزهـات الحديثـة المنتشـرة فـي الإمـارة، ومسجـد الشـيخ زايـد والـذي افـتتح للمصلـيين وللـزوار مـن المسلمـين وغيرهم حيث يضم أكبر سجادة يدويه وثريا، وجزيـرة صـير بـني يـاس، وجزيـرة الفطيسـي، وجبـل حفـيت، ومتاحـف العـين وغيرهـا. وأصـبح النهـوض بالقطـاع السياحـي فـي الإمـارة والترويـج لـه هـدفا استراتيجيا لحكومة الإمارة للسـنوات المقبلـة.

نترك أبوظـبي اليـوم، علـى أمـل العـودة لهـا بعـد سـنوات - إن كـان فـي العمـر بقيـة - ولـنرى مدينـة مصـدرة للطاقـة المتجـددة وجزيـرة الريـم وجزيـرة يـاس، حـيث حلبـة سباقـات الفورمـولا 1، وناطحـات السحـاب الـتي تبنـى وتشّـيد فـي كـل مكـان مـن أرجـاء الإمـارة قـد اكتملـت، ولتتحـول الصحـراء القاحلـة بفضـل عزيمـة ذلـك الرجـل الجـواد، ونهـج أبنـاءه الكـرام، وسواعـد رجالاتهـا ونسائهـا مـن المواطـنين والمقيمـين، قبلـة للهاربـين مـن الفقـر، والباحـثين عـن الأمـل والحيـاة ، وواحـة خضـراء تديـن بالفضـل كـل الفضـل للمؤسـس الذي أقام بلدا طيبا مباركا... يعتاش منه الجميع. وليبقى التعاضد والتكاتف - الذي نادى به دائما حكيم الأمه رحمه الله - والدفع بالمزيد من الكفاءات الوطنية المسئولة وتمكينها، والاستعانة بالخبرات المخلصة للقيادة والأرض واستثمارها، ضمانة لمواصلة نجاحات الإمارة في السنوات القادمة. قـال تعالـى: (البلـد الطـيب يخـرج نباتـه بـإذن ربـه)

وإن كانـت مـن كلمـة أخـيرة لصاحـب هـذا القلـم، ولمـن عـاش بـين المواطـنين والمقيمـين لسـنوات، فـإن أكـبر دليـل علـى احـترام هـذا البلـد لحقـوق الإنسـان وحـفظ كرامتـه، هـو احتضـان قيادتـه للملايـين مـن الأجانـب، وتوفـير الحيـاة الملائمـة لهـم، مـن عمـل ورعايـة وتجارة وعـلاج، وقبولهـم مـن المجتمـع المحلـي - شعـب الإمـارات - بكـل حـب ومودة ، ما يؤكد على ذلك التسامح والتنوع والتعايش والرحمة، والتي يمتاز بها مجتمع الإمارات.

العدد 2489 - الثلثاء 30 يونيو 2009م الموافق 07 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً