في الأسبوع الماضي طالعتنا الصحف بخبر فوز فيلم «إنسانة» لمخرجه البحريني سيد هاشم شرف بجائزة التميز (Award of Merit) في مسابقة أفلام قصيرة في مدينة سان دييغو في الولايات المتحدة، كما حصل على المركز الأول في مسابقة (Snse) للعام الجاري في البحرين.
فيلم «إنسانة» يحكي كثيراً من واقع فئة من فئات مجتمعنا، يسرد مخاوفهم، يوصل مشاعرهم، يعيش حياتهم اليومية، على لسان طفلة تجيد ممارسة الحياة بما تيسر لها من أعوان ومحبين وظروف، تجعلها قادرة على الاستمرار في رسم ابتسامة على محياها، برغم كل ما تجده في واقعها الذي لا يرقى إلى طموحها أو طموح مَن حولها.
في الفيلم تسمع صوت طفلة يأسرك بعذوبته، صوتٌ ما هو إلا لسان حال طفلة لا تعرف كيف تعبر عن نفسها تماماً بذات الجدية وذات الدقة، صوتٌ يتحدث بلغةٍ فصيحةٍ وجميلةٍ من غير أن ترى وجه صاحبته المفترضة، تعيش معها الواقع بكل تفاصيله، تسمع رغباتها، أحلامها، هواجسها، ألمها، وتنكسر لأنها لا تمتلك كثيراً من الأصدقاء، ولأن مَنْ حولها قد لا يلتفت إلى كونها إنساناً من لحم ودم ومشاعر، تشعر برغبتها في أن ينظر إليها الآخرون نظرة محبة واحترام، لا نظرة شفقة أو خوف مما قد تقوم به من تصرفات غير مقصودة، وكأنهم ينتظرون اللحظة التي ستخطئ فيها، في أقل من عشر دقائق تتعرف على ما يمكن لهذه الطفلة أن تفعله، وربما تبدع فيه أكثر من غيرها كالطبخ مثلاً، كما ورد فيه، كما تتعرف على ما يحد من انطلاقها، لكنك تفاجأ بأنها، وعلى رغم كل العثرات التي تواجهها، وكل الحواجز، فإنها تمتلك أملاً يقودها إلى الحياة وسيوصلها يوماً إلى واقع أجمل، وهو ما قالته لطائرها الحبيس في قفصه: «إنهم سيثقون بهما يوماً»...
الفيلم بسيطٌ جدّاً في تصويره فقد صُوّر بواسطة كاميرا خفية في ثياب طفلةٍ تعاني «متلازمة داون» من دون علمها، وبالتعاون مع أهلها لتصور حياة الطفلة، ومعاملة البشر الحقيقية لها، كما أشارت نهاية الفيلم، وهو يحكي يوميات طفلة صغيرة عادية جدّاً، لكنه استطاع أن يأتي بفكرة جميلة، وبطريقة غير اعتيادية، واستطاع أن يصور واقعاً معاشاً يجعل المشاهد يترقب نهاية الفيلم ليعرف من هي هذه الطفلة.
استطاع الفيلم في فترة وجيزة أن يحقق جزءاً من هدفه، عندما انتشر بين الناس بشكل سريع وملفت؛ ليقول للمجتمع إن ذوي الإعاقة بشرٌ كغيرهم لهم حقوق وعليهم واجبات.
نحن بحاجة إلى مثل هذه الأفلام التوعوية التي لا تلقم المشاهد المواعظ والنصائح بشكل فجٍّ ينفر منه المشاهدون، لكنها تدغدغ مشاعرهم وتفتح أعينهم وقلوبهم ليروا ما كانوا يغمضون عنه أعينهم من غير قصد.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4426 - الأحد 19 أكتوبر 2014م الموافق 25 ذي الحجة 1435هـ
مواهب
شكرا احلام خزاعي