الحدث الإيراني كان ومازال حدثا مهمّا للمنطقة، وما جرى بعد الانتخابات الرئاسية في 12 يونيو/ حزيران 2009 سيبقى معلما للتفكير من قبل الجميع. ومهما اختلفت وجهات النظر حول مجريات الأمور في إيران، فإن الحدث الإيراني الذي غيّر وجه المنطقة قبل 30 سنة عاد لتسلّم زمام الأمور مرة أخرى، بمعنى أنه عاد ليشكل خريطة سياسية أخرى. وبالتأكيد فإن هناك تناقضات كثيرة، ومن بين تلك التناقضات أن الفضائيات العربية التي تبث التقارير عن إيران بشكل متواصل لا تستطيع أن تقدم للمشاهد العربي أي تفسيرعن المفارقة بين حيوية الشعب الإيراني وجمود الأوضاع العربية.

ويوم أمس تحدث السفير الإيراني في المنامة حسين أمير عبداللهيان إلى «الوسط» (انظر المقابلة في عدد اليوم)، وشرح وجهة النظر الرسمية، ومن حق القارئ أن يعرف مختلف وجهات النظر. فالسفير عبداللهيان اعتبر أن إيران نجحت في الوقوف أمام محاولة لإحداث «ثورة مخملية» تتخذ من الخلافات المشروعة على النتائج ذريعة لتأجيج الوضع.

بعد الانتها من مقابلة السفير الإيراني أعدت قراءة عدد من التحليلات عن الوضع من مختلف الجهات، ووجدت أن الجميع - سواء كانوا من الاتجاه الرسمي، أو الاتجاه الإصلاحي، أو الاتجاه المحايد أو العدائي - جميع هؤلاء يعتبرون ما حدث انتصارا كبيرا، يُعبّر عن «التغيير». فالرسميون يقولون إن إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد يُعبّر عن «التغيير» في إيران، والإصلاحيون ينظرون إلى المشاركة الواسعة والمظاهرات الاحتجاجية السلمية تعبيرا عن «التغيير» في الوضع، والمراقبون يقولون إن ما حدث يُعبّر عن «التغيير»... الفرق أن كل وجهة نظر ترى التغيير في اتجاه ما.

من دون شك، فإن الثورة الإسلامية في إيران العام 1979 عبّرت عن «التغيير» الكبير الذي بدأ قبل 30 سنة، وحينها انتفض الشعب الإيراني على من أسمى نفسه ملك الملوك الذي لا يدانيه أحد... والآن أيضا تحرَّك الشعب الإيراني، وبغض النظر عن التفسيرات، فإنه أثبت حيويته التي ستظل تجذب التحليلات من مختلف الاتجاهات.