العدد 4424 - الجمعة 17 أكتوبر 2014م الموافق 23 ذي الحجة 1435هـ

من «المخزون التوليفي» إلى «آداب الطعام في القاهرة»

«الثقافة الشعبية»... نَعَتْ الناصري مع آخرين...

تُواصل مجلة «الثقافة الشعبية»، تقديم العميق من تناولها المفاهيمَ والقضايا والرموز والإشارات المرتبطة بالثقافة الشعبية، في محاولة جادَّة ورصينة للاشتغال على التنويع ومحاولة مسح وتغطية المُعْتِم والمجهول والفارق وحتى أوجه التلاقي بين الثقافة تلك على امتداد الوطن العربي. اشتغالات تعيد اكتشاف واستجواب حزمة من تلك الثقافة عبر قراءات وتناولات تذهب عميقاً في استجلاء وكشف المُهْمَل والمسكوت عنه من ذلك الإرث والأساس من تلك الثقافة، إعمالاً لأدوات النقد والقراءة المحايدة الكاشفة لها.

احتوى العدد مُفتتح رئيس التحرير علي عبدالله خليفة وتناول فيه رحيل كبار اشتغلوا، اهتماماً ورصْداً وتوثيقاً للثقافة الشعبية في محيطهم وخارجه، ونعى فيه الموسيقار التونسي صالح المهدي، الذي رحل في الثاني عشر من سبتمبر/ أيلول 2014، بعد أن أثرى الحياة العربية بدوره التربوي ومؤلفاته الفنية، وترأس المنظمة الدولية للفن الشعبي، كما كان عضواً فاعلاً في المجلس العالمي للموسيقى. كما تناول المفتتح بالذكر رحيل صفوت كمال، الذي كرّس جهداً كبيراً من أبحاثه في دراسة وقراءة الثقافة الشعبية في منطقة الخليج العربي، وكذلك رحيل أسعد نديم.

وليس ببعيد عن أولئك يستحضر المفتتح الدور الكبير والرائد للفنان البحريني والموسيقي أحمد الفردان، أشهر الذين أوجدوا أكثر من صف من الفنانين البحرينيين، عازف القانون الأشهر، الذي لم يتوقف دوره عند ذلكما الدورين؛ بل في أدواره وجهوده المتصلة بجذور ونشأة الفنون الغنائية الشعبية؛ سواء هنا، في مملكة البحرين، أو خارجها ضمن الإقليم في منطقة الخليج العربي.

ويختتم خليفة مفتتحه باستعادة تجربة ودور الراوي والشاعر والمدوّن الراحل محمد علي الناصري، ذكْراً لأثره البارز «تنفيه الخاطر وسلوة القاطن والمسافر»، الذي جمع فيه نوادر الحكايات والأزجال.

وتضمن العدد موضوعات متنوعة من بينها: «الثقافة الشعبية... مخزون التوليف الثقافي والسلام بين الشعوب»، للكاتب السوداني يوسف حسن مدني، يخلص فيه الكاتب إلى أن الشعوب تحت ظروف بيئة متشابهة، دون نزوع نحو أي نوع من أن أنواع الانتشارية، تساوقاً مع تناول الكاتب ورؤيته إلى أن مخزون الثقافة الشعبية هو الشاهد على التوليف السلمي وقمة في التلاقي والتشابه بين ثقافات الشعوب.

ومن بين كتّاب العدد، نهلة شجاع الدين، وموضوعها «سبعون وسبعون مثلاً من قريتي»، تبحث فيه عملاً يحوي مئة وأربعين مثلاً يرجع تداولها إلى قرية الساتي في منطقة بني سيف العالي، التابعة إلى محافظة إب اليمنية.

المغربي، عبدالمالك أشهبون، وتحت عنوان «خصوصية الخطاب الافتتاحي في الحكاية الشعبية»، يخلص فيه إلى النتائج الآتية: هيمنة عبارة «كان يا ما كان في قديم الزمان»، لكننا لا نعدم بدايات مثل البسملة أو الصلاة والسلام على النبي. محاولة الراوي الشعبي الإيهام بأن ما يحكيه الآن قديم جداً من خلال تعابير «سالف الزمان». تداخل أزمنة الأفعال بين الماضي والمضارع؛ ما يعكس تداخلاً في مراحل القص ومستويات الفعل. وتنوع وتعدد القوى الفاعلة ما بين ما هو إنساني (الملك/الحرفي) وبين ما هو حيواني (الأسد/... الحمار...) وأخيراً ما هو قيمي (البركة والسعد).

«تشييد الدلالة في التصوّف الشعبي المغربي»، للمغربي رشيد سليماني، يركز فيه على تحليل نص «التشوّف إلى رجال التصوّف» 67 رجلاً مجهولاً، بغية الوقوف عند محطات تشييد دلالته، من جسد ومكان وتواصل، مركّزاً على محطات المكونات تلك.

الكاتبة اللبنانية حنان قرقوتي، تتناول تحت عنوان «العادات والتقاليد في بيروت»، التغيرات التي طرأت عليها بفعل العولمة وانتشا ر وسائل الاتصال والانتقالات من المكان إلى بيئات أخرى.

«الألعاب الشعبية في هيت»، عنوان مقال الكاتب العراقي عبدالرحمن جمعة ذياب، يتناول فيه عدداً من الألعاب الشائعة لدى الأطفال والفتيان والشباب، والأداء الذي يتم اتباعه، رابطاً في مقدمة مقاله بين دور المتعة والترابط الاجتماعي والمعرفي، وضرورة مراعاة الحالة الاقتصادية لشريحة واسعة في عملية ابتكار ألعاب جديدة، والدور الذي تلعبه في تطوير وتنمية القوى الجسمانية.

الكاتب الجزائري، حمدادو بن عمر وفي مقاله «ظاهرة المزارات والأضرحة بدمشق»، وبعد أن يرصد ويعرّف بعدد من الأضرحة التي وصل عددها إلى 28، يدعو في ختام تناوله إلى تسليط الضوء على دراسة ظاهرة زيارة المزارات والأضرحة دراسة سوسيولوجية وأنثروبولوجية.

يسلط خالد عبدالله خليفة، وتحت عنوان «فن العرْضة... من الفنون الاحتفالية في البحرين»، الضوء على جذور هذا الفن ومرجعيته والتعبير الأساس له، والدور الرئيس للنص الشعري والإيقاع واللحن الشجي المتكرر فيه؛ باعتباره وسيلة لتوصيل نمط من أنماط الأداء العام المرتبط بتراث القبيلة.

«آلة العُود في الحضارة العربية الإسلامية بين التنظير العلمي والممارسة الموسيقية»، عنوان مقال الكاتب التونسي عزيز الورتاني، استعرض فيه المكانة التي حظيت بها آلة العود من خلال ما تناولته المراجع العربية التاريخية، وما تطرّق له الفلاسفة العرب، واستهداف تفعيل وإبراز مكانة تلك الآلة.

ربما تكون مقالة الكاتب الأردني رائد أرناؤوط «قراءة نقدية في العَمَارة العربية المعاصرة»، من أهم ما احتواه عدد المجلة؛ إذ يتناول فيه واقع تلك العمارة ضمن مجموعة متغيرات وتحولات، مع التفاتة ونظرة تاريخية على التغير في آلية إنتاج العمارة على المستوى العالمي، مطالباً في نهاية مقاله بإيجاد توجه معرفي للنقد والفكر المعماري العربي، بحيث يضم الفئات المؤثرة في إنتاج البيئة العمرانية كافة، لتشمل معماريين ومهندسين وأطباء وعلماء اجتماع وفقهاء ومخططين وسياسيين ومعلمين وأدباء ومفكرين وفنانين وغيرهم.

ومن ضمن كتّاب العدد التونسي عماد بن صولة، متناولاً «العلامات والرموز في القرى الجبلية بالجنوب التونسي»، مستخلصاً في مقاله، أن الرموز والعلامات تلك في بيئتها المحلية الشعبية متطابقة مع العزلة الجغرافية والتمايز الإثني للجماعات المرتبطة بها، بقدر ما تبدو متقاطعة في دلالاتها وفي الكثير من محتوياتها الرمزية مع الثقافة الرسمية السائدة.

ويُفرد العدد مساحة للكتب الفائزة بالجائزة العربية للتراث للعام 2014 (الأليكسو)، ومنها: «مكنز الفلكلور» لمصطفى جاد، الذي حاز الجائزة الأولى، و «إعادة إنتاج التراث الشعبي»، لسعيد المصري، وفاز بالجائزة الثانية، و «الصهبة والموشحات الأندلسية في مكة المكرمة» لعبدالله أبكر، في المركز الثالث مناصفة و «العادات والتقاليد في دورة حياة الإنسان الفلسطيني»، لزكريا السنوار، وربا الزهار، وفاز بالمركز الثالث مناصفة، و «أيام العرب الأواخر: أساطير ومرويات شفهية في التاريخ والأدب من شمال الجزيرة العربية مع شذرات مختارة من قبيلة المرّه وسْبيع»، لسعد الصويّان، و «المزامير... المعتقد حول الموسيقى والاضطراب النفسي» لعلي الضو.

ويختتم العدد بدراسة «الطعام: أصنافه، إعداده، آدابه في القاهرة خلال العصور الوسطى» للكاتبة والباحثة البولندية باولينا لفيتسكا، وقام باستعراضها الكاتب المصري خالد عبدالله يوسف.

العدد 4424 - الجمعة 17 أكتوبر 2014م الموافق 23 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً