العدد 4424 - الجمعة 17 أكتوبر 2014م الموافق 23 ذي الحجة 1435هـ

استقطاب فكري حاد في مهرجان الدوخلة بالقطيف

حفلة موسيقية تعيد فتح الجدل بين التراث والحداثة

يعكس الجدل الحاد الذي صاحب مهرجان الدوخلة الوطني العاشر 4 - 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 في محافظة القطيف بالمملكة العربية السعودية طبيعة الصراع الثقافي بين الدوائر الدينية التقليدية والقوى الحداثية التي تحاول اختراق الجدار الفولاذي الذي يتمترس خلفه اليمين المحافظ في المملكة بشكل عام والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص التي تعد واحة تضج بمشاريع الثقافة والفكر.

وكان يمكن للمهرجان أن يمر عادياً لهذا العام لولا الحملة التي شنها اليمين المحافظ عبر أذرعه الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي ضد الحفلة الموسيقية التي رافقت المهرجان، واتهام القائمين عليه بإشاعة الانحلال الخلقي في منطقة الطهر (القطيف) كما جاء على إحدى البوسترات المناهضة للفعالية الموسيقية المصاحبة للمهرجان.

وفي هذا السياق، وصف الشاعر هادي رسول القريب من التيار الديني في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية رفض الحفلة الموسيقية الأهلية بالمهرجان بأنه تطرف غير مقبول، لافتاً إلى أنه اطلع على بعض المقاطع من الحفل من خلال وصلات الفيديو وليس فيه ما يفسد الذوق العام في المجتمع، مستنكراً ما تم تداوله من بروشرات تنعت القائمين عليه «بالمفسدين في أرض الطهر»، مضيفاً أنه رغم أن أصحاب هذه الحملة الدعائية مجهولون إلا أن لهم أصواتاً مؤيدة ومناصرة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أو على أرض الواقع.

واعتبر رسول ما يجري هو حالة صراع فكري صحية، لأن المجتمعات لا تكون حية إلا من خلال وجود تيارات مختلفة تثير رواكدها وتنفض عنها غبار الأمية الحضارية، مستدركاً «شريطة ألا تصل لمرحلة تسقيط المختلف معه وتشويهه»، معرباً عن تفاؤله بمستقبل الصراع الثقافي في القطيف الذي سيكون أكثر مرونة مع مرور الوقت ويعري بقع الظلام في الموروث الثقافي والاجتماعي.

من جانبه، اعتبر الكاتب السعودي صادق حسن أن المجتمع السعودي والقطيف على وجه التحديد تمر بمرحلة مخاض جديدة ستكسر من خلالها بعض التابو المحرم عرفاً، ككثافة الحضور النسوي في فعاليات المجتمع المدني والانفتاح الفكري النسبي وإعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الجنسين وغيرها من الأدوات التي تعبر عن الصراع القائم في المجتمع بين القيم التراثية والحداثية.

وفي هذا السياق، لفت حسن إلى أن ظاهرة الوقوف أمام الحداثة ليست غريبة في مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي إلا أن القبول بالحداثة كخيار واقعي سينتصر في النهاية مشيراً إلى أن القوى المتشددة في السابق كانت تعتبر تعليم المرأة في المدارس الحكومية العصرية حراماً، غير أنها رضخت في النهاية وقبلت فيه كأمر واقعي مسلَّم به وحاجة ماسّة في عالم اليوم.

ورأى أن ما أثاره الحفل الموسيقي في مهرجان الدوخلة سيتم القبول به في السنوات المقبلة وخصوصاً أنه هناك مراجع دينية تحلل الموسيقى شرعاً، وهو ما سيفتح المجال أمام مراجعة شاملة للخطاب الديني.

وبانتظار ما تسفر عن المراجعة الدينية والمدنية لبنائها الفكري يبقى السؤال مفتوحاً على الأفق متى تنتهي الجدلية الثنائية بين التراث والحداثة في العالم العربي؟

العدد 4424 - الجمعة 17 أكتوبر 2014م الموافق 23 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً