العدد 4423 - الخميس 16 أكتوبر 2014م الموافق 22 ذي الحجة 1435هـ

"داعش": ما الدرس الذي تعلمناه من معركة "عين العرب"؟

البي بي سي (17 أكتوبر 2014) 

تحديث: 12 مايو 2017

 

عد شهر من القتال، يقول المدافعون عن مدينة عين العرب، أو "كوباني" باللغة الكردية، إن تنظيم "داعش"أُخرج أخيرا من هذه المدينة السورية. فما الذي تعلمناه من هذه المعركة؟

1. لا تمثل عين العرب أهمية "استراتيجية".

ليس ذلك على الأقل بالمعنى التقليدي للكلمة، فهي لن تحدد مصير الحرب الأهلية الدائرة في سوريا أو حملة "التصميم الصلب" التي تقودها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) على التنظيم.

وتتمثل الأهمية الأساسية لمدينة عين العرب، تلك البلدة السورية التي تقع على الحدود مع تركيا ويعيش فيها الأكراد، في الأزمة الإنسانية التي أحدثتها المعركة من تهجير لـ 250 ألف شخص.

وكان لذلك تداعيات على علاقة الأكراد بتركيا، إذ لجأت الغالبية منهم إلى هناك. في حين أن تركيا تعمل على أن تدفع بعملية السلام قدما مع أكراد تركيا، وذلك بعد تمرد استمر لفترة طويلة.

وزادت هذه المعركة أيضا من سوء العلاقات التركية مع حلفائها، ومن ناحية أن ينتصر تنظيم الدولة الإسلامية، فإن تلك التوترات تتفاقم أيضا في أن عين العرب أصبحت هي الأقرب.

2. اختار كل من تنظيم "داعش"والبنتاغون أن يدخلا في القتال هناك لأسباب دعائية.

تأتي سوريا في المرتبة الثانية من اهتمامات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في التوقيت الحالي على الأقل.

وأشار الجنرال جون آلين، منسق الحملة، يوم الأربعاء إلى أن "الأزمة في العراق تأتي في طليعة أولوياتنا في الوقت الحالي".

وإذا كان ذلك حقيقيا، فلماذا إذن كان هناك العديد من الغارات الجوية التي استهدفت المناطق المحيطة بالمدينة؟

وتقول القيادة المركزية إنه جرى شن العشرات من تلك الغارات خلال هذا الأسبوع، وأن أربع عشرة منها وقعت ما بين يومي الثلاثاء والأربعاء.

ولا شك في أن تلك المعركة أظهرت أن أمام تنظيم "داعش"فرصة لإحراز نصر دعائي ومن ثم فإن التحالف بحاجة لأن يحرمه من ذلك المكسب.

وبغض النظر ما إذا كانت عين العرب ستصمد لفترة طويلة، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها اغتنموا ذلك كفرصة ليظهروا تضامنهم مع الأكراد ويوجهوا ضربة لعدوهم المشترك.

وبتجنب الالتزام بالإبقاء على هذه المدينة تحت سيطرته، بل والحديث ضمنيا عن إمكانية سقوطها مرة أخرى، تحاول القيادات الأمريكية نفي تحقيق أية مكاسب دعائية.

3. الطبيعة الجغرافية للمدينة لعبت دورا هاما.

كان موقع عين العرب على الحدود التركية هو ما منع وقوعها في حصار.

كما أن تضاريسها الجغرافية هي ما دفعها لتصبح حديث التغطية التلفزيونية على مستوى العالم، حيث كان الصحفيون يتابعون مسرح الأحداث للمعركة من على التلال القريبة داخل الأراضي التركية.

وسمح ذلك القرب للمقاتلين بأن يدخلوا ويخرجوا من ساحة القتال، كما أتاح لهم حجما محدودا من إعادة التجهيزات. كان ذلك الموقع ليسمح لمن يدافعون عن المدينة أن يهربوا خارجها في أسوأ الأحوال.

أما الأكراد فوجهوا عددا من الاتهامات إلى السلطات التركية على الحدود، بما في ذلك أنها منعت إرسال التجهيزات ونزعت السلاح من المقاتلين الأكراد الذين كانوا يحاولون الفرار من سوريا.

وهناك حقيقة هامة في ذلك، وهي أن هؤلاء الذين يقاتلون وراء الحدود على الأراضي السورية يمثلون أيضا ذراعا لحزب العمال الكردستاني المناوئ لتركيا على الساحة المحلية.

إلا أن الصحفيين في بلدة سوروج التركية الحدودية المجاورة التقوا عددا من المقاتلين الأكراد الذين يعبرون الحدود ذهابا وعودة.

ومن المنطقي أيضا أن ندرك أن الذخيرة لدى المقاتلين الأكراد في عين العرب كانت لتنفد في الوقت الحالي إذا لم يجر إعادة تزويدهم بها عبر الحدود.

وأخبرني أحد الأتراك أنه من المؤكد أن التجهيزات سمح لها بالعبور عبر الحدود.

كما أن هناك ملمحا مثيرا آخر فيما يتعلق بالطبيعة الجغرافية للمدينة، فمن المؤكد أن لها دورا في مساعدة التحالف على تحقيق أعلى معدل لضرباته في المدينة.

ولم يكن واضحا لفترة طويلة ما إذا كانت عمليات توجيه تلك الضربات تجري إدارتها من تركيا، أو أنها عبرت الحدود إلى عين العرب نفسها.

إلا أن معدل تلك الضربات ودقتها وعدم تحليق الطائرات بدون طيار بشكل عام في أجواء المنطقة، كل ذلك يشير إلى أن تلك الضربات كان يجري توجيهها من على الأرض.

وبالطبع، فإن كل تلك العوامل الجغرافية تبرز صعوبة تحقيق التأثيرات نفسها في مناطق أخرى داخل العمق السوري.

لقي عدد من الأكراد مصرعهم وهجر 250 ألفا جراء القتال الذي شهدته عين العرب بين قوات التحالف وتنظيم الدولة الإسلامية

4. يعطي التنظيم الفرصة لأعدائه بالإجهاز عليه بتركزه في منطقة واحدة.

تقول وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إنها تمكنت من قتل "المئات" من مقاتلي التنظيم في المدينة.

وبغض النظر ما إذا كان ذلك زيادة في التقدير، فإن التقارير الموثوقة التي صدرت خلال الست والثلاثين ساعة الماضية تشير إلى وجود انسحاب لقوات التنظيم.

فهل يعد ذلك الانسحاب مجرد إعادة تجمع أم أن موقع هذه المدينة يحمل تأثيرا كبيرا؟

وحتى الآن، تواجه الحملة المضادة للتنظيم في الحقيقة صعوبة شديدة في عمل استخبارات من شأنها أن تسمح لها بتوجيه ضربات فعالة ضده.

ويعتبر ذلك الأمر إلى جانب تفرق مقاتلي تنظيم "داعش"بين المدنيين هما السببان الرئيسيان وراء عدم إطلاق ما يقرب من 90 في المئة من تلك المهام.

إلا أنه وعندما يتجمع مقاتلو التنظيم لشن هجوم، فإن الفرص تكون سانحة للولايات المتحدة وحلفائها لضربهم.

وكان ذلك قد حدث في المنطقة المفتوحة المحيطة بسد الموصل في العراق في بدايات الحملة ضد التنظيم، ثم حدث مرة أخرى في عين العرب، إذ سمح إخلاء أغلب المدنيين بشن هجمات تستهدف مقاتلي التنظيم دون مخاطرة كبيرة بسقوط مدنيين.

ويمكن أن يكون هناك شك قليل في أن العديد أو أغلب القذائف التي أطلقت هناك كانت قد سقطت على المنازل.

كانت القوات التركية تراقب عن كثب تطور الأحداث في عين العرب

5. بصرف انتباه تنظيم "داعش"عن ساحة المعركة في غربي العراق، فإن من مصلحة التحالف أن يبقي على سيطرته على عين العرب لأطول فترة ممكنة.

وكان للمكاسب الأخيرة التي أحرزها مسلحو التنظيم في محافظة الأنبار غربي العراق أن تسببت في قلق بالغ لدى البنتاغون.

وفي هذا الأسبوع، أرسل مستشارون أمريكيون إلى بعض القواعد العسكرية العراقية التي لا تزال متماسكة في محافظة الأنبار، وقاعدة واحدة في محافظة ديالى شرقي العراق أيضا.

ويتمثل الهدف من ذلك في تنسيق جهد جوي أكثر شراسة مما هو ممكن حتى الآن.

ومن هذا المنطلق، تلجأ القوات الأمريكية إلى سلاح الجو في عين العرب بعيدا عن المكان الذي يحتاجونه فيه بالفعل، لأنهم كانوا يفتقرون إلى السبل التي يستهدفون من خلالها تنظيم "داعش"في الأنبار بنفس قوة الهجمات.

وكان لكلا الطرفين أسبابه الخاصة في استمرار القتال في هذه المدينة السورية.

إلا أن أحد تقييمات المعركة لصالح التنظيم يخلص إلى أن تلك المعركة كانت طويلة وصعبة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً