العدد 4423 - الخميس 16 أكتوبر 2014م الموافق 22 ذي الحجة 1435هـ

صعوبة الحياة بعد ايبولا: شهادة ناجية من الكونغو

ماذا سيحل بنا الآن بعد أن نجونا من ايبولا؟ تسأل ماري بونغو الكونغولية البالغة من العمر 58 عاماً والتي تجد صعوبة في العيش بين الأحياء.

بعد ثلاثين يوما من الصراع مع المرض، شفيت ماري وسمح لها بمغادرة المركز الصحي لمنظمة "اطباء بلا حدود" حيث يعالج مرضى ايبولا في لوكوليا على بعد حوالي 800 كلم شمال شرق العاصمة كينشاسا.

ولكن معاناتها لم تنته بعد خروجها من المستشفى الميداني المقام تحت خيمة كبيرة في قلب الغابة الاستوائية. فبعد عودتها الى الحياة، اكتشفت ان الحمى النزفية قضت على معظم أفراد عائلتها وعدد كبير من أهلها. فقد قتل المرض ثمانية من أبنائها التسعة واثنين من أحفادها واختها وأحد أقربائها. ولحسن حظها نجا زوجها.

ولا تتذكر ماري كيف نقلت الى المستشفى الميداني، لكنها تقول "شعرت بالاعياء، وظننت انني مصابة بالملاريا أثناء مشاركتنا في جنازة".

والآن وبعد أن خرجت تقول "لم أر أيا من افراد عائلتي الذين رافقوني الى المستشفى، لقد ماتوا جميعا في غيابي".

وماري من بين 12 ناجيا من ايبولا الذي قتل 43 شخصا منذ نهاية تموز/يوليو في منطقة معزولة في شمال غرب جمهورية الكونغو الديموقراطية.

بعد شفائها، عادت ماري الى قريتها ايتوكو على بعد نحو عشرة كيلومترات الى الجنوب من لوكوليا ولكنها سرعان ما غادرتها.

وعن ذلك تقول "لم احتمل غياب ابنائي". وتضيف موجهة السؤال لمراسلة فرانس برس وكأنها تتوجه للمجتمع بأكمله ""ماذا ستفعلون بنا؟"

ويتولى الطبيب النفساني لدى وزارة الصحة اوليا بالايي مساعدة الناجين من ايبولا للاندماج في المجتمع، حيث "تلحق بهم وصمة" في معظم الاحيان في مجتمع الادغال القروي.

ويقول "لا يوجد لديهم كهرباء ولا تصل المياه الى المنازل ولا طرق معبدة. السكان يجهلون كل شىء عن الحداثة التي وعدت بها الحكومة في اطار برامج التنمية.

ويقول بالايي "ايبولا مرض مخيف. الخوف مفهوم لكن لا ينبغي المبالغة".

ويقوم عمله على اعداد الناجين "لمواجهة ردود فعل الناس عندما يعودون الى مجتمعاتهم" وجعل الناس يفهمون ان الناجين "عادوا طبيعيين وانه لا ينبغي عزلهم".

ويقول بالايي الذي رافق ماري عندما عادت الى قريتها "لكي اثبت انها لم تعد تشكل خطراً عليهم، قمت بمصافحتها أمام الجميع".

وتختلف نسخة ايبولا المنتشرة في لوكوليا عن تلك التي تنتشر في دول غرب افريقيا، وهي سابع موجة تشهدها الكونغو الديموقراطية منذ اكتشاف الفيروس في 1976.

ويقول بالايي انه تم في الماضي تسجيل الكثير من حالات "الاكتئاب" لدى المرضى بعد شفائهم.

وعندما لم تتمكن من البقاء في قريتها، عادت ماري بونغو الى لوكوليا حيث تطوعت للعمل في المركز الذي عولجت فيه.

وبما ان الناجين تتكون لديهم مناعة ضد الفيروس، فقد بات بوسعها الاقتراب من المرضى بلا خوف، في حين يضطر باقي العاملين في المركز لارتداء الملابس الواقية لتفادي اي تلامس مع المرضى أو افرازاتهم.

واهتمت ماري في البدء بالاطفال ابناء المرضى الذين كانوا ينتظرون أهلهم في المركز. ومنذ بضعة ايام، باتت تهتم بطفل وضع في "العزل" بسبب الاشتباه باصابته.

وخارج حدود الشريط البلاستيكي البرتقالي اللون، ينتظر زوجها بوكومو ايروجي المستعد دائما لدعمها ومساعدتها على نسيان صعوبات عملها.

ويقول ايروجي الموظف في الصليب الاحمر "سنعيش معا من جديد، انها زوجتي. اشكر لله على شفائها. لا اخشى الحياة معها".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً