العدد 4422 - الأربعاء 15 أكتوبر 2014م الموافق 21 ذي الحجة 1435هـ

عائلة محمد المحظوظ... لا يأس مع الحياة

في زيارة لي لإحدى الدول العربية، تعرفت على عائلة يلقبها سكان منطقتهم بعائلة محمد المحظوظ. هم أسرة مكونة من أب وأم يبلغان من العمر 60 عاماً وأربعة أبناء أكبرهم نور (30 عاماً) مصاب بإعاقة بصرية، وفاطمة (25 عاماً) مقعدة، وياسين (20 عاماً) مصاب بالتوحد، وأخيراً ليلى (18 عامًا) وهي من الصم، علما أن والديهم الحاج محمد والحاجة أم نور هم من الأصحاء بينما أبناؤهم الأربعة هم من الفئات الخاصة التي تحتاج إلى رعاية واهتمام، وهم من العوائل الفقيرة التي تعيش في منطقتهم.

الحاج محمد رزق بأبنائه الأربعة بعد انتظار دام عشر سنوات، فهو لم ييأس من رحمة الله كما أخبرنا، بل كان الأمل والثقة بالله يتقدمان جميع أعماله... للحظة قد تسأل نفسك لماذا لقب بـ “المحظوظ” وهو يكفل عائلة مكونة من أربعة أفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة وهو فقير وكبير في السن؟!

هو لم يقدم اليأس على الأمل في حياته، بل جعل من الثانية نهجاً ليطمئن على مستقبل أبنائه، إذ استطاع أن يجعل من نور المصاب بإعاقة بصرية مدرساً للعلوم الدينية يتتلمذ على يده عدد من الطلاب ممن يريدون دراسة العلوم الدينية، وهو قارئ للقرآن ترتاح لسماع صوته جوارحك... ومن فاطمة المقعدة خياطة ماهرة ترتدي من تصاميمها بنات منطقتها، ومن ياسين المصاب بالتوحد مزارع تنمو بذور الفاكهة النضرة بأطراف أنامله، ومن ليلى مصورة محترفة يقصدها القريب والبعيد لتلتقط له أجمل الصور.

الحاج محمد المحظوظ عرف مواهب أبنائه فسعى لتنميتها ورسم لكل واحد منهم مستقبله، هو وضع اللبنة الأولى أمامهم ليبنوا مستقبلهم وما عليهم إلا المضي ليحققوا إنجازاتهم.

في مجتمعنا البحريني لدينا نماذج كثيرة من أمثال عائلة محمد المحظوظ التي لم تيأس من الحياة مع أول العثرات مع أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيما في المقابل هناك عوائل تسعى بأن لا يعرف أحد بأن لديها أبناء من هذه الفئة الخاصة... هم أسر قليلة ونادرة ولكنهم يعيشون بيننا، فهم يسيئون معاملة هذه الفئة على رغم أن القوانين التي تسير عليها مملكتنا تحترم هذه الفئة وتسعى لخلق البيئة المناسبة لهم.

لتلك العوائل التي تحرج من الاعتراف بأن ابنها وابنتها من ذوي الاحتياجات الخاصة نقول: توكلوا على الله وقدموا الأمل والثقة بالله لتكسروا حواجز الإعاقة لأبنائكم وتمهدوا لهم طريقاً مبسوطاً بالورود... اسعوا لأن تخلقوا من إعاقتهم موهبة ومهناً يبدعون بها فتكون مستقبلاً لهم... وأخيراً اجعلوا جملة لا يأس مع الحياة أمامكم أين ما ذهبتم ومهما واجهتم من صعاب.

مناهل

العدد 4422 - الأربعاء 15 أكتوبر 2014م الموافق 21 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً