أعلن قبل يومين عن فوز الكاتب الأسترالي ريتشارد فلانغان بجائزة «مان بوكر» البريطانية، عن رواية «الطريق الضيق لعمق الشمال».
الموضوع استوحاه الكاتب من تجربة والده الذي عاش أسير حرب لدى الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية. والجانب الغريب في الأمر أنه استمر في كتابة الرواية 12 عاماً حتى أنضجها، وانتهى منها يوم وفاة والده الذي رحل عن 98 عاماً، حيث كان يؤرّقه رحيل أبيه قبل أن يتمّها. وقد أهداها إلى السجين سان باكو جوغو لإحياء ذكرى والده الذي عايش هذه التجربة في السجون اليابانية، وكان يرمز إليه بالسجين رقم 335.
أحداث الرواية، كما جاء في المقتطفات الخبرية عنها، تجمع بين قصة حب رائعة وبين معاناة الإنسان وحياة المحاربين، وتجري أثناء بناء خط سكك الحديد في بورما (ميانمار) خلال الحرب الثانية. وربما ينتظر القارئ العربي شهوراً أو سنوات، قبل أن يقرأها مترجمةً إلى العربية، وحين يتاح لها مترجم قدير يمكن حينها تذوقها والخروج برأي فيها.
خلال تسليم الجائزة، قال رئيس لجنة التحكيم: «هذه الرواية الرائعة مكتوبة بطريقة أنيقة، وهي تجمع بين الشرق والغرب، الماضي والحاضر في قصة تعكس البطولة والإحساس بالذنب». وأضاف: «إنها رواية رائعة حول الحب والحرب، وهما الموضوعان الكبيران منذ بدايات الأدب. وهذا هو الكتاب الذي وُلد ريتشارد فلانغان لكتابته».
الأدب الروائي ملأ اليوم المكان الذي كان يحتله الشعر لقرون طويلة. وفيما خصّصت بعض المجلات الأدبية بعض أعدادها، أو أفردت ملفات كاملة لمعالجة قضايا الشعر وأسباب تراجعه، فإن الرواية تتقدّم كل يوم وتكسب أرضاً جديدة، خصوصاً مع تمتعها بفرص التحوّل إلى أعمال تلفزيونية أو سينمائية، وهي ميزةٌ لا يحظى بها الشعر.
الرواية تتيح لنا العيش في عوالم واسعة، نتقمص شخصيات الأبطال والروّاد، نعايش معاناة الفقراء في الأحياء البائسة، ونتعرّف على أنواع من الأشخاص والشخصيات، بعضها ممن نلقاهم في حياتنا كل يوم. والرواية بحور واسعة من المشاعر والأحاسيس والحوارات الداخلية مع الذات، وهي القاطرة التي تقود اليوم قطار الأدب وتدخله كل بيت ومجمع.
والأدب العظيم وليد المعاناة العظيمة، وهي سر خلود الكثير من الأعمال الأدبية الكبرى، كما في الأدب الروسي والفرنسي والإنجليزي خلال القرنين الماضيين؛ والأدب اللاتيني في العقود الأخيرة أيضاً، حيث خضعت دول أميركا الجنوبية والوسطى لحكم العسكر والجنرالات الطغاة.
العالم العربي يمر اليوم بمخاض عسير، حيث عادت الأنظمة الدكتاتورية للإمساك بزمام الأمور بعد عامٍ واحد من انتفاضات الربيع العربي في بعض الدول العربية، وابتليت شعوب عربية أخرى بأبشع أشكال الحركات بربرية وهمجية على شاكلة «الخمير الحمر»، فاستباحت الدماء والمقدّسات، وأعادت العالم العربي إلى عهود الجاهلية، وأخذت تتفاخر بإعادة أسواق النخاسة وتحويل النساء إلى إماء، في قلب المشرق العربي، الذي خرجت منه الديانات السماوية الكبرى، حيث جاءت لتحرر الإنسان من عبودية الجهل والهوى.
المعاناة الكبرى أولدت أدباً عظيماً في أميركا اللاتينية في العقود الأخيرة أسهم في التغيير السياسي، فهل تستولد المعاناة العربية بالمثل أدباً عظيماً، مع كل هذا الخراب والقتل الجماعي والاضطهاد الديني والتمييز الطائفي والعرقي؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4422 - الأربعاء 15 أكتوبر 2014م الموافق 21 ذي الحجة 1435هـ
اللهم
اللهم فرج عن مساجين البحرين المظلوومين
رائع وجميل ومؤثر
موضوع شيق وأحسنت أيها الكاتب ياريت نتعرف ع القصة ولربما عندنا قصص حدثت لشعبنا والشعوب المستضعفة أفضع منها ....