لم تكن الخيمة الأخيرة في جولتنا في مهرجان الدوخلة بالقطيف يوم السبت الماضي خيمة يمكن المرور بها مرور الكرام، من غير أن تطبع في الذاكرة والوجدان شيئاً جميلاً وغيرةً لتكون نواة لمشروع مشابه لدينا في وطننا أيضاً.
كان القائم الأساس على الخيمة هي جمعية خيرية بالقطيف، حملت عنوان: «مشروعي الصغير»، لكنها لم تحمل مشاريع صغيرة أبداً، أي لم تكن صغيرةً بما احتوته من دهشة ودقة واهتمام؛ فقد كانت مشروعاً فريداً من نوعه في المنطقة إذا نظرنا إلى الفئة المستهدفة فيه، إذ استهدف الأيتام ومحدودات الدخل من الفتيات ممن تبدأ أعمارهن بالعاشرة ولا تتجاوز السابع عشرة فقط.
مشروع بهذا الحجم يرنو إلى خلق جيلٍ واعٍ بما يمتلكه من مواهب تغنيه عن مدِّ يديه للمساعدات الاجتماعية التي تأتي ببساطة ومن غير مجهود؛ إذ ضم عدداً من الأماكن كانت بمثابة متاجر صغيرة، البائع في كل منها طفلةٌ تقابلك بابتسامة وفرح، وتشرح لك ما تبيعه بكل ثقة وفخر، ابتداءً من المشروبات المأكولات وصولاً إلى الإكسسوارات التي كن يصنعها بأنفسهن. وما أثار اهتمامنا هو الركن الأخير الذي ضمّ طفلةً لم تتجاوز العاشرة تبيع «سينبون» أجادته بعد أن بحثت عن طريقة عمله في الانترنت!
نعم... الانترنت الذي يعتبره أقرانها فسحةً للعب والتسلية، كانت تحاول أن تجعله يداً تساعدها لتكفيها مد يديها لغير الله، ونجحت بالفعل في تحقيق ذلك من خلال هذا الركن الصغير الذي علّمها الاعتماد على نفسها، والانطلاق في مشروعها لمدة عشرة أيام، حتى أن أحد رجال الأعمال الذي ساهم في إنجاح المشروع باع لها قطعتين من السينبون في مزاد وصل سعرهما إلى 600 ريال سعودي!
حين يتعلّم الطفل منذ نعومة أظفاره الاعتماد على نفسه وكسب لقمة عيشه من عرق جبينه من خلال مواهب يمتلكها وهوايات يحبها، من غير التأثير على دراسته الأهم، فإنه سيعتاد على هذا السلوك، وسيكون نواةً لجيل يعرف كيف يدير الأزمات التي يمر بها، كهؤلاء الفتيات اللاتي فقدن آباءهن أو اللاتي انحدرن من أسرٍ محدودة الدخل، كما سيتعلم كيف يبدأ مشروعه، خصوصاً أن الجمعية لم تقم بتمويلهن فقط وإنّما عمدت إلى تدريبهن لمدة ثلاثة أسابيع قبل فترة المهرجان، حيث علمتهن خلالها كيف يتعاملن مع المشتري، وكيف يروّجن لبضائعهن بحرفية، وكيف يتعاملن مع الزبائن من فئة الرجال، وهن بنات مجتمع محافظ لا يسمح للمرأة بالتعامل المباشر مع الرجال.
نتمنى أن نجد مشروعاً مماثلاً لدينا في البحرين لنخلق جيلاً قادراً على إعالة نفسه منذ صغره، وأن نسمع الجواب ذاته من أطفالنا المحتاجين في وطننا الذي سمعناه من إحدى المشاركات حين سألتها إحدى المنظمات في الخيمة: لو خيّرناك بين عملك هذا وبين الحصول على إعانة الجمعية الشهرية بسهولة... أيهما ستختارين؟
لقد اختارت فتاتنا أن تعمل بعرق جبينها عوضاً عن حصولها على مساعدةٍ من غير جهد!
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4422 - الأربعاء 15 أكتوبر 2014م الموافق 21 ذي الحجة 1435هـ
شكراً لكم
يد الخير ممدودة في كل مكان، والأفكار الجميلة أيضاً في كل مكان. فعندما تحمل الأيادي الممدودة تلك الأفكار الجميلة ينتج منها الخير الكثير.
شكرا أختي
كلامك لا مس قلبي
و دمعت عيني
حسيت بحب عميق و انا محرومه منه.?. محتاجة احد يمد يده عشان نعيش
صح
هذا المشروع يبين معدن الشخص
لخلق جيل معتمد ع نفسه
نتمنى نشوف هذا النوع ب بلادي