العدد 4420 - الإثنين 13 أكتوبر 2014م الموافق 19 ذي الحجة 1435هـ

الشيخ حسن العصفور: رحيل الوالد خسارة يندر تعويضها... وحياته بدأها من الصفر

قال نجل الفقيد الشيخ حسن الشيخ أحمد العصفور، في لقاء مع “الوسط”: “إن رحيل الشيخ العصفور، الذي صنع نفسه بنفسه، يشكل خسارة فادحة يندر تعويضها”، مؤكداً في الوقت ذاته أن العصفور “لم يحصل على كل ما لديه حالياً من مكانة علمية واجتماعية بارزة، على طبق من ذهب، حيث كابد ضنك العيش وبدأ حياته من الصفر”.

وتحدث عن الدور البارز للفقيد في حمل راية عائلة العصفور، معتبراً أن عقوده التسعة شكلت منعطفاً بارزاً في تاريخ العائلة العريق.

كما بيّن عزم العائلة على المضي قدماً في إنجاز مشاريع تحمل اسم الفقيد، موضحاً أن العائلة تتداول حالياً جملة أفكار على رأسها انشاء معهد خطابي، كونه صاحب مدرسة في الخطابة الحسينية وكونه عميداً للمنبر الحسيني في البحرين. وفيما يلي اللقاء:

مسيرة الفقيد الممتدة على مدى 9 عقود، لاتزال بحاجة للمزيد من البحث والتوثيق، وقد اختتمت أمس برحيله، فكيف تصفون حجم الخسارة؟

- كان سماحة الوالد رحمه الله، ومنذ أوائل نشأته، يتيماً بعد فقده للأب وهو لم يبلغ سن الرشد، كما فقد حنان الأم فعاش يتيم الأب والأم، وانتقل على إثر ذلك لمناطق مختلفة وفي بيوت عدة من بيوت الإيمان، بين دراكليب وعالي، ومنها للمنامة حتى وصل للمحرق وسترة، فكان دائم التنقل وعاش وحيداً لا اخوة له أشقاء.

بعد ذلك عاش الوالد فترة طويلة تقارب الثلاثة عقود في العراق، وكان يتنقل بين مدنها المقدسة ويحرص على خدمة الزوار وهو لايزال في مقتبل العمر.

وفي السياق ذاته، فإن صعوده للمنبر كان وهو صغير في السن، وكان يتنقل كثيراً للقراءة في المناطق الساحلية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، وله آثار كثيرة هناك تنقل عنه، بما في ذلك المواقف والخدمات والتوجيه والقراءة.

كما كان ملازماً للإمام الحسين (ع)، منذ بداياته حتى يوم وفاته، حيث كان دائم القراءة، ولم يعتزل المنبر إلا لضعفه ومعاناته الصحية، ورغم ذلك فقد كان ينتهز الفرص للقراءة بشكل أو بآخر.

نعلم أن حياة الوالد لم تكن سهلة، فهلا حدثتنا أكثر عن ذلك؟

- حياته كانت صعبة، حيث لم يحصل على الرعاية اللازمة في صغره، وظل يتيماً وصنع نفسه بنفسه، ولا خلاف هنا على الاسم الكبير للجد الشيخ خلف العصفور، إلا أن الشيخ لم يستفد من كل ذلك في تحصيله العلمي وفي كل ما حققه لاحقاً.

ويمكن القول ان الوالد بدأ حياته من الصفر، حتى تمكن من الوصول لكل ما نراه من مكانة علمية مشهود لها، وأدوار اجتماعية بارزة.

هذا يعني أننا أمام قصة كفاح بمستوى متقدم...

- بلاشك، وحتى الجانب الذي تركه والده الشيخ خلف العصفور، لم يستفد منه بسبب خلافات معينة، بل يمكننا القول انه لم يجد كل ما لديه حالياً على طبق من ذهب، ولم يبق له كما أشرنا من تركة والده إلا الشيء البسيط.

وخلال مسيرة الكفاح هذه، بلاشك هنالك محطات بارزة...

- حياة الوالد كما أسلفنا حملت الكثير من المشقة، ولم يكن فيها راحة، حتى أنه في تنقلاته بين المناطق الساحلية بين العراق وإيران، لم يكن يملك أجرة النقل، وكان يقرأ لهم، أما سكنه فكان يتشاطر الدار التي قطنها المرحوم سيدعلوي الغريفي.

وعاش هذه الفترة الصعبة وهو يكافح من أجل طلب العلم، وتكفل بجانب ذلك، برعاية أخيه الذي يصغره الشيخ عبدالحسين العصفور.

على مدى التاريخ العريق لعائلة العصفور، كيف هو موقع العقود التسعة التي حمل رايتها الفقيد الشيخ أحمد؟

- معروف هو الدور الرائد للعائلة في المرجعية الدينية في البحرين، ويشمل ذلك الشيخين يوسف وحسين العصفور، إلى جانب الشيخ خلف الذي تواجد في البحرين لفترة بسيطة.

أما الوالد الشيخ أحمد العصفور، فله يعود الفضل في إبراز اسم العائلة وخاصةً في السنوات الأخيرة، حيث تمكن من تثبيت المكانة المرموقة على مستوى المنطقة، وكان لتردده على تلك المناطق للقراءة دور في ذلك، كما كان يحتفظ بعلاقات شخصية على صعيد زملاء طلبة العلم، من أقرانه، بالإضافة لسفراته للعديد من الدول الخليجية.

وبالنسبة لنشاطه في البحرين، فهو غير خافٍ على أحد، ولا نبالغ حين نقول ان عقد قران ثلث البحرينيين من كبار السن كان على يد الوالد، وأذكر أنني كنت أذهب معه ليصلي ليلة الخميس في قرية داركليب وليلة الجمعة في قرية سماهيج وبين القريتين مسافة شاسعة.

أما بقية الليالي، فكانت توزع على مناطق مختلفة في البحرين، ولم يقتصر على أداء الصلاة بل كان يضيف لذلك المحاضرات التوجيهية والإرشادية.

هذا يعني أننا أمام خسارة فادحة، قياساً بكل هذه العطاءات...

- الخسارة فادحة وكبيرة، وكنت شخصياً أتنقل معه في الفترات السابقة دون أن أطيق الجهد الكبير الذي يبذله، حيث يذهب صباحاً للمجلس لاستقبال الناس ثم للمحكمة ليباشر الدور القضائي المناط به، ثم يعود ماشياً للمحلات في المنامة ليجالس أصحابها، وتدور بينهم أحاديث علم وتفقه، ويذهب بعدها للصلاة، وهنا أنوه بمشاهدتي له وهو يحرص على عدم ترك الصلاة جماعة رغم تقلبات الأحداث، ولم يمنعه عن ذلك إلا سوء حالته الصحية.

ثم يعود بعد ذلك، للبيت ليستريح وتناول وجبة الغداء، ويختار كتاباً ليقرأه وبعد ذلك يخرج عصراً ليزور الناس ويعودهم، ثم يتجه للمسجد لأداء الصلاة بحسب البرنامج الموزع على مختلف المناطق في البحرين، وبعدها يتجه لعقد القران حال وجد، وهكذا حتى تأتي الساعة الـ12 ليلاً، وكان برنامجه يسير على هذا النحو بشكل عام، حتى أننا كعائلة كنا لا نراه إلا قليلا.

وفيما يرتبط بالحديث عن خسارته، فمنذ إعلان خبر وفاته، لاتزال الاتصالات تترا من مختلف البلدان، وكانوا يصرون على تأخير تشييع الجنازة، مؤكدين أن الفقيد والد للجميع وليس لعائلة العصفور فقط.

وبجانب كل ذلك، فقد امتاز الوالد، بقلب كبير لا يحمل كرهاً لأحد حتى مع من يختلف معه، وكان حريصاً رغم كل الظروف على التواصل مع الجميع.

لو انتقلنا لنبأ الرحيل، فلنسأل عن طبيعة وقعه عليكم كعائلة؟

- آه... ترك لنا ذلك فراغاً كبيراً... وفي آخر حياته، تحديداً قبل 3 أيام من وفاته، كان يشعر بدنو أجله، وكان يردد دائماً وصاياه، مركزاً على الصلاة وصلة الرحم، كما حرص على ان يختتم حياته بترديده للأبيات الحسينية، وبقي على ذلك حتى رحيله.

هل نفهم من ذلك أننا أمام شخصية يصعب تعويضها؟

- بل يندر التعويض، فأنت تتحدث عن شخصية ملمة ولها تاريخ بعيد يمتد على مدى 9 عقود ولاتزال فصولها بحاجة للبحث والرصد، ويمكننا القول انها لم تستثمر بشكل كامل، وذلك عائد بالدرجة الأساسية للظروف الصعبة التي مر بها الوالد، وتسبب في عرقلة بعض نشاطه.

يقال “من خلف ما مات”، وللشيخ ذريته المشار لها بالبنان...

- وإن، فقد ترك لنا الوالد ونحن 4 أشخاص، تركة ثقيلة جداً يصعب الوفاء بكامل حقها، وحتى في حياته كنا نعجز عن مجاراة نشاطه وهو يتقدم في السن ويعاني من الأمراض.

بلاشك أن لديكم أفكارا لاستثمار هذه التركة...

- لدينا مداولة لبعض الأفكار، ومنها تطوير على جانب الحوزة، والاستمرار في إصدار الكتب، إضافة إلى تأسيس معهد للخطابة باسم الوالد، كونه امتاز بمدرسة خطابية خاصة به، ولا يقتصر ذلك على الموضوع بل حتى على أسلوب النعي، ومريدوه في ذلك تجاوزوا حدود البحرين.

العدد 4420 - الإثنين 13 أكتوبر 2014م الموافق 19 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:11 ص

      الى رحمة الله والد الجميع

      بِسْم الله الرحمن الرحيم أنا لله وانا اليه راجعون لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم أعزي جميع عايلة العصفور والشيخ حسن العصفور لوفاة والده ووالد الجميع لقد فقدت البحرين رجل عظيم رحمك الله يا شيخنا يا والدنا وإذا مات عالم ثلم الاسلام

    • زائر 4 | 3:59 ص

      لن يعوض اباخلف

      رجل بهذه الصفات والميزات والإخلااااااااااااااااااااااااااااااااااص لايتكرر كثيرا

    • زائر 3 | 1:40 ص

      ابو خلف فقده خسارة لا تعوض

      فقدنا بفقده أب حنون ومربي ومعلم وراعي للتعليم الديني في قرية بوري كما إن خسارة فقده لا تعوضها شيئ

    • زائر 2 | 1:06 ص

      رحمك الاله

      اتذكر عندما اراه وهو ماشيا من المحكمه ( القضاء الشرعي ) مارا بشارع باب البحرين الي مسجد الخواجه ليؤم المصلين بصلاته ظهرا ، رحمك الله رحمة الابرار

    • زائر 1 | 12:52 ص

      رحمه الله

      فقده خسارة كبيرة للوطن

اقرأ ايضاً