يُشيَّع في تمام الساعة الثالثة من عصر اليوم الإثنين (13 أكتوبر/ تشرين الأول 2014)، جثمان العلامة الشيخ أحمد بن الشيخ خلف العصفور، بدءاً من مجلسه بقرية بوري، وانتهاء بجامع عالي، حيث سيوارى الثرى بمقبرة عالي.

ومن المقرر أن تقام مراسم العزاء، بدءاً من يوم غد (الثلثاء)، حيث سيخصص مأتم الحاج حسن العالي بقرية عالي للرجال، فيما سيكون مجلس الفقيد بقرية بوري مخصصاً للنساء.

وكتب وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة على حسابه في «تويتر»: «رحم الله فضيلة العلامة الشيخ أحمد بن خلف العصفور، فقدت البحرين رجل علم، تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جناته»، كما كتب وكيل وزارة العدل خالد عجاجي: «يفقد الوطن بوفاة فضيلة العلامة الشيخ أحمد بن خلف العصفور رجل علم عُرف بالوسطية والكلمة الطيبة الجامعة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه جنته».

وكانت حالة الفقيد الصحية تدهورت قبل يومين، وذلك بعد معاناة مع أمراض السكر وضيق التنفس والضغط، نقل على إثرها إلى المستشفى العسكري مساء الجمعة الماضي، حيث وافته المنية عن عمر ناهز 90 عاماً.

ويكتسب الشيخ تفرده وخصوصيته، بشمولية علمه، حيث اشتغاله في القضاء، كونه مستشار المجلس الأعلى للقضاء، إلى جانب إمامته لصلاة الجمعة بجامع عالي، علاوةً على اهتماماته الشعرية والأدبية.

القاضي... والخطيب... والأديب... يرحل مخلفاً 7 أدوار محورية

العلامة العصفور يُودِّع منبره... ويُشيَّع اليوم لمثواه الأخير في عالي

الوسط - محمد العلوي

يُشيَّع في تمام الساعة الثالثة من عصر اليوم الإثنين (13 أكتوبر/ تشرين الأول 2014)، جثمان العلامة الشيخ أحمد بن خلف العصفور، بدءاً من مجلسه بقرية بوري، وانتهاء بجامع عالي، حيث سيوارى الثرى بمقبرة عالي. ومن المقرر أن تقام مراسم العزاء، بدءاً من يوم غد (الثلثاء)، حيث سيخصص مأتم الحاج حسن العالي بقرية عالي للرجال، فيما سيكون مجلس الفقيد بقرية بوري مخصصاً للنساء.

وكتب وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة على حسابه في «تويتر»: «رحم الله فضيلة العلامة الشيخ أحمد بن خلف العصفور، فقدت البحرين رجل علم، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته»، كما كتب وكيل وزارة العدل خالد عجاجي: «يفقد الوطن بوفاة فضيلة العلامة الشيخ أحمد بن خلف العصفور رجل علم عُرف بالوسطية والكلمة الطيبة الجامعة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه جنته».

فيما كتب الوزير السابق مجيد العلوي: «رحم الله العالم الجليل عملاق المنبر وعميد القضاء، ووالد الجميع الشيخ أحمد العصفور، وألهم آله ونحن الصبر والسلوان، إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِليْه راجِعُون».

وكانت حالة الفقيد الصحية تدهورت قبل يومين، وذلك بعد معاناة مع أمراض السكر وضيق التنفس والضغط، نقل على إثرها إلى المستشفى العسكري مساء الجمعة الماضي، حيث وافته المنية عن عمر ناهز 90 عاماً.

إلى ذلك، وفي أجواء من الحزن والبكاء، قالت عائلة الفقيد في حديثها المقتضب مع «الوسط»، إن «العصفور كان عميداً وحضناً وأباً لجميع أفراد العائلة، فعلى امتدادها داخل وخارج البحرين، كان الشيخ حريصاً على التواصل مع أفرادها بلا استثناء».

وبينت أن «الشيخ كسب حبَّ الناس، بمن فيهم أولئك الذين اختلفوا معه، ودليل ذلك حجم التأثر الذي طال الكثيرين بعد انتشار نبأ الوفاة».

كما قالت إن «الشيخ اتسم باحتضان من هم حوله ومن يلجأ إليه طالباً النصح أو المشورة، وكان دائم التشجيع والتحفيز، أما قضاء حوائج الناس فكانت له مساعيه الخيرة فيها والمشهودة في هذا المجال، وكان يبذل كل ما في وسعه لمساعدة الناس وأصحاب الحاجات».

ويكتسب الشيخ تفرده وخصوصيته، بشمولية علمه، حيث اشتغاله في القضاء، كونه مستشار المجلس الأعلى للقضاء، إلى جانب إمامته لصلاة الجمعة بجامع عالي، علاوةً على اهتماماته الشعرية والأدبية.

وعرف عن الشيخ العصفور، رعايته وتقديمه الدعم إلى عدد من المشاريع والمؤسسات الدينية والعلمية، بما في ذلك مشاريع التعليم الديني في عدد من المناطق.

بدوره، قال عضو مجلس الشورى علي العصفور: إن «رحيل العم الشيخ أحمد العصفور، خسارة لا تقتصر على عائلة آل عصفور، بل تمتد لتشمل البحرين والأمة الإسلامية، فالشيخ هو أحد كبار علماء وخطباء هذه الأمة، وله مكانته البارزة والأدوار المشهودة على جميع الأصعدة».

وأضاف «من بين ذلك ما يتعلق، بإثرائه المنبر الحسيني، وكان حتى آخر أسبوع من حياته يعطي المنبر بقدر ما تسعفه صحته، آخرها كان مجلساً حسينيّاً قدمه قبل 10 أيام تقريباً في ديوانية آل عصفور بالدراز، وكان كمن يريد توديع المنبر بما تبقى من أيام في حياته، معبراً بذلك عن الارتباط الوثيق بينه وبين الخطابة الحسينية».

وتابع «الأهم من ذلك، أنه وهو في المستشفى مساء أمس الأول (السبت)، أي قبل وفاته بساعات، تناسى الفقيد ما يمر به من صعوبات صحية، وجعل يردد الأبيات الحسينية وهو على السرير يتلقى العلاج، مستحضراً بذلك ما يمكن أن يفد على الله برثاء سيد الشهداء».

من جانب آخر، قال العصفور: «إن الفقيد كان معروفاً بقضائه، وآخر مناصبه التي تقلدها في هذا الإطار، مستشاراً للمجلس الأعلى للقضاء، أما سياسيّاً فقد كان له دوره الواضح، والذي لا يأخذ فيه إلا جانب النصح المبين سواءً للحكومة أو الشعب، ولم يبتغِ من وراء ذلك إلا مرضاة رب العالمين».

توثيق الشيخ لسيرته... المشروع غير المنجز

مع رحيل الشيخ أحمد العصفور، يكون مشروع توثيق الشيخ لسيرته الممتدة عبر 9 عقود من الزمن، وبصورة مباشرة رحل دون عودة، ووفقاً لتأكيدات عائلته، فإن «فكرة التوثيق هذه راقت للشيخ وكان عازماً بالفعل على الشروع بذلك، لولا الحالة الصحية التي اعترته في آخر سني حياته وحالت بينه وبين المضي قدماً في المشروع».

وتضيف العائلة «مشروع التوثيق هذا، كان له أن يخلد ويحفظ الكثير من تفاصيل حياة الشيخ وسيرته»، مستدركة «لكننا هنا نوجه جزيل شكرنا للمؤلف البحريني محمود طرادة، الذي قدم مجموعة كتب تتناول فيها سيرة الشيخ، معبراً بذلك عن مجهود مشكور لترجمة حياة الفقيد رحمه الله».

وفي كتبه، يوثق طرادة للعديد من المواقف والمحطات التي شكلت علامة بارزة في حياة الشيخ العصفور، واصفاً إياه بـ»الكنز المتناثر، والذي لايزال بحاجة للجمع والاستكشاف»، منوهاً بالقصص الكثيرة التي تملأ ذاكرة الشيخ، مضيفاً «لا أبالغ حين أقول إن لديه على كل موقف قصة يستشهد بها».

طرادة الذي قدم 3 كتب، تناول من خلالها سيرة الشيخ بطرق متباينة، يوضحها بالقول: «الكتاب الأول جاء تحت عنوان (قصص العصفور)، وقد ضمنته 173 قصة التقطتها بصورة مرتجلة، ثم واصلت جمع أكثر من 400 قصة، جمعتها في كتاب (قصص وذكريات – سماحة العلامة الشيخ أحمد الشيخ خلف آل عصفور)».

وأضاف «أما الكتاب الثالث، فهو عبارة عن ديوان شعري عنوانه «طموح النفس»، وطريقة تكوينه جاءت بدايةً بملاحظتي لما يمتلكه الشيخ من الكم الكبير من القصائد، بعضها متفرق، وبعضها مكتوب على أغلفة الكتب، وقد باشرت التنقيب عنها في مكتبته، وتحصلت على مجموعة كبيرة، وحين جمعتها في ديوان وقدمته إلى الشيخ، تعجب كثيراً، وتساءل: ديوان من هذا؟».

وبجانب ذلك، قام طرادة بجمع عدد من الدفاتر، أكد أنها تقارب الـ 120 دفتراً، تم جمعها في كشكول جاهز للطباعة، وقد أسماه حصائل الأيام، متضمناً كل ما يصلح للنشر من بحوث تاريخية وفقهية وقصص وبحوث عقائدية، لينتج عن ذلك دائرة معارف حقيقية. كما يمتلك عدداً من القصص تصلح بعد جمعها إلى أن تكون جزءًا ثالثاً من كتاب قصص وذكريات.

الأدوار المحورية والاستراتيجية للفقيد

وبحسب طرادة، فإن المتأمل لسيرة الفقيد الراحل الشيخ أحمد العصفور يرصد له دوراً محوريّاً أو استراتيجيّاً كان له وقعه وأثره على خارطة المتغيرات على مختلف الأصعدة الدينية والاجتماعية والسياسية.

وأوضح ذلك بالقول: «هنالك سبعة أدوار محورية للفقيد، بدايتها تمثلت في فتح باب الابتعاث للدراسة في النجف، حيث يُعتبر الشيخ العصفور أقدم العلماء هجرة بالمقارنة مع جيله، فقد سبق جميع أقرانه هجرة لطلب العلم من النجف الأشرف، في وقت كان الفقر سيد الموقف».

وأضاف «كما عمد الشيخ العصفور إلى مخاطبة الكثير من الجهات في محاولة لتقديم العون إليه، حيث كانت أملاك والده محجوزة في دائرة أموال القاصرين، فهاجر الهجرة الأولى للدراسة بصحبة عمه الشيخ إبراهيم المبارك وسكن معه في غرفة صغيرة في مدرسة الخليلي»، مبيناً أن «العصفور يكون بذلك أول من افتتح باب الابتعاث للدراسة في حوزة النجف الأشرف، وليعقبه الكثير من العلماء».

وفي حديثه عن الدور المحوري الثاني، قال طرادة: «يتمثل ذلك في الدور الخطابي، حيث تربع الفقيد الراحل على عرش الخطابة الحسينية في البحرين، بل ذاع صيته وصوته في جميع المناطق المجاورة، وامتطى فرس التفوق في هذا الميدان، من خلال مدرسته الخطابية التي بناها لنفسه»، لافتاً إلى أن «هذه المدرسة الخطابية تمتاز بالبساطة وعدم التكلف، واتخاذ قاعدة (ما يخرج من القلب يصل إلى القلب)».

وذكر طرادة أن العصفور، وكدورٍ محوري ثالث، تولى القضاء الشرعي في عصر الانحسار، على حد تعبيره، منوهاً بتوليه للقضاء الشرعي بعد وفاة الشيخ محمد علي آل حميدان مباشرة، «فأصبح ثالث ثلاثة، الشيخ عبدالحسين الحلي والشيخ منصور الشيخ محمد سلمان الستري وهو ثالثهم، وكان التحاقه بالقضاء، في وقت انحسر فيه من هو قادر على تولي هذه المهمة الصعبة».

وأضاف «القضاء وحده قصة طويلة ترصد الكثير من المواقف المختلفة، والتي انتهج الفقيد فيها مختلف الحالات في التعامل معها، فبعد أن انتهت الحقبة التي تعين عليه فيها تولي القضاء نرصد له الكثير من القصص مع بعض المتنفذين، وكيف تعامل معها بحزم وجدية، كما نرصد في بعض مراحل سيرته القضائية اعتراضات عديدة وصلت إلى تقديم الاستقالة أكثر من مرة، نمتلك بعضًا من وثائقها».

وتابع «أما الدور الرابع، فيتركز في الجانب الاجتماعي، حيث شكل الفقيد علاقات وطيدة مع جميع علماء عصره وجميع طبقات المجتمع، فكان فيهم كأحدهم، فلا يخلو مجتمع أو عزاء أو تشييع أو افتتاح مسجد أو مأتم من حضوره، وهو أول من شكل تجمعًا علمائيًّا شارك فيه جميع العلماء، وذلك لإدارة الأمور التي تتطلب موقفًا علمائيًّا».

وتطرق إلى ما أثاره هذا التجمع العلمائي من حفيظة لدى المستشار تشارلز بلغريف آنذاك، موضحاً أن «التجمع استمر، على رغم ذلك، ولمدة طويلة في عقد اجتماعاته الدورية في منزل الشيخ في كثير من الأوقات، ومن ضمن المواقف التي نمتلك بعضًا من وثائقها، المطالبة بإصلاحات معينة في بعض مفاصل الدولة».

وخلص إلى أن «الدور الاجتماعي للفقيد يتعلق بخلق أجواء اللحمة الواحدة، وتأصيل مبادئ الوحدة، والعمل بشمل مشترك وبالعقل الجمعي، دون تصنيف لطبقات العلماء أو العامة، ما يعكس دورًا اجتماعيًّا يمثل المواطن البحريني الأصيل».

وفي سرده، لبقية الأدوار، قال طرادة: إن الشيخ أحمد العصفور تولى إمامة الجمعة بعد وفاة عمه (والد زوجته الأولى) الشيخ إبراهيم المبارك سنة 1979، في وقت نضبت فيه الجمعة في البحرين، فكان الشيخ ممن يصر على إقامة الجمعة وترسيخ قواعدها والدعوة إليها، فقد دعمها في أوقات ضعفها في سترة وجدحفص وبارك إقامتها في مناطق متعددة.

وأكد أن المتتبع لخطب الفقيد يرصد بشكل واضح الدعوة الإيمانية الناصعة بأسلوب ارتجالي لا يخلو من الانتقادات والمعاتبات، فقد كانت الخطب في وقت نضوب مصادر المعرفة تعتبر دائرة للمعارف الدينية مع ما يشملها من مخاطبات وجدانية للتسديد تارة، وللتثبت تارة أخرى.

كما استعرض ما أسماه المرجعية التاريخية، والتي تمثل وفقاً لطرادة دوراً محوريّاً سادساً في حياة الشيخ أحمد العصفور، مضيفاً «عاش الشيخ العصفور تسعين عامًا، قضاها بين الناس بحكم أدواره المتعددة، بدءًا من الخطابة وعقود الزواج وانتهاء بالقضاء والجمعة والجماعة، وبالتالي فهو مرجعية تاريخية للكثير من الأحداث والقضايا، وشاهد الكثير من الشخصيات وجالسها وربما لن تجد لها معاصرًا».

وختم طرادة حديثه، بالإشارة إلى الدور الثقافي، لافتاً إلى أن الفقيد قام بتقريظ عدد كبير من المؤلفات، وألقى عددًا كبيرًا من كلمات التأبين أو خطابات المناسبات، كما قام بتأليف مجموعة من الكتب أبرزها كتاب «معركة المسلمين في التاريخ» الذي جاء انتقادًا لبعض التحركات المتطرفة التي تسعى لإلقاح الفتنة بين أبناء البيت الواحد.

ونوه بالأسلوب المعتمد من قبل الفقيد في الكتابة، موضحاً أنه «جاء سيالاً لرأب ذلك الصدع، كما كانت له إسهامات على صعيد الشعر جمعتها في ديوان صغير تحت مسمى «طموح النفس» وهو في خمسة أبواب.