الكل يدعي الديمقراطية إجماعاً حول اللفظ، إلا أن الافتراق يسود حول المعنى والجوهر، ومن ثم الممارسة. فالكل يتصافح ويهز الأكُفَّ، توافقاً وتعاضداً نظرياً، حول منطوق العديد من مبادئ الديمقراطية، وحين الممارسة ينخرط عقد الديمقراطيين، إلى الطائفيين وإلى المتمصلحين من اللحظة السياسية، وإلى اليائسين الخائرين لسطوة الحكم، وإلى المستسلمين للواقع السياسي غير الديمقراطي، في ظل مقولة «فن الممكن»، لتبرير ذلك الاستسلام.
على سبيل المثال لا الحصر، مبادئ مثل حفظ الكرامة الإنسانية، التي تتمثل في حقوق الإنسان، المتعارف عليها أممياً، أقلها في المواثيق والعهود المختصة، والتي صادقت عليها الدول المعنية ومنها مملكة البحرين، وضَمَّنَت تلك النصوص الأممية في الدستور وفي القوانين المحلية، ومن أهمها المساواة في الحقوق والواجبات، وفي مقدمة الحقوق تلك المدنية والسياسية، فكيف لاثنين أن يختلفا حول الإجابة على سؤال، هل حقاً السلطة حافظت على كرامة المواطن، وكفلت «الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه، والحق في اختيار نوعه»، وهل «... المواطنون سواء في تولي الوظائف العامة»، وهل «كفلت الدولة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية في البلاد»، وهل «حفظت للمساكن حرمتها»؟ أم تم كسر أبوابها وتسلق جدرانها كما تظهر ذلك مشاهد الفيديو المنتشرة، بدلاً من عدم «جواز دخولها أو تفتيشها بغير إذن أهلها، إلا استثناء في حالات الضرورة القصوى». وهل هذه الضرورة القصوى انطبقت على كل المعتقلين أثناء القبض والتفتيش، وماذا عن التحقيق والتوقيف في السجون، هل كان «محظوراً إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً».
وهل هناك مساواة حقيقية بين المواطنين، أم أن هناك تمييزاً، فما يحاسب عليه طرف جراء فعل، لا يحاسب عليه طرف آخر، لتختلط معايير الفرقة والتمييز، بالعقاب لهذا والتشجيع والحماية لذاك. والأدهى أن هناك من يأتي فعلاًً يُعاقب عليه القانون، ولكن ينال هذا الفاعل خير الجزاء، لأنه محسوبٌ على طرف بعينه، غزوات أسواق جواد مثالاً، لتقسيم المجتمع إلى قلة موالاة من المقرّبين، ميسرة كل أمورهم؛ وإلى كثرة معارضين متصدية لهم الدولة، بتخصيصها كل الأجهزة المختصة للقبض وإصدار الأحكام وتنفيذها، وأيضاً النيل منهم حتى قبل إصدار أحكام القضاء، عبر الآلة الإعلامية الرسمية، بما فيها «تلفزيون العائلة الخليجية»، وكذلك هناك أيضاً أناس غير راضين، عن التجاوزات الرسمية.
وإزاء ذلك تجد أحد مدّعي الديمقراطية يشجّع، أو أقله يصمت عن ممارسات القمع، كون المعني ليس من حزبه، أو ليس من مذهبه، أو حَكَم صاحبنا على نوايا يفترضها، ولا يعلمها إلا الله، يضعها في مصفوفة متراصة، لتوصيف تهمةٍ لشنق الآخر.
وهناك مبادئ الديمقراطية في أنظمة الحكم السياسية، بمنطوق مثل «نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً»، و»العدل أساس الحكم... والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين... تكفلها الدولة»، وهذه الدولة الكافلة تتمثل في السلطات الثلاث، كل باختصاصها، في التشريع والتنفيذ والقضاء.
وكذلك الفصل بين السلطات واستقلالها عن بعضها في الاختصاص، سواء التشريعي أو القضائي أو التنفيذي، «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات، التشريعية والتنفيذية والقضائية...».
فهل هناك فصل للسلطات، حين تختص السلطة التنفيذية، بوضع أنظمة الانتخاب وإدارتها، بما ينتج عنها نصف السلطة التشريعية عدداً، وأقل من الربع تمثيلاً للإرادة الشعبية، وقبلها توزيع خريطة الأصوات الانتخابية، في دوائر بعدد النواب المنتخبين لكل منطقة انتخابية، لا معيار جغرافي ولا اجتماعي لها، بل معيار طائفي وسياسي يخدمان السلطة التنفيذية بالأساس، لإيصال نواب بمواصفات واستعدادات وتَقَبُّل أن يكونوا بما وصفتهم إحدى الوزيرات، وقد كانت محقة، فهم لا حول لهم ولا قوة، ولا يملكون إرادة التشريع الحرة، وبعضهم قطعاً يعلمون ذلك، بحكم التجربة، والبعض في حال اهتمّ وقرأ الدستور ومحصه فيما يتعلق بقوة الصوت التشريعي لمجلس النواب، حتى في حالات الإجماع المستحيلة، بسبب الآلية المنصوص عليها في الدستور لإصدار التشريعات والقوانين فما بالك بحال نتيجة السيطرة الحكومية وتحكمها في مخرجات الانتخابات، بأدوات أصوات منتسبي بعض جهاتها، وتفصيلها الدوائر الانتخابية على قياس مواليها ومنتفعيها.
ويخرج علينا بعضٌ ممن نعتبرهم ديمقراطيين، ليهدم على نفسه كعبته الديمقراطية، ويسأل تفلسفاً: وما جدوى الامتناع عن الانخراط في العملية الانتخابية، ما دامت السلطة ماضية فيها، بدخول المعارضة أو بدونها. وليته أجاب نفسه بسؤال، ماذا يستطيع المعارض من داخل قبة المجلس، أن يمنع من تشريعات تريدها السلطات، أو يُشَرِّع بما لا تريد، وليصرح بأمانة، إن لم يكن وضعه في المجلس إلا مُستخدَماً، بإرادته أو دونها لتحقيق إرادة السلطات، وسنُجِلَّه عن موضوع الراتب والمزايا التقاعدية كاستفادة شخصية.
وهناك من الديمقراطيين، من وقف برجلٍ على الضفة الحكومية، وبالأخرى على الضفة الشعبية.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4407 - الثلثاء 30 سبتمبر 2014م الموافق 06 ذي الحجة 1435هـ
ما أجمل كلامك
كلام جميل يبرد الجراح لنحس أن لازال هناك اناس طيبون
محب الوطن. 1355
مساء الخير دكتور أتمنى من جريدة الوسط أن تجمع بين الشيخين العزيزات المحمود وعيسى قاسم فهذا بداية الحل فهل يستجيبون ومجمع الفاتح مع الوفاق عند ذالك يستطيع الشعب بجميع أطيافه انشاء الله أن يحل مشاكله المزمنه
بعيدا عن التشنج !
ونا جدوى مصارعة طواحين الهواء وبيع الأحلام الوردية لأبناء الوطن وعلى الأقل تواجد المعارضة في البرلمان وكشف الفساد وأدواته واكتسابهم صفة المعارضة الشرعية والحصانة البرلمانية حسب الطرح الأخير للدكتور علي فخرو خير من إلصاق تهم التخوين بهم من قبل توافه العوام والمسترزقين من الكتبة
محب الوطن 0935
صباح الخير أستاذنا هل يعقل أن تحل مشاكل البحرين بالجمعيات الطاءفيه هلا لا يعترفون بالديمقراطية هولاء فتنه يحاربون بعض والشعب ضايع بينهم يسيرون باسم المذهب الناس هائلا ينتجون داعش وأشكالها فيجب إلغائها وتكوين جمعيات مدنيه من جمع الأطياف وإنشاء الله نصير بخير
الحكومة طلقت الشعب الاصيل
اكيد لابد ان تنعدم الديمقراطية
في العالم اجمع مركز الشرطة هو الامان الا في البحرين
اتروح اتبلغ لحفظ حقوقك تلقى نفسك مطلوب القبض عليك بعدة قضايا والسبب غياب العدالة والديمقراطية واستغلال النفوذ
ليس بعد هذا الوصف ما هو ادق منه
استاذ يعقوب لقد وصفت حال البلد بدقة ، و ليت اهلنا في البحرين عندما ينظرون إلى موضوعات السياسة يتجردون عن الانا الفردية الانانية ليرتقوا إلى الأنا الاجتماعية ، فيقدرون الانسان بما هو انسان لا بما هو من هذه الطائفة أو تلك أو هذه القبيلة أو تلك
الازمة في البحرين جدا عميقة
تعادي طائفة بأكملها تودع اولادهم السجون تداهم منازلهم تفصلهم تجوعهم تهددهم فقط لانهم طالبوا بالمساواة وامن للجميع وعدالة وحقوق لذلك الازمة تتعمق يوم بعد يوم
ما يستطيع المعارض أن يعمل؟
لا أحد غير النظام من خلال من يعنهم و يدعمهم يستطيع عمل أي شي. واهم من يقول خلاف ذلك. فما الفائدة من دخول البرلمان؟
احسنت مقااال رائع
لقد قلت مايجول بخاطري
البحرين صغيرة ومأسيها كبيرة
ويتجلى ذلك في غياب العدالة وما اريكم الا ما ارى
اصبحت البحرين من الدول ذات القبضة الامنية
4000الاف سجين والعدد في ازدياد واحكام قرقوش لفئة معينة غابت الديمقراطية
كلام حقيقي وموزون وحقائق تدين المتجاوزين
كلام حقيقي يعطي توصيف لحجم الديمقراطية المزيفة لدينا وأقول سيدي الكاتب هل يجب علي السكوت وأقول جوابي لا ساتحرك سلميا في جميع الاتجاهات داخليا وخارجيا فهذا الزمن ليس للحكم الشمولي سينتبه العالم الحر وتتغير موازين كثيرة لكن الأهم هو النضال السلمي هنا فنحن مستمرين سيدي حتى إحقاق الحقوق كمواطنة نتساوى جميعا بغض النظر عن المذهب والأصل والدين شكرًا لك