حين تفشل «الدولة المدنية»في صورتها الخادعة والمُشوَّهة - عربياً وإسلامياً - في تحقيق الحدِّ الأدنى من متطلّباتها وشروط تحقّقها على الأرض واستمرارها، فليس من المُستغرب أن يجد جانب من التطرُّف بيئة خصبة، وتتعدّد وتنقسم الولاءات في حالات أخرى، ويظل الحنين إلى الدولة الدينية في كثير من الأحيان مناكفة وخياراً مُلحّاً حتى لو تعدّدت مظاهر ومضامين فشل ذلك الخيار والنموذج في أكثر من بلد وقِطْر.
وحين تفشل «الدولة الدينية»في صورتها الانتهازية والخادعة فيما شهدنا ونشهد؛ فليس مُستغرباً أن يجد الإلحاد منافذ له ولو ضمن جيوب محدودة. العلّة هنا ليست في الدِّين بقدر ما هي علّة الذين يتصدَّوْن باسمه، ويرسمون مصائر الناس تحت مظلته.
بحكم متابعتي المستمرة لمعظم أطروحات المفكر الإسلامي عدنان إبراهيم، لفت نظري وأكّده حوار مع قناة «الجزيرة»وتحديداً في برنامج «في العمق»الذي يقدِّمه الزميل علي الظفيري. البرنامج تناول، فيما تناول، وبشكل رئيس ملامح الدولة المدنية ومرونتها وقدرتها على التحرّك ضمن الاشتراط التعاقدي»بين الدولة والجماهير، في صيغة أخرى للبيعة التي ترتبط - دينياً - بمظهرين للوحي؛ أو مرجعيتين هما القرآن والسنة، لكن حتى مع وجود الوحي زمن النبي عليه وعلى آله أفضل الصلاة السلام؛ لم يكن ما يصدر عن النبي في شأن الدولة وإدارة شئونها في الجانب الإداري في كليّاته هو من الوحي. كان التعاطي في الشأن الدنيوي متعلقاً بإجراءات هي من صميم الشأن نفسه. تبقى العقوبات في الجرائم؛ مما ينظّم حياة الناس ويحقق طمأنينتهم واستقرارهم؛ شأناً مرتبطاً بالمرجعيتين المذكورتين؛ مع انتفاء أسباب وجود الجرائم تلك.
إذاً، هي في صيغة من الصيَغ دولة مدنية. تحدّث عن فترة الخلافة الراشدة مسلّطاً الضوء على اختراقات دستورية. الأول هو ما يشبه اقتراح التعيين، والآخر عدم تحديد المدّة الزمنية التي يقوم فيها الخليفة بمسئولياته. ضوابط الشرط التعاقدي كما يراها في طرحه.
في ما نشهد اليوم؛ عجزت «الدولة المدنية»- عربياً وإسلامياً - والتي من المفترض أن توجد مقاربة حتى في ما يتعلق بـ «الإسلام مصدر رئيس من مصادر التشريع»بين خيارات الناس، في مجتمعات مسلمة في غالبيتها، في شكل الحكم وإجراءاته وقوانينه؛ دون أن يكون منفصلاً عن طبيعة الزمن وتحولاته؛ وبين الإجراءات والعقوبات التي لا سلطة لها ولا حق تنفيذ بوجود الأسباب التي تدفع إلى وجود الجرائم، كأنْ تكون سرقة في فقر يطول مجاميع كبيرة؛ وزنا في مجتمعات يصل سن الزواج فيها إلى سن الأربعين؛ وغيرها من العقوبات والتعزيرات.
«دولة مدنية»مازالت تتحدّث باسم الله إذا تعلق الأمر بالمؤسسة، و”دينية»هي ظل الله في الأرض بممارسات لا علاقة لها بالله وما جاء به خاتم الرسل.
الفهم السائد والمغلوط والنمطي أيضاً، أن الدولة المدنية تنشأ بالضرورة لإفساد العقائد وعزل الناس عن دينهم؛ وأنها صورة من صور تمييع المجتمعات والذهاب في منظومتها التشريعية إلى إحداث توافقات تُوَازِنُ بين أمزجة الناس وما يريدون. ذلك فهم ثابت لدى الذين يغالطون في فهم وتفسير والتعاطي مع «إِن الحُكْمُ إلا لله»(الأنعام، 57)، الشعار القديم الذي رفعه الخوارج، ويجد امتداده في الفهم والتفسير والتعاطي حتى يومنا هذا.
ما فجّره عدنان إبراهيم في تلك الحلقة يتلخّص في تبيان تلك المغالطة في الفهم والتفسير والتعاطي لدى الخوارج ولدى المعاصرين ممن يذهبون مذهبهم أو بدرجة أقل من ذلك. الخلاصة: أن الآية المذكورة تتحدّد وتقتصر على مبدأ العقوبات والتعزيرات؛ ولا تعني لا من بعيد ولا من قريب شكل وإجراء الحكم في «الدولة”.
نحن إزاء برزخ إن لم يكن جرْفاً في النموذجين؛ مرة بالاحتكار؛ ومرة بالتلاعب والخديعة في النموذجين. في ظل غياب إرادة الجماهير وخياراتها، والقسْر والتمييز الذي يُمارس على فئاتها أو بعض فئاتها، وفي ظل غياب تفعيل المُوَاطَنة، والقوانين التي تقمع تلك الجماهير؛ مما هو ليس من عند الله من جهة؛ وليس متوائماً مع حقوق ومتطلبات وشروط تحقق تلك المواطنة من جهة أخرى؛ عدا انفصاله عن طبيعة الزمن والتحولات التي يشهدها العالم.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4405 - الأحد 28 سبتمبر 2014م الموافق 04 ذي الحجة 1435هـ
الدولة العلمانية
الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة هي الحل في البحرين اما غير هذا فهو عبث فلا السني يقبل بالعمامة و الشيعي سيقبل باللحيه الطويلة
المتمردة نعم
الاعتدال والوسطية في كل شيء .التزمت في الدين وفرض القوانين بالاجبار يورث اجيال مكبوتة مشحونة عقد وكذا التحرر والانحلال اللامنطقي غير المشروط يورث اجيال منحلة غير منتجة فاقدة للبوصلة .وفي البحرين كلبنان لا تنفع الدولة الاسلامية لانها خليط من طوائف واختلافات عقائدية واعني بذلك الليبرالية دواء لداء البحرين .سلمت اناملك يا استاذ