العدد 4403 - الجمعة 26 سبتمبر 2014م الموافق 02 ذي الحجة 1435هـ

قبل 80 عاماً ولدت «سينيسيتا» الإيطالية... الاستثمار في الخيال

أسَّس موسوليني سينيسيتا بداية لأغراض دعائية
أسَّس موسوليني سينيسيتا بداية لأغراض دعائية

يكون الفن في كثير من الأحيان مدْخلاً يجد فيه «الجنرال»... الطاغية... بابه المشرع على التحريف والتزوير وتجميل الواقع. يحدث ذلك كثيراً. الفن يجيد الاستدراج. أسهل طريقة لاستدراج الجماهير ووعيهم هو عبْر ذلك السحْر (السينما)!

لم يعمد العسكري الفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني إلى تأسيس أستوديوهات للسينما (أستوديو أفلام سينيسيتا) (مدينة السينما) في العام 1937، إشباعاً لنهم الفنان فيه؛ ربما يكون الفن آخر اهتماماته. كان يبحث عن تصدّر الأدوار والمواقع، كما الحال معه في المعارك والحروب التي ستعصف باستقرار العالم. أسّسها في ذلك الوقت لتقوم بدور الدعاية لنهجه والمسار الذي انسجم معه. على الجانب الآخر، كان هتلر في ألمانيا طرفاً في ذلك الانسجام. لم يوفر هو الآخر الدعاية في هذا المضمار. حمل مشروع “سينيسيتا” في أول ظهوره شعار “السينما هي السلاح الأقوى”، وستكون كذلك، وخصوصاً في تلك المرحلة الحرجة من التاريخ.

التقرير الذي نشرته صحيفة “إنترناشيونال نيويورك تايمز” وكتبته إليزابيتا بوفوليدو، لا يتطرّق إلى موسوليني باعتباره أحد الذين خرّبوا طمأنينة العالم. يتطرّق إليه - مروراً - باعتباره مؤسساً للمشروع مع ابنه فيتوريو. إنها الذكرى الثمانون لتأسيس “سينيسيتا”. هنا خلاصة ما جاء في التقرير:

في تاريخها الذي يقرب من 80 عاماً، من تاريخ إعادة إحيائها في خمسينيات القرن الماضي، استدرجت شركة أستوديو أفلام سينيسيتا أعظم المخرجين في العالم، وأكبر نجوم السينما إلى العاصمة الإيطالية (روما)؛ ما أكسبها لقب هوليوود على نهر التيبر.

حظوظ الأستوديو الآن في تراجع وحافته متهرّأة، آملاً في اجتذاب بعض الزوّار الأقل شهرة عندما يتم افتتاح “سينيسيتا العالمية”، وهو متنزه جديد مكرَّس لعصر الشركة الذهبي.

رئيس مجموعة الترفيه الإيطالية، لويجي أبيتي، والتي تسيطر على الأستوديوهات، و “سينيسيتا العالمية”، قال للصحافيين: “إذا أرادت إيطاليا أن يكون لها مستقبل فعليها أن تجلب مواطني العالم إلى روما للتمتع بالجمال في تعدّده”، بما في ذلك المتنزه التابع إلى الشركة.

وأضاف “نحن نستثمر في مجال الترفيه، باعتباره الطريق السريع للتنمية في إيطاليا”.

المعالم السياحية وركوب الخيل وغيرها من مواقع الأنشطة مستوحاة من بعض آلاف الأفلام التي تم تصويرها في أستوديوهات روما. ستجد هناك استلهاماً حتى لأنواع السباغيتي المحلية في عدد من المواقع، وكذلك مسلسلات المغامرة والإثارة. بعض الموسيقى المصاحبة، في حفل الذكرى الثمانين، تم تأليفها من قبل الفائز بجائزة الأكاديمية إنيو موريكوني، المعروف بعشرات من الأفلام التي لا تنسى من كلاسيكيات “سينيسيتا”، بما في ذلك فيلم سيرجيو ليون “حدث ذات مرة في الغرب”، الذي تم إنتاجه وعرضه في العام 1968، وكتب السيناريو ليون بالاشتراك مع سيرجيو دوناتي، وقام الأول بإخراجه، ووضع القصة داريو أرغنتو، وبيرناردو بيرتولشي، وسيرجيو ليون نفسه. وأدّى دور البطولة فيه هنري فوندا، فرانك كلاوديا كاردينالي، جيل ماكباين، تشارلز برونسون هارمونيكا، جايسن روبرتس شاين، وتولّى التصوير السينمائي، تونينو ديلي كولي، والموسيقى التصويرية، إينو موريكون، فيما حرر الفيلم، نينو باراغل، وجوسيبي تورناتور بعمله “مالينا”، الذي لعبت فيه مونيكا بيلوتشى دور مالينا، وجوسيبي سلفارو دور الفتى الرواي.

وقال المساهم الرئيس للمجموعة المستقلة، لويجي أبيتي: “كان الاستثمار في المتنزه يصل إلى نحو 250 مليون يورو (338 مليون دولار)، ويقع على بعد 16 ميلاً إلى الجنوب الغربي من الأستوديوهات”.

وبحسب تصريح أبيتي، يأمل المتنزه في البداية جذب نحو 1.5 مليون زائر سنوياً، بما في ذلك الامتداد من مركز تجاري شهير على الطريق”.

من جهتها، قالت، نائب الرئيس للعمليات الأوروبية في الرابطة الدولية لمدن الملاهي، كارين ستالي: “هم من ذوي الخبرة في صوغ عوالم الخيال. ينبغي أن يعتمد اسم أستوديوهات سينيسيتا على الزوّار”. وأضافت “السوق الأوروبية ناضجة، لذلك فإن رؤية المتنزه الذي يجري بناؤه في روما، مثيرة للغاية”.

وقالت ستالي: “إن موضوع سينما المتنزهات عموماً يحظى بشعبية، وبينما أستوديوهات يونيفرسال - فلوريدا بأورلاندو قد تكون أشهرها، فإن هذا النوع يمتلك سجلّاً حافلاً في أوروبا”. واستشهدت بثلاثة متنزهات ألمانية: واحد في ميونيخ ومتنزه السينما الألماني في منطقة الراين ومتنزه بابلسبيرغ السينمائي في بوتسدام.

ولكن بناء “سينيسيتا العالمية” واجه انتقادات هنا؛ إذ عانت صناعة السينما مالياً لسنوات. وشكَت النقابات العمّالية خصوصاً من أن الاستثمار في المتنزه يفوق بكثير مجموعة التقييمات المستقلة والشركات التابعة لها، وقد تم الاستثمار في الأستوديوهات منذ أن تمّت خصخصتها في العام 1997، 67.6 مليون دولار. كما تخطط الشركة إلى استثمار آخر يصل إلى 338 مليون دولار لتوسيع الحديقة مع إنشاء محميّة طبيعية، ومركز للبرامج الصحية؛ بحسب تصريح أبيتي.

يذكر، أن شركة أفلام سينيسيتا، هي عبارة عن أستوديو سينمائي كبير في روما، التي تعتبر محور السينما الإيطالية. تم بناء الأستوديوهات خلال العصر الفاشي كجزء من مخطط لإعادة إحياء صناعة السينما الإيطالية. في خمسينيات القرن الماضي؛ وبإنتاج عدد من الأعمال الدولية أدّت إلى أن يطلق على روما اسم هوليوود.

تم تأسيس الأستوديوهات في العام 1937 من قبل بينيتو موسوليني وابنه فيتوريو، وترأس قسم السينما لويجي فريدي. لم يتم التأسيس فقط لأغراض دعائية، تحت شعار “السينما هي السلاح الأقوى”، ولكن أيضاً لتعزيز صناعة السينما المتميّزة التي كانت تعاني في ذلك الوقت من أزمة. افتتح موسوليني نفسه الأستوديوهات في 28 أبريل/ نيسان 1937، وتم تشييد وحدات الإنتاج. في ذلك الوقت المبكّر، تم إنتاج أفلام كشفت عن التقدم التكنولوجي للأستوديوهات، مثل: “سكيبو الإفريقي” في العام 1937. وشارك سبعة آلاف شخص في تصوير مشهد المعركة في الفيلم، وتم جلب الفيَلة الحيّة كجزء من إعادة سنوات معركة زاما. وقد قُصفت الأستوديوهات من قبل الحلفاء الغربيين خلال الهجوم الجوي على روما في الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب، بين عامي 1945 و1947، استخدمت أستوديوهات “سينيسيتا” كمعسكر للنازحين لمدّة عامين تقريباً، بعد الاحتلال الألماني، وقصف قوات التحالف التي دمّرت أجزاء من الأستوديو.

عاش في الموقع فترة الحرب ما يقدر بنحو 3 آلاف لاجئ، وتم تقسيمه إلى: معسكر الإيطاليين، ومعسكر النازحين من احتلال ليبيا ودالماتيا الكرواتية (منطقة على الساحل الشرقي من البحر الأدرياتيكي، تقع معظمها في كرواتيا الحديثة)، والمعسكر الدولي، الذي ضم أعداداً من اللاجئين من يوغوسلافيا وبولندا ومصر وحتى إيران والصين.

بعد زمن أصبح الأستوديو أكثر ارتباطاً بالكاتب والمخرج الإيطالي فيديريكو فيليني (مخرج أفلام إيطالي. ولد في 20 يناير/ كانون الثاني 1920 بمدينة ريميني بإيطاليا، وتوفي في روما، في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 1993 بعد إصابته بنوبة قلبية. بدأ في كتابة السيناريو، لمخرجين آخرين، منذ 1943 وحتى 1952).

يشار إلى أن السينما الإيطالية بدأت بعد بضعة أشهر من مباشرة الإخوان لوميير عرض الصورة المتحركة. كان أول فيلم إيطالي بطول بضع ثوانٍ؛ إذ ظهر البابا مباركاً الكاميرا.

ولدت السينما الإيطالية بين 1903 و1908 مع ثلاث شركات: سوشيتا إيتاليانا سينيس، وأمبروزيو فيلم، وإيتالا فيلم. سرعان ما تبعتها شركات أخرى في ميلانو ونابولي. في وقت قصير، وصلت الشركات الأولى إلى نوعية إنتاج جيدة وبيعت بعدها الأفلام الإيطالية إلى الخارج.

العدد 4403 - الجمعة 26 سبتمبر 2014م الموافق 02 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً