بعد سكون وصمت طويلين، خرجت أميركا لتبشر عالمنا العربي بأنها ستقود حلفاً عالمياً لمحاربة إرهاب “داعش” في العراق! كما أعلنت في الوقت نفسه أنها ستقف إلى جانب الفصائل السورية المعتدلة لكي تمكنها من مقاتلة “داعش” في سورية، وكذلك مقاتلة جيش الأسد، ولكنها أكدت أن حربها وحلفاءها مع “داعش” قد تطول عدة سنوات!
صنّفت أميركا وغيرها “داعش” بأنها منظمة إرهابية - ونتفق معها في هذه التصنيف - كما أكد وزير خارجيتها جون كيري أن “داعش” تمارس أعمالاً لا تتفق مع الاسلام، وأيضاً نتفق مع جون على ما قاله، وقد قلته قبله ومراراً، ولكن هناك قضايا يصعب علينا فهمها وتحتاج من الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته إلى توضيحها، ليس لي وحدي بل لكل المسلمين في العالم، فهم مثلي في أمس الحاجة لفهم بعض المصطلحات الأميركية الغامضة!
أولاً: مصطلح “الإرهاب” أخذ زخماً عالمياً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقد اتكأ عليه الأميركان لتبرير احتلالهم لأفغانستان والعراق، ولأنهم يحاربون الإرهاب - كما يدعون - فليس هناك ما يمنعهم من قتل أكثر من مليون مسلم، وجرح وتشريد أضعاف هذا العدد، ومنذ أحداث العام 2001، وقد قيل عن هذه الأحداث ما قيل، حاول الكثيرون وفي اجتماعات كثيرة جعل الأميركان يحددون بدقة معنى مصطلح “الإرهاب” لكنهم عجزوا عن ذلك! فالأميركان رفضوا مراراً طرح معنى دقيق للإرهاب لتبقى لديهم القدرة على تكييف المعنى وإنزاله على الواقع كما يريدون. ولهذا رأينا أن هناك تناقضات كثيرة يستحيل فهمها في هذا الاتجاه؛ فـ “داعش” إرهابية لأنها قتلت مئات الأبرياء وبدأت تتمدد هنا وهناك على حساب الآخرين، ولكن هناك كثيرون فعلوا أسوأ مما فعلته “داعش” ولم نر أن أميركا تحركت لقتالهم أو حتى وصفهم بالإرهابيين! ومن هؤلاء بشار الأسد الذي قتل أكثر من مئتي ألف وشرّد بضعة ملايين، ومنهم مجموعة من الميليشيات الشيعية في العراق منها عصائب الحق وفيلق بدر وغيرها، وأيضاً الحوثيون في اليمن، وحكومة بورما التي قتلت الآلاف وغيرها من الدول والجماعات فكل هؤلاء لا تنطبق عليهم مواصفات أميركا للإرهاب والإرهابيين. ويبدو أن السبب هو أن القتلى هم من المسلمين السنة!
ثانياً: قرّر الأميركان ومن تحالف معهم على مساعدة ودعم المعارضة المعتدلة في سورية! ومرة أخرى من هي “المعارضة المعتدلة”؟ وما هي مواصفات الاعتدال التي تجعلنا نعرف ببساطة أن هذه جماعة معتدلة وأن غيرها لا تنطبق عليه مواصفات الاعتدال؟
هذا الغموض -وهو مقصود دون شك- يصب في مصلحة أميركا تماماً، وذلك مثل مصلحتها في جعل مصطلح الإرهاب غامضاً! الجميع سوف يتساءل: من هي الجماعات المعتدلة حالياً في سورية وما هي ميولهم السياسية وما هي علاقتهم بأميركا ومتى بدأت؟
طبعاً لا أحد سيجد إجابة واضحة على هذا السؤال، لأن أميركا وحدها هي من تعرف الإجابة، وهي من تحدّد معنى الاعتدال، ولكن هناك بعض تسريبات من داخل سورية تقول: إن هناك حوالي إثني عشر جماعة يمكن لأميركا اعتبارها معتدلة، منها “حركة حزم” و”جبهة ثوار سوريا” و”صقور جبل الزاوية”، وجماعات أخرى شبيهة في توجهاتها بالجماعات التي أشرت إليها. وقيل إن هناك علاقات بين هذه الجماعات وبين أميركا بشكل أو بآخر!
إذن فأميركا ستتعاون مع جماعات معتدلة داخل سورية، ولكن ماذا ستفعل هذه الجماعات بحسب الرؤية الأميركية قيل: إن عليها أن تحارب “داعش” في سورية! وقيل: إن أميركا ستعطي سلاحاً - ذا مواصفات خاصة - لهؤلاء المعتدلين كي يقاوموا نظام الأسد! والواضح من مواصفات ذلك السلاح أنه لا يراد منه القضاء على نظام الأسد، بل إطالة الحرب لعدة سنوات كما ذكر الرئيس الأميركي ووزير دفاعه!
الواضح لي أن أميركا ضخّمت وبصورة هائلة قوة “داعش”؛ فماذا تملك “داعش” من العدد والعدة مقارنة بأميركا وحدها؟ فكيف بأربعين دولة مجتمعة وقد يزيد هذا العدد مستقبلاً! وهل ستصمد “داعش” عدة سنوات أمام هذه القوى كما قال القادة الأميركان؟
ثم لماذا تشدّدت أميركا ضد “داعش العراق” وتساهلت كثيراً أمامهم في سورية؟ ومعروف أنهم قد ينسحبون في أية لحظة إلى الداخل السوري ثم يعودون متى ما رأوا الفرصة سانحةً إلى العراق!
الأميركان يعرفون قبل غيرهم أن “داعش” لا تشكل خطراً عليهم، فماذا بقدرتها فعله تجاههم وهي لا تملك من مقومات القوة شيئاً يعتد به؟ إن الذي أرجّحه أن أميركا بحاجةٍ إلى المال، فوجدت في هذه الحرب وفي إطالتها فرصة سانحة لتحقيق تلك الحاجة، هذا بالإضافة إلى أن أميركا ومنذ سنوات طويلة وهي تحارب وبوسائل متعددة الإسلام السني المعتدل، وهذه الحرب هي التي تسببت وبصورة كبيرة إلى نشوء مسلمين غلاة متطرفين، والصورة الأوضح تبدو في سورية، فلم تظهر أية جماعة متطرفة إلا بعد مدة طويلة من بداية الثورة وبعد أن صمتت أميركا طويلاً على جرائم الأسد، بل ولم تسمح آنذاك بتسليح الثوار السوريين المعتدلين، وكان فعلها من أهم أسباب نشوء التطرف في سورية ومثلها العراق مع بعض الفوارق.
مجموعة كبيرة من علماء العراق وسورية ومن مثقفيهم رفضوا التدخل الأميركي ومن معهم في العراق أو في سورية وأكدوا أن هذا التدخل سيزيد التطرف في كلا البلدين، كما أكّدوا أن كل ما سيفعله الحلف هو قتل قلة من “داعش” وكثرة كثيرة من الأبرياء على غرار ما يحدث في أفغانستان والعراق واليمن، وهذا هو الذي يوجد الغلاة والمتطرفين.
إن من مصلحة الفصائل السورية أن توحّد جهودها ضد هدفها الذي قامت من أجله كي لا تترك فرصةً لمن يتدخل في شئونها، وعليها الابتعاد عن الغلو والغلاة، أما أميركا واتحادها فعليهم معرفة أن عدم عدالتهم ستبقي الغلو مستمراً في المنطقة، وإذا كان لأميركا مصالح خاصة فعليها أن تحقّقها بغير إراقة دماء المسلمين سواء في العراق أم في سورية.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 4399 - الإثنين 22 سبتمبر 2014م الموافق 28 ذي القعدة 1435هـ
ضحكوا وضحكتم علينا طوال 4 سنوات بمصطلحات مثل هذه
من جاء وما جاء بداعش الا مصطلحاتكم هذه التي مولتم وانشأتم ودعمتم بها الارهاب حتى عشعش واصبح داعش وتحت مسميات معارضة معتدلة وغيرها من المسميات فاتركوا الهرار وقولوها بصراحة
لو لا تلك الدولة المصدرة للفكر المتشدد واكثر مقاتلي المعارضة منها لسقط نظام الاسد
انه الغباء انه التشدد المصاحب لكره المختلف عقائديا معه الثورة في سوريا وضعت النظام السوري في ورطة وجعلته يترنح وفجاءة تدخل تلك الدولة التي انت تعرفها المتشددة فكريا ومذهبيا على الخط بتزويد المعارضة بالسلاح والمال والإعلام الموجه وفوقها بالمقاتلين من شبابها والذين اتخدوا
من مصائبنا فكر أنأشتموه
وإلا المقاتلين والأموال مصدرها أنتم وفكركم المنحرف وباتجلس تتبهبل .
سؤال
ما الفرق بين داعش والنصرة؟ الم يخرجوا جميعا من تحت عباءة القاعدة التكفيرية؟ كلهم تكفيريون
نريد نفهم
انت مع داعش ام ضد داعش.وكيف تنتقدهم في البداية كمجرمين وفي النهاية تدافع عنهم فقط لانهم سنة؟ لماذا هذه التناقضات؟
الشئ
الشئ الواضح انت قلته فالمجرمين والارهابيين جلهم سنه وهذا واضح وقد استغلتهم ماما امريكا لمصالحهاوالادهى من هذا كله لماذا لاتحارب من يطبع العلاقات مع الماما وهم حكامكم