اعتبر نائب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي أن تنفيذ توصيات التقرير السنوي الأول للمؤسسة الوطنية يحتاج إلى قرار سياسي، إلا أنه أكد أن ذلك لا يغني عن دور المؤسسة والبرلمان ومؤسسات المجتمع المدني في الضغط باتجاه الدعوة لتنفيذ هذه التوصيات.
جاء ذلك خلال الندوة التي عُقدت مساء يوم الأحد الماضي (21 سبتمبر/ أيلول 2014)، في مقر جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، والتي استعرض فيها الدرازي تقرير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان الصادر مؤخراً.
وأشار الدرازي إلى أن المشرع البحريني أعطى للمؤسسة حق زيارة مراكز الإصلاح والتأهيل وعدد من المؤسسات الأخرى، وأنها - المؤسسة - تمكنت بموجب ذلك من القيام بست زيارات مختلفة إلى سجن جو ومركز الحوض الجاف وعدد من مراكز الشرطة.
وقال: “المؤسسة واجهت في عملها تحديات كبيرة وتشكيكاً في شخوص القائمين عليها، وتم اعتبارها مؤسسة حكومية، في حين أنها رسمية لا حكومية، وموازنتها جزء من الموازنة العامة للدولة ولكنها لا تخضع لقوانين ديوان الخدمة المدنية، إذ إن مصروفاتها وعملية التوظيف فيها مستقلة تماما”.
وفي إشارته إلى تقرير المؤسسة، اعتبر الدرازي أن التقرير لا يقتصر على رصد تفاصيل انتهاكات حقوق الإنسان، وإنما يعزز من ثقافة حقوق الإنسان.
وذكر أن المؤسسة ارتأت في إعدادها للتقرير الذي يغطي أحداث العام 2013، أن تضمنه انتهاكات حقوق الإنسان في العامين 2011 و2012 التي مازالت مستمرة، لافتاً إلى أن الكثير من التوصيات الواردة في التقرير كانت مرتبطة بأحداث وقعت في العام 2011.
كما أكد أن التقرير تناول بصورة أساسية الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والحق في السكن والحياة، وربطها بمبادئ أساسية قانونية في الدستور وقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، كما اهتم بالتركيز على الفئات الضعيفة، كذوي الاحتياجات الخاصة والمرأة والطفل، ناهيك عن التركيز على موضوعين يهمان الشارع البحريني، وهما الحوار الوطني والفساد.
وقال: “التوصيات الواردة في تقرير المؤسسة ليست موجهة إلى الحكومة فقط، وإنما موجهة بصورة أساسية إلى السلطتين التشريعية والقضائية، كما أن مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات السياسية تتحمل مسئولية مراقبة تنفيذ هذه التوصيات”.
وتطرق الدرازي إلى أبرز توصيات المؤسسة في التقرير، ومن بينها دعوة الحكومة الانضمام للبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، واشتراط تشكيل وحدة التحقيق الخاصة بموجب بروتوكول اسطنبول، وعدم تبعيتها للنيابة العامة وإنما التوصية بضرورة فصلها عن النائب العام.
وقال: “تطرقنا في التوصيات إلى مشكلة عدم التزام البحرين بتقديم تقاريرها الدورية بشأن الاتفاقيات الدولية في الموعد المقرر لها، وفيما عدا اتفاقيتي وقف كافة أشكال التمييز ضد المرأة والطفل، فإن البحرين لم تقدم تقاريرها بشأن اتفاقية مناهضة التعذيب منذ العام 2005، وكان آخر تقرير قدمته بشأن اتفاقية التمييز في العام 2004، فيما لم تقدم أي تقرير بشأن العهدين الدوليين اللذين انضمت إليهما في العامين 2006 و2007، وكان من المفترض تقديم تقريريها بعد عام من الانضمام إليهما”.
كما أشار إلى توصية المؤسسة بنقل الإشراف على السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل والشئون الإسلامية أو أية جهة أخرى مستقلة، أسوة بما هو معمول به في دول أخرى.
وبيَّن أيضاً أن من بين التوصيات وضع معايير واضحة وبرنامج زمني محدد لصرف التعويضات لضحايا الأحداث التي شهدتها البحرين، مشيراً إلى أنه وعلى رغم أن الموازنة المخصصة لأهالي ضحايا الأحداث تبلغ ستة ملايين دينار، إلا أن ما تم صرفه حتى الآن أقل من مليوني دينار، مؤكداً أن العديد من الضحايا الذين تقدموا بالحصول على التعويضات لم يتم صرفها لهم بعد.
وأشار الدرازي كذلك إلى عقوبة الحبس الانفرادي، والتي تناولتها المؤسسة في توصياتها، مبيناً في هذا الإطار أنه ينصح دولياً بعدم تجاوز عقوبة الحبس الانفرادي الثماني ساعات، بينما في البحرين تصل عقوبة الحبس الانفرادي إلى أسبوع، ما يؤثر سلباً على نفسية السجين.
كما أكد على أهمية التوصية المتعلقة بحث الحكومة على دعوة المقررين الخاصين لزيارة البحرين، مشدداً على موقف المؤسسة بأهمية إعادة جدولة زيارة المقرر الخاص بالتعذيب خوان مانديز إلى البحرين، وهي الزيارة التي تأجلت لمرتين.
ولفت كذلك إلى أهمية المساءلة القانونية لجميع متخذي القرار في حالات الوفيات التي تمت في مراكز الاحتجاز.
وأشار إلى توصيتي المؤسسة بحث البحرين على الانضمام إلى اتفاقية الاختفاء القسري، وتحديد آلية أو إصدار تشريع يسمح للسجين بالمشاركة في عزاء أقربائه حتى الدرجة الثانية.
كما تطرق إلى التوصية المتعلقة بضرورة إعادة الجنسية للـ 31 مواطناً الذين تم سحب جنسياتهم.
وأكد الدرازي أن القائمين على التقرير حرصوا على التجرد من الخلفيات والأمراض الطائفية والتجاذبات السياسية، على حد قوله، وركزوا على الجانب الحقوقي أثناء إعدادهم للتقرير.
أما بشأن دور المؤسسة بعد إعلانها لتوصيات التقرير، قال الدرازي: “متابعة تنفيذ التوصيات ليس دور المؤسسة فقط، وإنما للبرلمان والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني دور كبير في متابعة تنفيذ هذه التوصيات، والنظر إليها بشكل مهني وحرفي”.
وأشار الدرازي إلى أن المؤسسة شكلت لجنة لإعداد التقرير السنوي الثاني للمؤسسة والذي يغطي أحداث 2014، مؤكداً أن التقرير المرتقب سيعتمد منهجية مختلفة.
ونفى الدرازي في رده على الأسئلة التي طُرحت خلال الندوة، أن تكون المؤسسة قد زارت “مجموعة الـ 13” في سجن جو، وأن ما حدث في واقع الأمر أنه تواصل مع الناشط السياسي المعتقل عبدالوهاب حسين حين كان يحتاج لنقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، وأن الأخير طلب منه متابعة مسألة علاجه مع عائلته.
وأكد الدرازي في هذا السياق، تلقي المؤسسة العديد من الشكاوى التي وثقها التقرير بشأن عدم حصول المعتقلين على العلاج، مشيراً إلى أن وحدة الشكاوى في المؤسسة تتعامل مع هذه الشكاوى بصورة عاجلة.
وفيما إذا كان عمل المؤسسة يتطابق و “مبادئ باريس”، قال الدرازي: “بعد صدور قانون المؤسسة الوطنية الذي أُقر قبل أشهر، فإن المؤسسة باتت قريبة جداً من مبادئ باريس”.
وأضاف: “صدور تقرير المؤسسة الوطنية بهذا المستوى، يعني أن وضع حقوق الإنسان إلى أفضل”.
وأكد الدرازي أن المؤسسة الوطنية ترى في مؤسسات المجتمع المدني جزءاً أساسياً من عملها، وأنه في الوقت الذي يقوم فيه دور المؤسسة على تشخيص الأمور، فإن على الجهات الأخرى متابعة تنفيذ التوصيات إلى جانب المؤسسة.
العدد 4399 - الإثنين 22 سبتمبر 2014م الموافق 28 ذي القعدة 1435هـ