الوسط - جعفر الجمري
ربما يتذكّر كثيرون، وقبل سنوات، العنوان «شخصيات من الخليج» في مجلة «المواقف» البحرينية التي أسّسها الشهيد عبدالله المدني. كان يحرِّرها الكاتب الكويتي علي محمد المهدي، يؤرِّخ للأسماء الفاعلة في مجتمعها وبيئتها. شخصيات لها اهتمامات وأدوار مختلفة بين الدور التبليغي والثقافي والدبلوماسي والتجاري والأكاديمي. معظم الذين كتب عنهم البورتريهات، إما أنه يعرفهم عن قرب وربطته بهم علاقات مباشرة، أو أنه ممن تتبّع نشاطهم وإنجازهم في البيئات التي عاشوا فيها. سلسلة المقالات تلك جمعها المهدي في كتاب حمل عنوان الزاوية نفسها، وصدر في العام 2004، عن مؤسسة التبليغ في حدود 700 صفحة.
بورتريهات تتقصى وتتابع وتجمع سيرة الفعل والأثر لشخصيات خليجية من بينهم عدد من البحرينيين ممن كانوا صنّاعَ زمنهم.
السلسلة تضمنت 126 شخصية موزَّعة على منطقة الخليج، وما يهمُّ في هذا الاستعراض هو تقديم بعض الإضاءات لشخصيات بحرينية تناول المؤلف جانباً من سيرتها ودورها، والمجال الذي خاضته. في السلسلة تلك شخصيات بحرينية فاعلة ومؤثرة، بدأها بالشاعر البحريني الكبير، إبراهيم العريض، متتبِّعاً أصول العشيرة التي ينتمي إليها، إذ تنحدر أصلاً من شبه الجزيرة العربية، وتحديداً من منطقة نجْد. من مولده في الهند وما تضمّه السيرة من اليتْم المبكّر وعودته إلى البحرين رفقة عمّه في العام 1922، وكان في الرابعة عشرة من عمره، وإكمال دراسته، وصولاً إلى مرحلة تخرُّجه والوظائف التي تدرّج فيها، والمكانة المرموقة التي وصل إليها كصوت شعري مهم وكبير تجاوز منطقة الخليج، وصولاً إلى الوطن العربي الكبير، مستعرضاً نماذج من شعره.
الشيخ أحمد العصفور ومدرّس الفَلَقَة!
من مولده في دار كليب، نسبة إلى كليب الشجاع (كليب بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان)، إلى هجرته للعراق وهو في الرابعة من عمره؛ حيث أقام في الكاظمية متلقياً قراءة القرآن وبعض مبادئ العربية أول الأمر عند الشيخ حميد الكاظمي، في مدرسته الأهلية التي اتخذها في صحن الإمامين الجوادين. ما تشير إليه السيرة أن الكاظمي على علم بالتنجيم والفلَك “ويشتهر كذلك بالقسوة والعنف في تعامله مع تلاميذه؛ إذ إنه يعذّب من يتأخر من طلابه عن موعد الحضور بالتيار الكهربائي وبالفلقة؛ وبسبب هذه المعاملة القاسية وذلك السلوك الجاف الذي لا يتفق وروح التربية والتعليم، أغلقت الحكومة العراقية مدرسته، وكان ذلك في عهد ملك العراق غازي بن فيصل الأول”؛ لينتقل الشيخ العصفور إلى معلم آخر يدعى السيد جعفر الكاظمي ومن أساتذته الشيخ عبدالرزاق الخالصي الذي أخذ عنه دروساً في “الأجرومية”، كما تعلم على يد السيد الحيدري.
في العام 1355هـ (1936م)، نقله الحاج إبراهيم بن كاظم العالي إلى البحرين، وهنا تلقى علومه عند الشيخ إبراهيم المبارك، وامتهن الخطابة، ليتولى صلاة الجمعة والجماعة بعد وفاة الشيخ المبارك.
عطية بن علي الجمري
في السيرة التي كتبت قبل سنوات، لا يقف القارئ عند جديد فيها. تولى أبناء الخطيب والأديب البحريني الكبير ملا عطية بن علي الجمري، (1899-1981)، كتابة تلك السيرة وتوثيقها. ربما يكون البدء من العام 1333هـ (1915م) هو الجدير بالتذكير. وقتها كان قيام الحرب العالمية الأولى، وسقوط البصرة بيد الإنجليز “وتوقف عن القراءة بسبب الأحوال الأمنية السائدة في تلك الحقبة من الزمن، وفي شهر محرم سنة 1334هـ استأنف القراءة في إحدى الحسينيات بالمحمرة، ولما صار الحال ميسوراً في تلك السنة تزوّج بأم يوسف وهي بنت ملا محمد بن سلمان الجمري”.
ويعرّج المهدي على أول مجلس قرأه الجمري بعد عودته إلى البحرين، في شهر محرم سنة 1338هـ (1920م) في قرية كرانة، ثم قرأ بعد ذلك في شهر رمضان المبارك سنة 1346هـ، عند الحاج عبدالله بن عيسى من أهالي قرية الدير.
وفي البورتريه/ السيرة التي يخصصها المهدي للخطيب الجمري، أن له علاقات وطيدة مع علماء وخطباء الكويت منهم العلامة الشيخ إبراهيم المزيدي، والملا حسن العبدالله الناصر، وأديب الكويت المعروف عبدالرزاق إبراهيم العبدالله، المعروف بعبدالرزاق البصير”.
أحمد موسى الصايغ
ولد في فريج الصاغة بالمحرق سنة 1321 هـ (1903م)، ويعود أصله إلى عشيرة آل مبارك في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، والتي هاجر بعض أفرادها إلى الإحساء والبعض الآخر إلى دولة الكويت. كان والده المرحوم محمد بن موسى الصايغ من أشهر وأمهر صائغي الذهب والفضة في البحرين في تلك الأيام، كان يصنع السيوف والخناجر المرصعّة بالذهب والفضة للشيوخ والأمراء من حكام البحرين وحكام دول الخليج الأخرى. عمل مع والده في المهنة نفسها شتاء وفي الصيف يدخل البحر لشراء اللؤلؤ، ليصنع منه المشغولات ليبيعه لتجار في البحرين والخليج والهند.
في السيرة/ البورتريه، أن الحاج أحمد الصايغ فقد ستة من عائلته في يوم واحد في السنة التي أطلق عليها اسم “سنة الرحمة”/ وتحديداً في العام 1341؛ إذ حل الطاعون على البلاد وأودى بحياة كثيرين من أهل الخليج.
جاسم محمد مراد
بتوجّهه القومي، ونزعته الديمقراطية ووطنيته الحادّة بالنسبة إلى كثيرين، يحضر جاسم محمد مراد، من مواليد المحرق العام 1931، في مدينة المحرق (فريق المعاودة)، من الجد الذي عمل في تجارة اللؤلؤ صيفاً، وفي الموانئ الإيرانية شتاء، وتوارث المهنة من الأب محمد مراد، مروراً بمرحلة الكساد التي أصيبت بها المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، بعد إغراق السوق العالمية باللؤلؤ الاصطناعي الياباني، وجد جاسم مراد نفسه في مهب الاعتماد على النفس، بعد وفاة والدته في مرحلة النفاس. بعد إنهاء ما استطاع تحصيله من تعليم، بدأ في العام 1948-1949 يتدرب على أعمال الصيرفة مع خاله محمد أحمد الباكر. تردد على الهند للتجارة أحياناً وللعلاج أحياناً أخرى، وجلب معه ما استطاع من السلع الاستهلاكية، ليحقق من تلك الصفقة ربحاً جيداً، ومن السلع الاستهلاكية إلى تجارة الذهب التي دخلها في شراكة مع باكستاني من أصل إيراني، أثناء تردده عليها، لتستمر العلاقة من العام 1951 إلى 1953. وفي التحولات التي تنتاب المحيط، أجبر على السفر إلى الكويت. كان ذلك في العام 1960، ليدخل في شراكة تجارية مع الكويتي مرزوق عبدالوهاب المرزوق، وليس انتهاء بعودته إلى البحرين في السبعينات وانتخابه عضواً في أول مجلس تأسيسي في البحرين، المكلف بوضع الدستور.
الذوادي... أول شرطي في البحرين
راشد حسن علي عبدالرحمن الذوادي، ينحدر أصلاً من قبيلة بني خالد العربية المعروفة بالجزيرة العربية. ولد في حارة بوماهر بالمحرق في 25 ديسمبر/ كانون الأول 1924. التحق بالشرطة وهو صبي. وبعد ثلاث سنوات عيّن لمراقبة السيارات في الشوارع “وبذلك يكون أول شرطي في البحرين” وكان عمره آنذاك 18 سنة، أي في العام 1942، وبقي في الشرطة حتى العام 1947. بعد تركه العمل خاض مجال التجارة بين الهند والبحرين، والتحق بشركة التابلاين الأميركية ممثلاً لشركة (GCC) التابعة إلى صاحب الأعمال السعودي سليمان العليّان. في العام 1958 توجه إلى الكويت وعمل في وزارة التربية رئيساً لقسم المنشآت الرياضية لمدة تزيد على 19 سنة، ليعود إلى وطنه في العام 1977.
الملا يوسف بن عطية الجمري
واحد من أشهر الخطباء في البحرين لسنوات طويلة، يتمتع بصوت رخيم. ولد في قرية بني جمرة العام 1915م، وبعد أن أنهى التعليم المتعارف عليه في تلك الفترة من حفظ القرآن، على يد فضة بنت محمد، من القرية نفسها، رافق والده الخطيب الشهير وعمره عشر سنوات، تلقى بعدها فنون وأصول الخطابة منه لمدة 30 عاماً، لسيتقل في الخطابة وهو في سن مبكرة. قرأ أول مجالسه مع المرحوم والده في مأتم الحاج منصور بن نايم بالمحرق طيلة شهر رمضان المبارك سنة 1953هـ بأجرة قدرها 25 روبية لشهر كامل، ثم قرأ في قرية جدحفص في العام 1935، وكان أجره وقتها 3 روبيات.
تلقى علوم الفقه على يد الشيخ محسن العرب، والشيخ عبدالعظيم الربيعي. يمتلك قدرة شعرية في جانبيه الفصيح والعامي. انتقل إلى رحمة الله يوم السبت 13 يونيو/ حزيران 1998.
عيسى محمد الجامع
ولد عيسى الجامع في مدينة المحرق، في 21 ديسمبر/ كانون الأول 1932. ينحدر من قبيلة الخزرج في المدينة المنورة. سافرت أسرته من المدينة المنورة إلى العراق ومنها إلى البحرين منذ أكثر من قرنين من الزمن، حيث اتخذت من البحرين موطناً لها. درس في المرحلة الثانوية حتى العام 1946، ونظراً لظروف عائلية ترك تعليمه الجامعي، ليلتحق بالجوازات في العام 1946، ويكمل تعليمه الثانوي التجاري في الفترة المسائية في العام 1949 بتفوق، حاصلا بعدها على عدد من الشهادات من كل من البحرين وبريطانيا، ثم التحق بوزارة الخارجية، وفي الأول من يوليو/ تموز 1972 عيّن سكرتيراً ثانياً، وثاني رجل في أول سفارة للبحرين في إيران، وفي العام 1975 التحق بسفارة البحرين في العراق، وباكستان والسعودية وكان سفيراً لبلاده، ومن بعدها الكويت في العام 1988.
يوسف عبدالوهاب الحوّاج
يعد المرحوم يوسف عبدالوهاب الحواج “أول من استورد الحرير الذي يعمل منه العباءات النسائية في منطقة الخليج من سويسرا العام 1957، وأصبح أول وكيل لهذا النوع من القماش.
من الرجال العصاميين الذين استطاعوا أن يؤسسوا عدداً من المشاريع الرائدة التي تحتل مكانة متميزة اليوم في مملكة البحرين بإدارة أبنائه. ولد الحواج في العام 1924، وتلقى التعليم المعهود في طفولته. تعلم وهو صبي خياطة البشوت، وكان معلمه الحاج علي حرز، ثم عمل عند خاله علي أحمد بوكنان، حيث كان من التجار المعروفين والمرموقين في سوق خياطة البشوت والعبي في البلاد، إلى أن استقل في عمله “بعد فتح ديوانيته واستقبل 30 خياطاً أو أكثر للعمل لديه”. في العام 1965 بدأ العمل في تجارة العطور والملابس، ثم المقاولات وبيع وشراء العقارات والأراضي وأسهم البنوك والشركات.
تضمن الكتاب بورتريهات للآتية أسماؤهم إضافة إلى الذين تم استعراضهم في المراجعة: إبراهيم حسين البحراني، وهو من الكويت، ولقّب بالبحراني نسبة إلى المرحوم والده الذي كان كثير السفر إلى والتردّد على البحرين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين للتجارة والحياكة، إبراهيم أبومجداد، إبراهيم المجادي، إبراهيم المطوع، أحمد الغريفي، أحمد باقر، أحمد جاسم المهنا، أحمد حسن الخرس، أحمد حمد الخليلي، أحمد بن رمل، أحمد مال الله البحراني، أحمد الوايل الإحسائي، أحمد الوائلي، باقر الحائري، باقر خريبط، جعفر الهلال، جواد الرمضان، جواد شبّر، حسن الخواجة، حسين شبيث، حسين المؤمن، حسين الفيلي، حسين المسري، حمد المؤمن، حمزة مقامس، داوود الكعبي، راشد بن سعيد آل مكتوم، رشيد الحمد، زيد الكاظمي، سالم عبدالله النويدري، سالم السيابي، سالم الغيلاني، سلطان العويس، سلمان السهلاوي، سليمان الخروصي، سيف غباش، شرف الخابوري، صالح شهاب، صالح العجيري، ضيف البناء، طاهر التحو، طاهر القطان، طاهر الشمالي، طاهر البحراني، عاشور العبدالسلام، عباس الريّس، عباس النويصري، عبدالأعلى السبزواري، عبدالحسين العرادي، عبدالحسين عبدالرضا، عبدالحميد المهاجر، عبدالرزاق البصير، عبدالزهراء الحسيني، عبدالعزيز حسين، عبدالعزيز الطبطبائي، عبدالعزيز السماعيل، عبدالكريم الرمضان، عبدالله المدني، عبدالله خلف، عبدالله الدحيان، عبدالله السمين، عبدالله الغزالي، عبدالله الطائي، عبدالله اليافعي، عبدالله الشرهان، عبدالله الباذر، عبدالله النوري، عبدالمحسن ملا عطية الجمري، عبدالمحسن النصر، عبدالوهاب الإحسائي، عثمان عبدالملك، علوي الغريفي، علوي الهاشمي، علي إبراهيم الغريفي، علي آل إسماعيل، علي الأحقاقي، علي حسن البناء، علي الصالح، علي شبّر، علي المويل، على المواش، علي آل رضي، عيسى القحطاني، غانم الغانم، كاظم الصحاف، كامل الصالح، محمد جعفر العرب، محمد حسن كمال الدين، محمد باقر الصدر، محمد البنوة، محمد حسن الحواج، محمد حسن الشخص، محمد الروحاني، محمد التركيت، محمد صالح بن الملا عطية الجمري، محمد السبزواري، محمد عبدالمحسن الخرافي، محمد علي حميدان، محمد علي الناصري، محمد عيسى العلي، محمد مهدي الحسيني الشيرازي، مير القزويني، منصور سرحان، مريم الصالح، مصطفى معرفي، موسى الأحقاقي، موسى رمضان، ناصر الإحسائي، نايف الدبوس، هادي جاسم البحراني، ويوسف علي العلي، وآخرين.
العدد 4398 - الأحد 21 سبتمبر 2014م الموافق 27 ذي القعدة 1435هـ
الله يرحم الشيخ الجمري علم البحرين
الملاعطية الجمري علم من اعلام البحرين ولايهونون الباقين
وكذلك الشيخ يوسف البحراني
رحمهما الله
ورحمة الله على جميع المسلمين والمسلمات