حين يكون حلم طفلة ذات 12 ربيعاً هو امتلاكها دراجة في مجتمع يحرّم عليها المساواة بالرجال حتى وإن كانت طفلة، ستكون هذه الدراجة هي محور لفيلم «وجدة» السعودي لمخرجته هيفاء المنصور.
في الفيلم مشاهد كثيرة تبين تهميش المرأة والقيود الكثيرة التي فرضت عليها في مجتمع محافظ لا يقبل بسواقة المرأة ولا برفع صوتها بالغناء حتى في بيتها أو يقبل بكتابة اسمها في شجرة العائلة باعتبارها «عورة» من أول اسمها إلى آخر حياتها.
«وجدة» الذي أعلنت إحدى القنوات الفضائية بثه للمرأة الأولى تلفزيونياً بمناسبة العيد الوطني للمملكة، حصد جوائز متعددة، وكتب عنه النقاد في الوطن العربي وخارجه كثيراً من المقالات باعتباره أول فيلم يصور داخل المملكة العربية السعودية بالكامل بعد أن استخرجت مخرجته تصريحاً بتصويره كي لا يكون فيلماً مهرباً ممنوعاً مع علمها أنه لن يعرض في موطنها، وهو الذي يتحدث عن المجتمع السعودي بصورة واقعية بعيداً عن الإسفاف في كتابة التابوهات الذي انتشر في الأدب السعودي مؤخراً وصار سمة لبعض الروائيات اللاتي استخدمن هذا النوع من الأدب ليكون طريقهن للشهرة والانتشار؛ ففي فيلم «وجدة» ترى المجتمع بصورته الواقعية في الأحياء البسيطة، وتجد الاختلاف في التفكير بين النساء المتحفظات والأخريات اللواتي يحلمن ببصيص ضوء وتلك التي وجدت في التشدد وسيلة لتخفي عيوبها وسلوكها المشين؛ فمن خلال مشاهد بسيطة كانت «وجدة» هي بطلتها وصُوِّرَت باحتراف وجمال، تتعرف على الخبايا والظواهر في هذا المجتمع الذي كان ولايزال محط أنظار كثير من المتلصصين والمهتمين بأمره وأمر مواطنيه، فقد حضر العرض الأول له في مهرجان دبي السينمائي ما يقارب 2500 مشاهد، كما أنه بيع لأكثر دول العالم محققاً نجاحاً باهراً رغم بساطة قصته.
مثّلت الدراجة التي كانت تحلم بها «وجدة» الحرية، فكانت الهدف والحلم لطفلة أرادت امتلاك قيمتها بشتى الطرق بعد ان رفض والداها شراءها لها، حتى أنها اضطرت لبيع أدواتها الشخصية وللسهر لصنع ما تبيعه بيديها الصغيرتين لزميلاتها في المدرسة، إلى أن اكتشفتها إدارة المدرسة ومنعتها، فتوجهت لمسابقة حفظ القرآن الكريم كي تشتري بقيمة الجائزة حلمها/ حريتها، ونجحت وفازت بالمركز الأول لكنها لم تحقق الحلم بعد أن أُجْبِرَتْ على التبرع بالجائزة.
كانت والدتها تراقب كل تحركاتها وتعرف ما تقوم به وتصمت، وكأنها كانت تتمنى أن تنجح طفلتها في تحقيق ما عجزت هي عن تحقيقه، وهي التي كانت تنتظر اللحظة التي يخبرها فيها زوجها بزواجه من ثانية، وكانت تتمنى العمل في المستشفى ذاته الذي تعمل به صديقتها لولا خوفها من زوجها الذي كان يرفض اختلاطها بالرجال، رغم كل مشكلاتها مع سائقها الآسيوي، وكان بائع الدراجات يعرف برغبة وجدة بشراء الدراجة الخضراء ويحتفظ بها لها، وكأنه يريد لها أن تكسر هذا الحاجز وتحقق حلمها، تماماً كصديق طفولتها الذي يساعدها بالتدرب على ركوب دراجته كي تحقق ما تتمنى.
المواقف البسيطة التي كانت الدراجة محورها تحاكي الواقع بشكل مبسط؛ ففي هذا المجتمع وغيره تجد المرأة من يقف إلى جانبها ويساعدها على تحقيق ما تتمنى لكنها تصطدم بسلطة تريد إجبارها على التراجع، ورغم وجود من تتراجع عن أحلامها لأنها لا تستطيع مواجهة مجتمع كامل، إلا أن هنالك من تصر وتجبر مجتمعها على الرضوخ كي تحقق ما تحلم به وهو ذاته ما فعلته مخرجة الفيلم حين أخرجت فيلما ناجحا خرج من أحياء الرياض وانطلق إلى العالم.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4396 - الجمعة 19 سبتمبر 2014م الموافق 25 ذي القعدة 1435هـ
انها المؤسسة الدينية المسيطرة هناك فلا مجال لبراءة الطفولة
نتمنى الخير للمملكة لكن واقع الحال يشي بغير ذلك لا مجال لطفلة ان تركب دراجة والسبب هو التشدد الديني المنعكس على واقع الانسان السعودي حان وقت فرملته لانه يحتاج الى قرار شجاع فالعالم مركز على أوضاع السعودية بسبب الاحداث الدائرة في الاقليم ومشاركة شبابها في الجهاد الثوري المنفلت وهجوم صحافة الغرب عليها