يبدو أن مسألة الإعتذار باتت صعبة جداً على بعض البشر؛ وهو ما استدعى وجود شركات خدمتها الوحيدة هي تقديم الاعتذار بالنيابة سواء كان مباشراً أو عن طريق الهاتف!
نعم ما كتب أعلاه حقيقة؛ فقد افتتحت في اليابان بحسب موقع «اوديتي سنترال» الأميركي شركات متخصصة يعتذر موظفوها بالنيابة عن زبائنهم مقابل 240 دولاراً، كما تقدم بعضها خدمات الاتصال بصديق أو صديقة لإنهاء العلاقة بهم، أو الاتصال بعمل الزبون والتظاهر بأنه مريض، ولا يستطيع القدوم إلى العمل!
وخدمات هذه الشركات متنوعة وتختلف أسعارها تبعاً لطبيعة الاعتذار المطلوبة؛ فالاعتذار وجهاً لوجه يكلف 240 دولاراً، بينما الاعتذار على الهاتف يكلف 95 دولاراً، كما أن هنالك خدمة الاعتذار مع البكاء!
مثل هذه الشركات تلقى رواجاً في اليابان بحسب الموقع الأميركي، كما أنها تهتم بموظفيها وتدربهم على ما يجب القيام به في حال رفض الزبون الاستماع إليهم أو أحرجهم وهو أمر متوقع؛ إذ كيف سيسمح شخص لغريب لا يعرفه أن يكون وسيطاً بينه وبين من يعرف ليتدخل في حياته الخاصة!
ومع عدم وجود مثل هذه الشركات في مجتمعاتنا العربية، إلا أن هناك من يقوم بذات الدور ولكن بشكل مجاني؛ إذ يصعب على بعضنا تقديم الاعتذار لمن هم حولهم ويفضلون إيكال المهمة إلى وسيط خوفاً من رفض الاعتذار أو سماع ما لا يريدون سماعه من الطرف الآخر، متناسين أن هذا قد يزيد من حدة «الزعل» ويؤدي إلى التعنت في قبول الاعتذار، باعتبار أن من لم يواجه خطأه قد يكون غير مقتنعٍ بكونه خطأً، وما الوسيط إلا مجرد «أداة» لرفع العتب، وليس لرغبة صادقة في إبداء الندم وتغيير السلوك.
إن لبعض الأخطاء وقعاً كبيراً على الآخرين؛ ولهذا فهي تستلزم مواجهةً خاصة، يكون فيها الطرف الأول معترفاً بحجمها وراغباً في محوها من حياته وحياة الطرف الآخر، ويكون فيها الثاني مستعداً للسماع والغفران، حتى وإن بدا في أول الأمر غير راضٍ بذلك وتمنّع وأصر على عدم رغبته في المواجهة، وهنا على المخطئ أن يكون ذكياً ويصرّ على المواجهة وتقديم الاعتذار بكل الطرق إلى أن يرضى من أخطأ في حقه، خصوصاً حين يكون لهذا الشخص مكانة خاصة في نفسه، فللكلمة سحرٌ لا يدركه إلا من يجيد استخدامها بشكل سليم، ويعرف أي الكلمات هي أوقع على من يتعامل معه وذلك من خلال العشرة والصداقة التي تجعلنا نعرف ما يعجب الآخر وما يثير غضبه أو ألمه؛ هذه العشرة تعطينا مفاتيح جيدة للاعتذار نستطيع من خلالها ترتيب طريقة اعتذارنا وتنويعها إلى أن يقبل الآخر رغبتنا الصادقة في الاعتذار إليه، خصوصاً حين نعلم أن من يحبنا هو من يعاتبنا وهو من «يزعل» وتجرحه تصرفاتنا كما قال العرب قديماً:
أعاتب من أهوى على قدر ودّه
ولا ودّ عندي للذي لا أعاتبُ.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4395 - الخميس 18 سبتمبر 2014م الموافق 24 ذي القعدة 1435هـ
ام حسن
فى نظر البعض الاعتذار نوع من الضعف والانكسار ولو دققنا رئينا السلام الداخلي الذي يصاحب الشخص بعد الاعتذار وللاسف ببيوت تهدمت واخوى انتها بهم المطاف غرباء نتيجة اصرارهم على عدم الاعتذار وجمعة مباركة على الكل واعذروني لو طولت
ليت كل من يخطئ يعتذر
ليت كل من يخطئ يعتذر وكل من تقدم له شيئا يشكرك لكنا في سلام ولتحقق لنا الاطمئنان والراحة.
شكرا استاذة سوسن كأنك تحدثت عني ،احب قراءة مقالاتك جدا لانها فسحة للقلب والعقل بعيدا عن صراخ السياسة
ذكرتني ببيت شعر
اذا كنت في كل الأمور معاتبا صديقك ==لم تلقى الذي لا تعاتب .......فكل الناس يخطئون وخير الخطائين التوابون