اتخذت السلطات المصرية إجراءات لإحكام السيطرة على جامعة الأزهر أحد آخر معاقل جماعة الإخوان المسلمين بإجراء تعديل قانوني يهدف إلى منع الاحتجاجات العنيفة بالجامعة العريقة.
وحظرت مصر جماعة الإخوان المسلمين واعتقل الآلاف من مؤيديها منذ يوليو تموز 2013 عندما أعلن الرئيس الحالي وقائد الجيش آنذاك عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للجماعة بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.
ومع تضييق الخناق على الجماعة برزت جامعة الأزهر كبؤرة ساخنة في معركتها مع حكام البلاد الجدد.
وعادة ما يظهر مفتي الجمهورية وشيخ الأزهر الاحترام للحكام ويصدرون فتاوى تدعم سياسات الحكومة.
لكن جماعة الإخوان تحظى بتأييد قوي بين الطلاب وحتى بين أعضاء هيئة التدريس داخل جامعة الأزهر والكثير منهم يعارض السيسي وحملته على أقدم جماعة إسلامية في مصر.
وبينما يستعد الطلاب للعودة إلى الجامعات الشهر المقبل بعد عطلة صيفية طويلة وافقت الحكومة على تعديل قانون تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها لمنع الاضطرابات داخل الجامعة.
وتنص التعديلات على فصل أي طالب أو عضو بهيئة التدريس إذا حرض أو دعم أو شارك في الاحتجاجات التي تعطل الدراسة أو إثارة الشغب أو التخريب.
وخلال العام الدراسي الماضي رسم الطلاب الجرافيتي على المباني وأغلقوا بوابات الكليات ونظموا إضرابات مما دفع إدارة الجامعة لاستدعاء الشرطة. وزاد هذا الإجراء من حدة الغضب بين الطلاب والأساتذة الذين يقولون إن حرم الجامعة مكان له قدسيته.
واشتبك الطلاب الموالون للإخوان كثيرا مع الشرطة داخل حرم الجامعة خلال العام الماضي وأشعلوا النيران في إطارات السيارات وألقوا الحجارة على الشرطة في مواجهة الغاز المسيل للدموع.
وفي مايو أيار وتحديدا قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية التي فاز بها السيسي قتل مسلحون ثلاثة رجال شرطة عند جامعة الأزهر.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية اليوم الخميس عن مسؤول كبير بوزارة الداخلية قوله إن خطة الوزارة الخاصة بتأمين العام الدراسي الجديد تشمل "تسيير دوريات أمنية ... للمرور على جميع المدارس والجامعات على مدار اليوم الدراسي."
وقال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن التعديلات تأتي في إطار إجراءات أمنية تهدف للتخويف وتضييق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتصلة بها.
ويرى نافعة أن الإجراءات الأمنية ليست كافية للتعامل مع المشكلة.
ولم يصدر أي تعليق على الفور من المسؤولين بجامعة الأزهر.
قمع المعارضين
قبل الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة شعبية عام 2011 كان هناك ما يعرف بالحرس الجامعي وهو قوة شرطية مكلفة بحراسة الجامعات إلى جانب قمع الاحتجاجات ومراقبة المعارضين.
وصدر حكم قضائي قبل الانتفاضة بوقت قصير يمنع الحرس الجامعي من دخول الجامعة لكن صدر حكم آخر في وقت سابق هذا العام يسمح للشرطة بالتدخل إذا ارتكبت أفعال مخالفة للقانون.
وقال نافعة إن هناك شعور عام داخل الجامعات بفقدان الحريات وتزايد القمع. وأضاف أن التضييق لا يشعر به مؤيدو جماعة الإخوان وحدهم بل تشعر به مجموعات أخرى من بينها اليساريون والليبراليون.
ومع اتساع دائرة قمع الدولة للمعارضين تراجعت احتجاجات الشوارع. ويعتقل ناشطون بتهمة خرق قانون لتنظيم التظاهر أقر العام الماضي والذي يمنع التجمعات العامة لأكثر من عشرة أفراد دون موافقة مسبقة من وزارة الداخلية.
ومنذ تطبيق هذا القانون أصبحت الجامعات من بين الأماكن القليلة في مصر التي يمكن التعبير فيها عن المعارضة.
لكن المخاوف من عام دراسي جديد حافل بالاضطرابات دفع بعض الجامعات لإصدار تعليمات تمنع الطلاب من التعبير عن انتمائهم الحزبي داخل الحرم الجامعي.
ونقلت صحيفة المصري اليوم الخاصة عن رئيس جامعة القاهرة جابر نصار قوله "دائما نقول: لا بد أن تخلع عباءتك الحزبية عند باب الجامعة لأنها مكان للعلم لكن للأسف عقب ثورة ٢٥ يناير (2011) تحولت إلى ساحة للصراع السياسي."
وأضاف "هذا القرار سيطبق على كل الأسر (الجامعية) المؤيد منها للسلطة والمعارض لها دون استثناء."