العدد 4392 - الإثنين 15 سبتمبر 2014م الموافق 21 ذي القعدة 1435هـ

الجمري: التحديات لا تمنعنا من التطلع إلى الوصول للديمقراطية...ومدن: لابد من إعطاء دور لمؤسسات المجتمع المدني

حسن مدن ومنصور الجمري في ندوة جمعية المنبر التقدمي حول تحديات الانتقال نحو الديمقراطية  - تصوير : أحمد آل حيدر
حسن مدن ومنصور الجمري في ندوة جمعية المنبر التقدمي حول تحديات الانتقال نحو الديمقراطية - تصوير : أحمد آل حيدر

أحصى رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري 8 عوامل تحدد مدى قدرة أي حركة وطنية على مواجهة تحديات الانتقال نحو الديمقراطية، مشدداً على أن «هذه التحديات لا تمنعنا من التطلع إلى الوصول إلى الديمقراطية والسعي لتحقيقها، بل تؤكد حاجتنا الى التمعن فيها بعقلانية من دون التخلي عن الحلم المشروع الذي يسعى إليه كل الناس، وهو العيش بكرامة في نظام يحمي ويحفظ الحقوق الإنسانية الأساسية غير القابلة للنقاش والتنازل عنها».

وذكر الجمري في ندوة بجمعية المنبر التقدمي مساء الأحد (14 سبتمبر/ أيلول 2014) في مقر الجمعية في مدينة عيسى أن هناك متطلبات أساسية تحدد مدى إمكانية انتقال أي بلد إلى النظام الديمقراطي، والمقصود بالنظام الديمقراطي هو ذلك الشكل من الحكم الذي يأخذ بالديمقراطية التمثيلية التي تتضمن قوانين تحمي وتدافع عن الحريات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات بصفتهم مواطنين متساوين في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن يكون هناك مشاركة حقيقية للسلطتين التشريعية والتنفيذية عبر انتخابات نزيهة وعادلة وحرة وتنافسية بين أحزاب سياسية متعددة، مع تأكيد على الفصل بين السلطات، وسيادة القانون على الجميع من دون استثناء.

وعقب الجمري عن العامل الأول الذي يؤثر في انتقال أي بلد نحو الديمقراطية، مشيراً إلى «أن عدداً من المفكرين يقول بأن مستوى التحديث الاجتماعي والاقتصادي يؤثر مباشرة في قدرة أي مجتمع على الانتقال إلى الديمقراطية، وأن البلدان المرتفعة في الناتج المحلي الإجمالي للفرد لديها فرصة أفضل في نهاية المطاف لإنشاء أنظمة ديمقراطية مستقرة وفعالة، وهذا الطرح يفترض أن النمو الاقتصادي ينشط سلسلة من العوامل التنموية من بينها تعليم أفضل، واتصالات أكثر كثافة، وظهور الطبقة الوسطى التي تعمل كرقيب على الممارسة الديمقراطية... والذين يربطون العلاقة بين مستوى التنمية الاقتصادية والديمقراطية يقولون بأن الديمقراطية يمكن أن تتحقق في أي مستوى من الرفاه الاقتصادي أن يكون الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد فوق، مثلاً، 6 أو 7 آلاف دولار». والملاحظ، بحسب الجمري، «أننا في الخليج لدينا مستوى اقتصادي أفضل من هذا الحد الأدني، وفي البحرين فإن دخل الفرد السنوي أكثر بثلاث مرات على الأقل من هذا الحد الأدنى، لكن دعاة هذه النظرة يتحدثون عن مجتمع له اقتصاد منتج، ما في بلداننا الخليجية فإن الاقتصاد يعتمد أساساً على ريع النفط، وعلى المساعدات، وبالتالي فإن العلاقات في توزيع الثروة ليست مرتبطة بنظرية الإنتاج وإنما ذلك يتحدد بصورة عامة بقرب الطبقات المتمكنة من أصحاب القرار، وهذا يحدث تشوهات في الهيكلية مما يعني عدم انطباق هذه النظرة بصورة دقيقة».

وأضاف الجمري، هناك عامل ثانٍ له «علاقة بالتركيبة السطانية والديمغرافيا، وبعيد عن موضوع التجنيس الذي يثير حساسية سياسية كبيرة، إلا أن على المدى البعيد فإن مجتمعات الخليج، والبحرين من بينها، أصبحت معظمها أقلية في بلدانها، والأجانب الذين يعيشون لفترة طويلة في بلد ما تكون لهم حقوق ويفرضون أنفسهم بشكل من الأشكال... وليس بعيداً أن يأتي اليوم الذي نسبح فيه مثل جزيرة «موريشيوس» في إفريقيا والتي تحتوي على أكثرية هندية وأقلية إفريقية، والحكم هناك ديمقراطي، بمعنى أن المواطنين الهنود هم أصحاب القرار التشريعي والتنفيذي من دون الإخلال بحقوق الأقلية الإفريقية».

وأضاف الجمري، هناك عامل ثالث يتعلق «بقوة الهوية الوطنية، وما يتبعها من قوة لحركات وطنية وقيادات الوطنية، تدعو إلى الرابطة الوطنية كأساس للعلاقة بين من يعيش في كنف الوطن. ولقد شاهدنا كيف أن النخبة البحرينية المتعلمة استطاعت أن تمنع الخلافات الطائفية في خمسينات القرن الماضي عبر ربط الناس ببعضهم البعض على أساس المواطنة. أما في عصرنا الحالي فهناك تغليب للروابط القبلية والطائفية والإثنية والمناطقية، وهذه لا تحقق وطناً موحداً تنتعش فيه الحركة الديمقراطية، إذ يمكن ضرب الناس ببعضهم بعضاً، وجعل مصلحة فئة تتحسن وأخرى تتضرر في حال تحركت الجهود نحو تحقيق مطالب مشروعة».

وعقب الجمري عن عامل رابع يتعلق بالإرث التاريخي، «إذ إن المجتمعات التي تنتعش فيها الديمقراطية يكون لديها إرث تاريخي متفق عليه وتستمد منه القوة في تحشيد الناس في مسيرة توحدهم، كما أن النخب في البلدان التي نجحت في الانتقال إلى الديمقراطية لها دور في الاتفاق على مصطلحات وشخصيات وأفكار وأحداث وقصص تاريخية توحد المجتمع حولها ولا تفرقهم. بعض المجتمعات لها هوية مذهبية واحدة أو إثنية واحدة، ويكون سهلاً عليها الاعتماد على إرث واحد، أما البلدان المتنوعة فتحتاج إلى إرث متنوع وغير متناقض وغير عدائي لأي المكونات المجتمعية الحالية».

وتحدث الجمري عن عامل خامس يتعلق بالمحيط الجغرافي المباشر، إذ «إن تأثيرات المحيط الجغرافي على موضوع الديمقراطية قد تكون قوة إيجابية وقد تكون سلبية، وهناك بلدان صغيرة في مناطق أخرى في العالم تراها لا تحتاج إلى الصرف على الأمن والدفاع لأنها في محيط يساعدها على توفير كل ذلك من أجل رفع مستوى التعليم والصحة والخدمات والبنية التحتية بما يؤهلها لأن تدفع باتجاه نظام مستقر بالاعتماد على نهج ديمقراطي».

وهناك أيضاً، بحسب الجمري، عامل سادس يتعلق «بالبيئة المعولمة الحالية التي تدفع نحو تحرير التجارة واحترام حقوق الإنسان واحترام النظم الديمقراطية، وهذا النهج الذي تقول عدد من الدول الكبرى إنها ملتزمة به يتعرض لانتقاد من الآخرين بأنه انتقائي ويخضع للمصالح أكثر منه للمبادئ، ولكن مع ذلك، فإن عالم اليوم تنتشر فيه ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية والتي أصبحت تعبر عن ضمير عالمي جديد يشجع الحركات الوطنية على التحرك باتجاه تحقيق الديمقراطية في بلدانها».

وتحدث الجمري عن عامل سابع يتعلق بالوضع الإقليمي «الذي اهتز بعد انتفاضات وثورات الربيع العربي في 2011، ولكنه حالياً يتعرض لامتحان كبير بعد انتشار الحركات الإسلامية المتشددة التي ترفض كل ما يمت إلى الديمقراطية بصلة، وخلقت وضعاً جديداً أدى إلى احتشاد دولي بقيادة أميركا لضرب هذه الجماعات لمنع الفوضى والمذابح والانهيارات من الانتشار في كل الشرق الأوسط».

كما تحدث عن الجمري عن عامل ثامن يؤثر في إمكانية الانتقال إلى نظام ديمقراطي مكتمل الأركان، وهو «طبيعة الممارسات القانونية والدستورية والعادات والتقاليد المعتمدة في أي بلد، لأن الهيكلية السياسية القائمة تحدد مدى إمكانيتها على التجاوب مع مطالب تحقيق الإرادة الشعبية والعقلانية والحقوقية في السلطة».

ومن جانبه، تساءل الأمين العام السابق لجمعية المنبر التقدمي حسن مدن «ما الذي يجعل الأمم المتحدة تختار يوماً عالمياً للديمقراطية؟، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الديمقراطية أصبحت قيمة إنسانية عابرة للحدود، ولا يمكن تصور العالم اليوم بدون الديمقراطية».

وأضاف مدن «ربما نشير هنا إلى أميركا اللاتينية، التي كانت تعاني حتى فترة قريبة من حكم الجنرالات، ولكن هذه القارة انعطفت نحو الديمقراطية في عملية تداول سلمي للسلطة».

وأفاد «في أوروبا الشرقية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، أصبح هناك ديمقراطية جاءت بعض الأنظمة السابقة إلى الرئاسة عبر صناديق الاقتراع، ولكن كان المهم أن ذلك تم بقرار شعبي ديمقراطي».

وأشار إلى أن «الوطن العربي ربما هو استثناء، حيث في هذه المنطقة تتعثر في الديمقراطية، التي باتت عصية على هذه الدول، ومنطق الحكومات يروج إلى أن هذه الشعوب شعوب متخلفة غير قادرة على إدارة شئونها بشكل ديمقراطي، ولكن هذا قول مردود عليه، ولعل تطورات الحراك في الدول العربي مثل تونس ومصر تدلل على أن الشعوب العربية جاهزة للديمقراطية».

وشدد مدن على أن «عماد التحركات في مصر وتونس لم يكن الحركات الإسلامية بل كانت قوى شبابية، والقول إن الشعوب العربية غير جاهزة للممارسة الديمقراطية غير مقبول».

واستدرك «صحيح أن المخاض نحو الديمقراطية مخاض صعب، ولكن لا يمكن القول إن هذه الشعوب غير مستعدة الديمقراطية».

ولفت إلى أن «الديمقراطية في الدول العربية عندما تطبق قد تدفع بقوى غير ديمقراطية إلى البرلمان والمؤسسات المنتخبة، ولكن الديمقراطية ليس الانتخاب فقط، ففي الحالة التونسية، كان حزب النهضة وهو الذراع السياسي للإخوان المسلمين في تونس، سعى كما فعل الإخوان في مصر إلى الاستحواذ على الأمور كافة في تونس، ولكن أثبت المجتمع التونسي المدني أنه حي، وعمل على تصحيح المسار الديمقراطي، وأنه يمكن أن يكون نداً لصناديق الاقتراع».

وأوضح أنه «يمكن أن تدفع الديمقراطية بقوى غير ديمقراطية إلى صناديق الاقتراع، ولكن الديمقراطية قادرة على تصحيح أخطائها، هتلر وصل إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، ولم يصل عبر الدبابات».

وأكمل مدن «هناك سؤال طرح منذ سنوات، هل الديمقراطية تأتي من الخارج أم الداخل، خاصة مع وجود المشروع الأميركي في نشر الديمقراطية؟، وأصبح هناك حديث موسع عن جدلية الإصلاح، وكان النقاش العربي يتركز حول هذا السؤال، وكان الحديث يتركز حول رفض الإصلاح من الخارج وتهيئة الأمر لتطبيقها من الداخل».

وقطع «نحن نقول إن هذا الكلام صحيح، ولكن أين هو الإصلاح القادم من الداخل، ليس كل من يدعو إلى دمقرطة دول المنطقة له أجندة في الهيمنة على المنطقة».

وبيّن أن «هذا السجال في جزء منه مفتعل، وليس كله كذلك، هناك تجربة عاشتها العراق، ولكن رفض الديمقراطية بحجة أنها قادمة من الخارج يجب أن تترتب عليه قناعة بالبدء بالإصلاح الداخلي».

وأفاد مدن «حتى الحديث عن أن بلداننا لها خصوصيات، وأن علينا أن نختار الديمقراطية التي تناسب مجتمعاتنا، ولكن الديمقراطية هي قيم مطلقة، ولا يمكن رفض جوهر الديمقراطية بحجج كهذه».

وأردف «أيضاً الحديث عن أن الديمقراطية تأتي بالتدرج، قد يكون مقبولاً، ولكن أين هو التدرج والخطة والبرنامج لهذا التدرج، لأننا نرى في نهاية المطاف أن هذه الحجج تأتي للهروب من الاستحقاق الديمقراطي وعدم الوفاء بالواجبات التي تفرضها تطلعات الشعوب».

وأضاف «أما فيما يتعلق بالشأن البحريني، فنضال الشعب البحريني نحو الديمقراطية لم يبدأ من العام 2011، وبالتالي المسألة الديمقراطية ليست دخيلة علينا، ولم يأت بها الربيع العربي، فلا شيء يأتي من الخارج لو لم تكن جذوره متجذرة في المجتمعات».

وتابع «البحرين شهدت تحولاً نحو الديمقراطية من خلال ميثاق العمل الوطني الذي استقبل بالتفاف شعبي كبير، وكان لهذه الخطوة أن تشكل منعطفاً حاسماً نحو الديمقراطية ولكن الأمور لم تسر وفق هذا الطريق».

وشدد مدن «لا يمكن أن نحقق الديمقراطية بدون إعطاء دور لمؤسسات المجتمع المدني، حيث جرى انقضاض عليها واستهدافها».

واستدرك «لن نعيد التاريخ، ولكن لا يبدو أنه جرى استخلاص الدروس مما جرى في العام 2011، وكان من المفروض احتواء الأسباب التي قد تؤدي إلى انفجارات في المستقبل».

وتابع «ما يجدر بنا كمجتمع مدني وجمعيات سياسية هو التشديد على الوحدة الوطنية، وعلى الرغم من طبيعة الحراك الذي جرى في العام 2011، إلا أن هناك ظروفاً أدت إلى انحساره على طائفة واحدة، وقد لعب البعض دوره في تعميق الخلافات، على عكس تجربة الهيئة الوطنية في الخمسينيات، التي تداعى لها قيادات من الطائفتين لإطفاء نار الفتنة الطائفية».

وأكمل «الحل في البحرين لن يكون إلا حلاً وطنياً، يمكن للدولة وفق القناعات الموجودة أن تفضل المحاصصات الطائفية وتمنع الحل الوطني الذي يعيد إلى الوطن لحمته، هناك خسارة كلفتها آلاف المعتقلين ومن قتلوا في المسيرات والاحتجاجات وغيرها، والجانب الثاني هو الفجوة المجتمعية التي تعمقت».

وواصل «لا أقول إن تصحيح هذا الموضوع مستحيل، نحن بحاجة إلى أن نعيد الاعتبار للحركة الوطنية للمجتمع البحريني، والإيمان أن الديمقراطية يجب أن تعود بالنفع على مكونات المجتمع كافة».

وختم مدن «هناك مستفيدون من هذا الانقسام المجتمعي، ولكن يجب أن نعمل لخلق الوعي أن الديمقراطية يجب أن تؤسس لشعب موحد».

العدد 4392 - الإثنين 15 سبتمبر 2014م الموافق 21 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • المتمردة نعم | 3:08 ص

      المتمردة نعم

      التغيير من الداخل اذا نحن تحررنا من الخوف المجتمعي وردات فعلهم حين تتملكنا الرغبة في انتقاد تيار او بالاحرى المعارضة فنتذكر ان المجتمع لا يتقبل ذلك او نتذكر اننا ممكن نكون منبوذين فحينها انا اعطيك يا استاذ ضمان اننا بجد نسعى الى الديمقراطية اما انا لازلنا لا نملك جرأة لذلك ونتشدق بمسميات للجمهور فاسمح واعذرني ولك مقامك فنحن نقول ما لا نفعل كما الشعراء يقولون ما لا يفعلون

    • زائر 4 | 1:53 ص

      للاسف

      بما ان الحكومة تغدي اصحاب الفتن في الاعلام وتحرضهم على المكونات الوطنية فلا تتأملون خير في هالحكومة وهذا عدا كثير من انتهاكات حقوق الانسان

    • زائر 3 | 1:41 ص

      احسنتم

      نشكر الاصوات البناءة التي تصب في مساعدة الشعب المستضعف

    • زائر 2 | 12:49 ص

      ديمقراطية

      تتكلمون عن الديمقراطية و كلكم تسيرون وراء رجل دين واحد اذا قال يمين رحتو يمين حتي الشيوعيين والبعثيين والسبب طائفي بامتياز

اقرأ ايضاً