العدد 4384 - الأحد 07 سبتمبر 2014م الموافق 13 ذي القعدة 1435هـ

ليبيا ـ اعتداءات المليشيات المتصاعدة يمكن أن ترقى لجرائم الحرب

عمّان - هيومن رايتس ووتش 

تحديث: 12 مايو 2017

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن قوات المليشيات الليبية المتحاربة للسيطرة على طرابلس ومحيطها قد انخرطت في اعتداءات على المدنيين والممتلكات المدنية ترقى في بعض المناطق إلى مصاف جرائم الحرب. قامت المليشيات بخطف أشخاص، ونهب ممتلكات، وحرقها وتدميرها بطرق أخرى.

فر آلاف السكان من منازلهم خلال خمسة أسابيع من القتال بين تحالف فجر ليبيا، الذي تقوده مليشيات من مدينة مصراتة الساحلية، وائتلاف من مليشيات بلدة الزنتان الجبلية. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش سلسلة من الاعتداءات التي شنتها قوات فجر ليبيا على مدنيين وممتلكات مدنية منذ السيطرة على طرابلس، بما فيها مطارها المدني، في 24 أغسطس/آب 2014.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يتعين على القادة من الجانبين كبح جماح قواتهم وكسر حلقة الانتهاكات، أو المخاطرة بالوقوف في صدارة طابور العقوبات المحتملة أو الملاحقة القضائية الدولية. وعلى جميع الأطراف المتحاربة احترام التزامها بحماية المدنيين في كافة الأوقات ومحاسبة قواتهم عند ارتكابهم جرائم".

ويبدو أن كلا الجانبين قد ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى مصاف جرائم الحرب خلال خمسة أسابيع من الاقتتال الذي أشعل شرارته اعتداء فجر ليبيا الأولي على مطار طرابلس في 13 يوليو/تموز. اشتمل القتال، الذي انحصر معظمه في المناطق الغربية من طرابلس، على إطلاق نيران عشوائية عديمة التمييز من الجانبين.

ومنذ أن مالت الكفة لصالح فجر ليبيا في طرابلس، قامت قواتها بارتكاب المزيد من الانتهاكات ضد صحفيين ومسؤولين حكوميين ومدنيين عاديين اشتبه في تأييدهم للتحالف الذي تقوده الزنتان أو تعاطفهم معه، وهو التحالف المنحاز إلىعملية كرامة ليبيا. وكرامة ليبيا هو الاسم الذي تعرف به حملة عسكرية في شرق ليبيا يقودها اللواء السابق في الجيش الليبي خليفة حفتر لمحاربة المليشيات الإسلامية المحسوبة على مجلس شورى شباب الإسلام بما فيه أنصار الشريعة.

وتتضمن أفعال فجر ليبيا التي وثقتها هيومن رايتس ووتش اعتداءاً على قناة "العاصمة" التلفزيونية الخاصة في 23-24 أغسطس/آب، قام فيه المقاتلون بإرغام القناة على وقف بثها، وإشعال النيران في منزل المدير، وخطف 3 موظفين ما زالوا في عداد المفقودين. كما تم استهداف منازل وممتلكات أشخاص آخرين مرتبطين بقناة العاصمة، وكذلك منزل الصحفي حسام الوحيشي. .

وبحسب الحكومة الليبية، قامت قوات من مليشيات فجر ليبيا بالاعتداء على منزل رئيس الوزراء عبد الله الثني في 25 أغسطس/آب، مجبرين عائلته على المغادرة، كما قاموا العبث بالمنزل وإشعال النيران فيه. وفي 27 أغسطس/آب قالت الحكومة إن "عصابات إجرامية" أحرقت منزل القائم بأعمال وزير النقل عبد القادر الزنتاني.

في حالات أخرى قامت المليشيات باستهداف أشخاص من الزنتان ومؤيدي كرامة ليبيا، إضافة إلى أشخاص كانت المليشيات المصراتية قد هجرتهم قسراً من مدينة تاورغاء في أعقاب نزاع 2011 بسبب تأييد سكان تاورغاء المزعوم لمعمر القذافي.

وقد ورد في تقرير بتاريخ الأول من سبتمبر/أيلول أصدرته لجنة الأزمات بالمجلس البلدي للزنتان أن منازل ما لا يقل عن 80 عائلة من الزنتان في طرابلس قد "تعرضت للاعتداء والنهب"، وأن 80 رجلاً من الزنتان قد تعرضوا للاحتجاز أو الخطف أو أصبحوا في عداد المفقودين.

في 30 أغسطس/آب قام مسلحون من قوات درع ليبيا، وهي مليشيا منتمية إلى تحالف فجر ليبيا، بالاعتداء على مخيم للنازحين من تاورغاء في طرابلس، فقتلوا رجلاً واحداً وأصابوا عدة أشخاص. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على المجموعات المسلحة، وعلى الحكومة الليبية أيضاً، اتخاذ خطوات عاجلة لوقف انتهاك حقوق سكان تاورغاء الذين تم تهجير 40 ألفاً منهم قسريا.

ويبدو أن الجانبين يحتجزان أشخاصاً تم اعتقالهم أثناء القتال، رغم انقطاع أخبار بعضهم منذ احتجاز قوات المليشيات لهم. اختفى عبد المعز بانون، الناشط المقيم في طرابلس، منذ قيام أفراد مليشيات مرتبطة بفجر ليبيا على ما يبدو باعتقاله من أمام منزله في 25 يوليو/تموز. أما سليمان زوبي عضو البرلمان السابق فقد احتجزه أفراد ميليشيا برق النصر المنتسبة إلى الزنتان منذ 21 يوليو/تموز، كما قالت عائلته لـ هيومن رايتس ووتش.

قالت هيومن رايتس ووتش إن كافة المحتجزين من جانب الفصائل المتحاربة ينبغي أن يلقوا معاملة إنسانية وأن تتم حمايتهم من التعذيب أو غيره من ضروب إساءة المعاملة، اتفاقاً مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

وقد أفاد مجلس طرابلس المحلي في 25 أغسطس/آب بنزوح ما لا يقل عن 12600 عائلة بسبب العنف. وقال مسؤولون من مجلس تاورغاء المتمركز بطرابلس، يوم 29 أغسطس/آب، إن أغلبية العائلات الألف المقيمة في 3 مخيمات مؤقتة في طرابلس، مخصصة للنازحين من تاورغاء، قد غادرت المخيمات في غمار الظروف المتدهورة والخوف من الهجمات الانتقامية. وذكر تقرير للأمم المتحدة بتاريخ 4 سبتمبر/أيلول أن 100 ألف شخص قد نزحوا بفعل أحداث العنف الأخيرة في ليبيا، وغادر البلاد 150 ألفاً آخرين، وبينهم مهاجرون.

ويقع على كافة الأطراف المتحاربة في ليبيا إلزام بالتقيد بقوانين الحرب، كما أن بعض الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب، عند ارتكابها بنية إجرامية، تعتبر جرائم حرب. ويقع مرتكبو جرائم الحرب أو من يأمرون بها أو يساعدون أو يمارسون مسؤولية القيادة فيها تحت طائلة الملاحقة من جانب المحاكم الليبية أو المحكمة الجنائية الدولية، المختصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وإبادة العرق المرتكبة في ليبيا منذ 15 فبراير/شباط 2011، بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1970.

في تصريح بتاريخ 25 يوليو/تموز حذرت مدعية المحكمة الجنائية الدولية من أن مكتبها "لن يتردد في التحقيق وملاحقة مرتكبي الجرائم بموجب اختصاص المحكمة في ليبيا، وبصرف النظر عن مكانتهم الرسمية أو انتمائهم". ومع ذلك فإن مدعية المحكمة الجنائية الدولية لم تفتح حتى الآن تحقيقا جديداً رغم الانتهاكات المستمرة في ليبيا والتي قد ترقى إلى مصاف جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية.

في 27 أغسطس/آب مرر مجلس الأمن القرار رقم 2174 (2014) الذي يوسع العقوبات الدولية القائمة على ليبيا بحيث تشمل الأشخاص المتورطين أو المؤيدين لأفعال "تهدد السلم أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا، أو تعرقل أو تقوض استكمال انتقالها السياسي بنجاح". وتشمل تلك الأفعال "تخطيط أو توجيه أو ارتكاب أفعال تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي المنطبقة، أو الأفعال التي تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان".

وقد أعاد مجلس الأمن في القرار رقم 2174 التذكير بقراره من سنة 2011 القاضي بإحالة الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأعاد التأكيد على أهمية المحاسبة للأشخاص المسؤولين عن جرائم خطيرة، بمن فيهم المتورطين في اعتداءات على مدنيين.

قالت سارة ليا ويتسن: "يخاطر المسؤولون عن انتهاكات، أو من يغضون الطرف عنها، بالوقوع تحت طائلة عقوبات محتملة أو الملاحقة القضائية الدولية على جرائم حرب".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً