ربما تكون شهادة الإبنة مجروحةً دائماً في أمها، وربما تكون شهادة العاشقة مجروحةً فيمن تحب أيضاً، كما هي شهادة المواطن التي تكون مجروحةً في وطنه الذي يكن له الولاء؛ ومع كل هذا سأقول شهادتي عن الحضن الذي ضمني، والوطن الأصغر لي، والعشق الذي يتجدّد كلما مرّ الوقت، وكلما حصدنا نجاحاً جديداً، أو اجتزنا عثرة أصبحت من طيات الماضي.
من الجميل أن تنتمي إلى مكانٍ يشعرك بالفخر كلما اقترن اسمك به، وحين يسألك أحدهم عن الجهة التي تنشر كتاباتك فيها تجيبه بكل سعادة باسمها، أن تكون ضمن طاقم مهما ازداد عدده أو قل، يعرف كل شخص فيه أهمية الآخر، ويبتسم حين يسمع اسمه يتردد مع عبارات الشكر وكأنه هو المعني، أن تكون ضمن أسرة لا تفرّق بين أبنائها، فتكرّم الكبير كالصغير، والأبيض كالأسود، والعربي كالأجنبي، لا فرق بينهم إلا بما تزرع أيديهم.
كان هذا هو شعوري – وأظنه شعور أبناء «الوسط» جميعاً- في احتفالية المؤسسة بمناسبة مرور اثني عشر ربيعاً على صدور صحيفة «الوسط»، حين كُرِّم العاملون على اختلاف أطيافهم لأنهم تميّزوا، وحين وقف رئيس التحرير ليشكر الطاقم كله، كما وقف رئيس مجلس الإدارة، كل هذا البهاء يجعلك تغبط نفسك لأنك هنا في هذا المكان، ولأنك جزءٌ من هذا الفرح، وهو شعوري كلما ذكرت اسم «الوسط» في مكان ما.
لـ «الوسط» طبيعة خاصة تختلف عن المؤسسات الإعلامية التي عملتُ بها سابقاً، وتلك التي أراها وأسمع بها وأقرأها، ولها سقفٌ يجعلك راضياً عن الحرية التي توفّرها لك ككاتبٍ في زمن تحسب فيه الكلمة بألف رصاصة على الحق والظلم معاً. فكلمة في وجه الأوضاع الخاطئة اليوم قد تكون سبباً في اعتقال الصحافي ورئيس التحرير ومسئول القسم، وقد تكون سبباً في مقتل الصحافي في بعض البلدان، وهي ذاتها قد تكون سبباً في خلع أحد المسئولين أو الوزراء من كرسيه حين ينخر الفساد أعمدته؛ ولهذا فإن الصحف اليوم «تبعد عن الشر وتغني له» كي لا تُصاب بصداع الأسقف العالية من الحرية، وهو ما تريده الحكومات والأنظمة في الدول العربية، فيما حاولت «الوسط» أن تمنح صحافييها وكتّابها سقفاً يسمح بإبداء آرائهم، ويسمح بالتدقيق والتحقيق في كل خطأ إن امتلكت أدلة عليه، وما هي الصحافة إن لم تكن فضح المستور من الفساد والظلم ومعالجة الأخطاء وتصحيحها؟
و»الوسط» في الوقت ذاته، قادرةٌ على الذهاب إلى مواطن القوة لتشير إليها، ولهذا كانت ولا زالت إصبعاً تضع يدها على الجرح ليعالَج، من دون الخوف من مقدار الألم الذي قد يسبّبه العلاج ، وهي الإصبع التي تشير إلى مواطن الإنجاز لتعزّزها وتنشر شذاها العبق ليستمتع به الجمهور.
كل عام و»الوسط» وأبناؤها وجمهورها بخير... وكل عام ووطننا الأكبر الذي يضمنا جميعاً بألف خير.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4384 - الأحد 07 سبتمبر 2014م الموافق 13 ذي القعدة 1435هـ
الوسط شامخة
لم أتوقع أن تصمد أمام السحق الذي طال الجميع ولكن صفحاتها في عز العذابات عبرت بصدق عن آهاتنا وحرماننا
شكرا
شكرا للوسط لقد نورت الجميع بالحقيقة الي اصير فى البلد منظلم الحكومة لشعبها والله ياخد الحق المسلوب وشكرا للكاتبه
مبروك للوسط
تسلم يمينك استاذتنا الجميلة المبدعة ، مبروك للوسط ولك