جذب المتطرفون الذين استولوا على مناطق واسعة من العراق وسورية انتباه العالم ببراعتهم العسكرية ووحشيتهم المفرطة. ولكن ينتاب أجهزة الاستخبارات الغربية القلق أيضا بسبب إجادتهم الاستثنائية لأسلحة تبدو أقل فتكا من بينها أحدث تقنيات الفيديو والصور الميدانية الملتقطة من طائرات من دون طيار ورسائل «تويتر» المكتوبة بلغات متعددة.
يستخدم تنظيم «داعش» بحسب تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز نظام تبادل الرسائل المعاصر في تجنيد المقاتلين وتخويف الأعداء والترويج لمزاعمه بإقامة "دولة خلافة إسلامية" موحدة تحكم وفقا لتفسيرات متشددة للشريعة الإسلامية. وإذا كان من الواضح أن تعصب التنظيم وعمليات الذبح الذي ينفذها تعود إلى قرون بعيدة، فإن استخدامه لوسائل الإعلام مواكب للعصر الحديث.
يكشف استعراض إنتاجه المذهل المطبوع وعبر الإنترنت عن عدة مفاجآت. على سبيل المثال، لا تحتوي دعاية «داعش» على دعوات كثيرة لشن هجمات ضد الغرب، حتى على الرغم من مقطع الفيديو الشهير بين الأميركيين الذي صدر منذ أكثر من عشرة أيام يظهر فيه مقتل الصحافي الأميركي جيمس فولي، وتهديد رهينة أميركي آخر، وذُكر فيه أن الغارات الأميركية على «داعش» سوف «تسفر عن إراقة دماء» أميركيين. يبتعد هذا عن جميع ما ينشره التنظيم ويروج له من أن هدفه الأكبر هو تأمين "الدولة الإسلامية" والتوسع فيها. يقول الخبراء إن ذلك قد يتغير بين عشية وضحاها، ولكن حتى الآن يظل هناك اختلاف حاد بين «داعش» وتنظيم القاعدة الذي جعل شن الهجمات ضد الغرب من أولوياته لفترة طويلة.
وفي حين ربما يعتمد «داعش» على إراقة الدماء فإنه يبدو عازما على إظهار فطنة الدولة البيروقراطية الذي يدعي إقامتها. يمتلئ التقريران السنويان اللذان أصدرهما حتى الآن بما يشبه السجل "الجهادي" الذي يدون الإحصائيات المتعلقة بكل شيء بداية من «المدن التي تم الاستيلاء عليها» و«علميات القتل بالسكين» التي ارتكبتها قوات «داعش» إلى «إقامة نقاط تفتيش» وحتى «المرتدين التائبين».
يحيط الجهاز الإعلامي لـ«داعش» حملته بإطار عصري، يشن من خلاله التنظيم هجوما على التقسيمات القومية والحدود التي رسمتها في الشرق الأوسط قوى غربية بعد الحرب العالمية الأولى. يدفع «داعش» في مجلته الناطقة باللغة الإنجليزية بأن هذه «التقسيمات الصليبية» وقادتها العرب الحاليين كانت جزءا من إستراتيجية «فرق تسد» التي تهدف إلى منع المسلمين من الاتحاد «تحت قيادة إمام واحد يرفع راية الحق».
هذا الشعور بالظلم التاريخي كان الفكرة الرئيسة لدى تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية الأكثر اعتدالا. لكن وجه الاختلاف هنا هو أنه من خلال الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي وامتلاك أسلحة ثقيلة والحصول على ثروات طائلة من عمليات الخطف وسرقة النفط والمصارف والابتزاز، يدعي داعش أنه اتخذ خطوة كبيرة تجاه تصحيح ما يصفه بالخطأ القديم، وفي سبيل إقامة دولة إسلامية موحدة تضم تحت رايتها دولا قائمة.
يعمل التنظيم بحذر في شن حملة التجنيد حيث يبعث برسائل مختلفة إلى المسلمين في الغرب وإلى هؤلاء القريبين منه. ولكن تتخذ جميع الرسائل صورة القوة العنيدة التي لا يمكن إيقافها. وتحقق هذه الحملة تأثيرا، فقد اجتذب التمرد المسلح في سوريا والعراق ما يصل إلى ألفي مقاتل غربي، ربما يكون من بينهم 100 أميركي، إلى جانب عدة آلاف من الشرق الأوسط وغيره من المناطق، على الرغم من أن بعضهم عاد إلى وطنه. ويعتقد الخبراء أن معظم المتبقين اليوم يقاتلون مع تنظيم داعش.
يقول المحلل السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) اميل نخلة، «الفكرة الغالبة هي أن النجاح ينتج نجاحاً. وتعني فكرة انتصاراتهم السريعة واستيلائهم على الأراضي وأسلحة وقواعد أنهم لا يحتاجون إلى بذل جهد كبير في التجنيد». أضاف نخلة أنه على مدار عقدين، تحدث أسامة بن لادن عن إعادة إقامة الخلافة، لكنه لم يدع مطلقا أنه حقق ذلك.. «ينظر الشباب إلى "داعش" ويقولون ("يا إلهي إنهم يقيمونها!)"، ويشاهدون مقاطع فيديو يظهر فيها مقاتلو "داعش" على ظهور دبابات. ويرون أن "داعش" لديه المال».
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيينا توماس شميدينغير، إنه قبل استيلاء «داعش» على مدينة الموصل في العراق في يونيو/ حزيران الماضي، كانت الفصائل الأخرى في سورية تجتذب مجندين أوروبيين.. «لكن منذ سقوط الموصل، يذهب الجميع تقريبا إلى تنظيم داعش».
في تاريخ تطور دعاية الجهاديين الحديثة، يمثل بن لادن الذي كان يخاطب كاميرا واحدة ثابتة موجها خطابا باللغة العربية الفصحى، الجيل الأول (وكان لا بد أن يتم توصيل الفيديو إلى شبكة تلفزيون «الجزيرة» أو أي شبكة تلفزيونية أخر لإذاعته). وكان أبرز شخص في الجيل الثاني هو نجم يوتيوب رجل الدين الأميركي الأصل أنور العولقي، الذي قتل في غارة شنتها طائرة من دون طيار في اليمن عام 2011، وكان يخاطب الغربيين باللغة الإنجليزية السائدة ولديه مدونة وصفحة على «فيسبوك»، كما ساعد على إصدار مجلة بالألوان ناطقة باللغة الإنجليزية.
يمثل تنظيم داعش الجيل الثالث من الجهاد الإلكتروني، حيث تنشر عشرات الحسابات على موقع «تويتر» رسالته، وينشر خطبه الرئيسة بسبع لغات. وتستعين مقاطع الفيديو ببعض صور ماديسون أفينيو وهوليوود، وألعاب الفيديو القتالية وأفلام قنوات الكابل، كما تنتشر رسائله المؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعندما تتعرض حساباته للحظر، تظهر غيرها على الفور. كما يستعين بخدمات أخرى مثل «جست باست» لنشر ملخصات للمعارك، و«ساوند كلاود» لنشر تقارير صوتية، و«إنستغرام» لمشاركة الصور، و«واتساب» لنشر رسوم الغرافيكس والفيديوهات.
يقول عالم النفس في جامعة ماساشوستس في لويل الذي درس لفترة طويلة ما يتعلق بالإرهاب جون هورغان، "إنهم بارعون في استهداف الجمهور الشاب. وهناك إلحاح في الأمر، وكأنهم يقولون: "كن جزءا من كيان أكبر منك وانضم إليه الآن"".
أما الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد ومؤلف كتاب «العدو البعيد: لماذا أصبح الجهاد عالميا» فواز جرجس، ، فيقول «حتى الآن ركز تنظيم داعش باستمرار على ما يسميه المسلحون بـ(العدو القريب) - أي قادة الدول الإسلامية مثل بشار الأسد في سورية - وليس (العدو البعيد) - أي الولايات المتحدة وأوروبا». وأضاف قائلا «يظل القتال ضد الأميركيين والإسرائيليين بعيدا، ولا يحتل أولوية. بل يجب أن ينتظر التحرير في الداخل».
من جانب آخر، كان تنظيم القاعدة يؤكد على ميزة وجود شبكة إرهابية من المؤيدين الذين يحملون جوازات سفر غربية ويستطيعون شن هجمات في بلادهم. ولكن يشير الطقس العام السائد لدى انضمام مجندين جدد إلى "داعش" بتمزيق أو حرق جوازات سفرهم إلى التزام لا رجعة فيه بالانتماء للتنظيم.
داعش منظومة متعددة الجنسيات
من جهة نظري داعش منظمة متعددة الجنسيات تدعمها مخابرات الدول العربية الرجعية بالمال و بعض الدعم اللوجستي، و تحركها أجندات غربية أميركية صهيونية، و مهمة داعش كما أعتقد لأجبار بعض الدول و على تقسيم نفوذ جديد بعد فشل مشروع شرق أوسط جديد صهيوني، و لا ننسى حينما عُثر على غرفة عمليات في القصير تديرها مخابرات غربية و عربية رجعية، و الكثير الكثير الذي يدلل بشكل قاطع على أن داعش كالجهاز الألكتروني الذي يحدد تحركاته الريموت الغربي الصهيوني الأميركي، و أنا بهذا النظرة لا أنسف وجود خلافات حقيقية بينهم،