يجمع أهل التربية سواء المسلمين أو غير المسلمين على أن التربية تكون بالقدوة لا بالكلام والحديث فقط، وهذا ما تشير إليه الدراسات التربوية، وتؤكد أن الحديث والكلام بخلاف الواقع العملي ليس له أي تأثير. هذا إذا لم تكن تأثيراته سلبية في الغالب.

وهذا بالضبط ما تعاني منه وزاراتنا ومنها وزارة التربية والتعليم التي يمكنها أن تدرس العالم معنى المواطنة والشفافية والديمقراطية وكل علوم الإنسانية والتربية.

الوزارة التي تتغنى بأنها قامت بتدريس مادة المواطنة ومواد حقوق الإنسان وأقامت الورش في هذا المجال، إلا ان كل أفعالها هي محاربة لكل معاني المواطنة وحقوق الإنسان، بل إن العام الدراسي الجديد الذي سيبدأ غداً الأحد سيكشف الكثير من الأمور التي تتكشف كل عام مع بداية العام الدراسي من وجود فصول دراسية دون معلمين أو وجود طلاب وطالبات لا يعلمون ماذا يقول المدرسون الوافدون؟ أو غيرها من الأمور.

الوزارة التي تمارس أبشع أنواع التمييز والطائفية واللاشفافية، تتعامل مع المدرسين على انهم عمال عليهم تلقي الأوامر دونما حق في إبداء أي رأي، كما هو الحال مع الكثير من الأمور التي تطلق تحت عناوين براقة من مثل «التمهن»، و «التحسين» و «تمديد الدوام».

تُدرس المواطنة كلاماً على الورق لكنها تحاربها فعلاً وواقعاً وممارسات ممنهجة في البعثات والتوظيف والتعامل مع رياض الأطفال وفي المناهج التي تقصي فئة من فئات المجتمع منها.

«المواطنة» المعتمدة التي جعلت من الوزارة تقوم بجلب مئات من المدرسين العرب بحجة عدم وجود الكفاءات هي بالضبط الأمر الذي يعرفه العالم بالتمييز، فهي مواطنة من نوع خاص تقضي بإقصاء فئة من فئات المجتمع. وهذا الأمر لا تُعنى به وزارة التربية والتعليم لوحدها، ولكن الوزارة تتحمل المسئولية كونها المعني المباشر بالأمر.

شاءت الأقدار وتقديراً لـ «المواطنة» العملية أن تنشر«صدى البلد» المصرية، خبرا تقول فيه ان رئيس ديوان الخدمة المدنية بمملكة البحرين، أحمد الزايد، التقى الثلثاء (2 سبتمبر/ أيلول 2014)، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر جبالي المراغي. ونقلت عن رئيس ديوان الخدمة المدنية بالبحرين، أنه سيتم استقدام 302 مدرس مصري، وإنهاء إجراءات التسجيل في سوق العمالة للعمل بالتدريس خلال العام الدراسي الحالي، اعتباراً من الأسبوع المقبل (الجاري).

وفي اليوم التالي نشرت «الوسط» خبرا مفاده ان شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل سيشهد انتهاء عقود المدرجات ضمن مشروع قائمة (1912 عاطلاً) والذي تم نقل مسئولية توظيف العاطلين الجامعيين من المدرجين فيه إلى وزارة العمل خلال العام 2011، بعد أن كانت المسئولية لدى صندوق العمل (تمكين) منذ انطلاقه في العام 2008.

طبعاً، للعلم هذه القائمة طرحت في مجلس النواب بوجود وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي ووعدت الحكومة بحل الملف وتم تدوير الأمر ليحوّل الى «تمكين» إلا ان عملية التدوير ظلت عملية تدوير مفرغة لم تنفع وظل هؤلاء يعانون بينما تستمر وزارة التربية والتعليم في جلب المدرسين العرب والأجانب.

والغريب أن وزارة التربية والتعليم نفت في مايو/ ايار الماضي أن تكون نشرت إلى تاريخه أي إعلان رسمي في الصحافة الخارجية بشأن التوظيف الخارجي في مصر أو في غيرها من الدول العربية، وكان موقع إخباري مصري (يعنى بالأخبار التربوية) نشر عن حاجة البحرين إلى 805 معلمين من مختلف التخصصات.

المعنى، إن جميع الكتب التي في العالم لا يمكن أن تقنع الأطفال والناس إذا خالفها الواقع، يعني لو تعلم الطفل المواطنة ويرى أن أمه أو شقيقته أو قريبته لا تعمل في الوقت الذي يدرسه في الفصل مدرسة أو مدرس غير بحريني، حينها يكون الكلام في الهواء. وتكون مناهجكم «مواطنة مع وقف التنفيذ».