ننظر للغرب كنظرة طفل لحلوى شهية لا يملك ثمن اقتنائها، ليس بيده سوى استراق النظر لها كل حين.
كبر واقتنى تلك الحلوى، تلذذ بها ولم يفكر يوماً كيف يعدها لنفسه كلما اشتهاها ورغبت فيها نفسه.
كلٌّ منا ولد بداخله حلم بموجه هو يربيه ليكبر ولكن! هنا نحن الشرقيون نسعى لقتل الأحلام في المهد.
لا ندعها ترى النور أبداً، كما في الجاهلية كان وأد البنات، بات لدينا وأد الأحلام.
لكلِّ شخص صديق، أخ، أم، أو غيره من المقربين يمكث معه وقتاً ليس بقليل، يفصح الشخص عما يخالجه من شعور، إن باستطاعته فعل كذا وكذا ليرقى بنفسه وبالوطن، تقذف كلمة «مستحيل» وما يشابهها من أخوات، لتفتك بالحلم حتى يموت... ألديكم علم الغيب حتى تجزموا أن هذا المرء لا يستطيع، وأن هذا الحلم، لن يرى الشمس يوماً؟! تقتلون الأحلام وبعدها تتساءلون لما الشرق لم يصل؟
دعوة لكم... يا من يخالجكم حلم، أغلقوا آذانكم عن من يرميكم بسهام الفشل فهو لم يسهر الليالي.
يفكر كيف يروي حلمه ليحصده هو والوطن... هو ليس أنت وليس أنت... اسقوا أحلامكم بأنفسكم، لا تنتظروا مياه الغير، ولا تستكينوا للعثرات فإنها كثر... ستتعرقلون وانهضوا، أكملوا المسير، فإن فرحة فخرك بنفسك لا تماثلها فرحة.
حوراء جعفر
المقبرة لم تعد تستوعب الكم الهائل من التعوذيات.
كل الموتى يعرفون اسمي وأسماء أولادي الذكور.
عزائم سحرك الأسود دفنت في أبنائي.
أما عفاريت البحر فجاءت، منتصف الليل على عتبة غرفة نومي وحتى حائط منزلي حينما هدمته كي أبني لي غرفة بعيداً عن زوجي الذي أراه شيطان.
وجدت رقعة... مثلثات في وسطها وبقعة دم رمادية وأشياء غريبة حين استعذت بالله احترقت بين أصابعي.
حواء الأزداني
مالفيت لي يالحبيب ترى نما عودك
كم سنه صار إلي وكم أنطر أو عودك
مرني إذا هب الشمال وبخرني بعودك
صابر وأنا أترقبك عاين ترى حالي
أشره عليك يالغضي ما تسقني حالي
أعتب عليك ما تمر في حلي وترحالي
حتى من أغيابك ذبل عودي مع عودك
جميل صلاح
ما بَيْنَ عليائِكَ وأنا... حجُبُ نورٍ.
ما بَيْنَ قدسِكَ والروحِ درجاتٌ
ومعارجُ تُرتقى.
الحبُّ أنتَ. كمَّ معرفةٍ أحتاجُ لأصلَ إليه.
على نفيسِ الحرفِ تنحني إرادةُ نظرٍ
ومن خلاصةِ السردِ تلوحُ غَرفةُ انتعاشٍ نيِّرة،
وفي عمقِ النفسِ نزعةٌ لمرتقَبٍ أنيق
وميولٌ لشوقٍ أبيض
وبدايةٍ خضراء.
من سطورٍ تدوِّي معرفةً،
تنضحُ بغريب
أستنيرُ لأجدَ ما يكسرُ الاعتيادَ والكّرَّة.
غريقُ معنى ومفتونُ ذوق.
أسْرِي باحثاً، والكونُ غارقٌ في العتمِ، بفرقةٍ من ضوءٍ، تتناثرُ على غفواتِ التجلَّي،
وغفلةِ البريقِ، تخترقُ مساماتِ الليلِ...
ليتَ الطريقَ صفر.
فالزادُ قليلٌ، والجوعُ شديد.
هل من مختصَرٍ لغاية؟
أمِن بعيدٍ بارقةً أرى؟.
هل إلى رؤيا عظمَةِ بقعةِ نورٍ منكَ أصِل؟
دُلَّني.
عبدالطاهر الشهابي
قالت وهي ترتشف ما تبقى من عصير البرتقال اللاذع: عندما أبلغ الثامنة عشرة من عمري سأهرب من المنزل، قلت لها: أو تظنين أننا في أميركا يا صغيرة؟.
أجابت ساخرة: وهل نحن بحاجة لنكون أميركيين لنقرر الرحيل؟ يكفي أن نحرم من أبسط حقوقنا لنرحل بلا عودة، سألتها باستغراب: وما الذي يزعج فتاة في مثل عمرك ويدفعها للتفكير في الهرب والخلاص؟
أجهشت بالبكاء طويلاً وراح ذاك الكوب يرتعش بيديها، وحين اكتفت، قالت: فقدت روحي ووجودي وكياني، عمري 14 عاماً ومازلت أعامل كطفلة في الرابعة من عمرها، حينما أقرر بعفوية الخوض في نقاشات الكبار أسمع صوتاً ساخراً غارقاً في الضحك يقول: لا تكترثوا لأمرها، فما تزال طفلة وما يزال عقلها صغيراً.
تصمت للحظات، تسرح بعيداً، أحدثها: تابعي يا صغيرتي أنا أسمعك،
تطالعني بانكسار، وتكمل: أنا أكبر إخوتي وحين أطالب بالحصول على شيء ما يقول لي والدي: أنا لا أملك ما يكفي من المال، وحين يتقدم أخي بطلب أي شيء يصبح المال طوع أمره، ولا أدري هل ما يزال المجتمع يميز بين الصبي والفتاة إلى هذه الدرجة؟
ما تتحدث عنه هذه الفتاة الصغيرة ليس خيالاً، ما يزال هناك الكثير من الأهالي يفرقون بين الولد والبنت، ويقدمون كل الدعم للولد وبعض حركات الدعم الخجولة للبنت.
لا أعرف ما يجري خلف الأبواب المغلقة، ولكن همسات جاءت بالصدفة من هنا وهناك، إنها حكاية والد مقتدر حينما وصل ابنه إلى مرحلة الجامعة تكفل بكل مصاريفه في تلك الجامعة الخاصة، أما حين بلغت ابنته تلك المرحلة راح يماطل ورفض دخولها إلى الجامعة وكان المبرر أنه لا يملك المال، لكن الحقيقة ليست كذلك؛ ففي حديث جانبي راح يخبر والدتها بأن الفتاة مصيرها إلى الزواج، فلا داعي لأن نصرف عليها (دم قلبنا) وفي النهاية ستتزوج وتصاحب البيت والأولاد.
أي منطق هذا؟ ألسنا في زمن التقدم؟ لماذا نتراجع بعقولنا إلى هذا المستوى من التخلف والجهل؟
وهنا لابدّ من التنويه إلى أن الإمام جعفر الصادق (ع) قد قلب النظرية التمييزية التي تقدم الذكر على الأنثى رأساً على عقب وفق نظرة دينية أرحب، حين قال: «البنات حسنات والبنون نعمة فإنما يثاب على الحسنات ويسأل عن النعمة»، فهل بعد قوله قول؟
سئمت حقاً من التحدث عن مشكلات المراهقين، وخصوصاً الفتيات لأنها في ازدياد ملحوظ، ولكن دون التفاته من الأهل على رغم اتساع رقعة التطور التكنولوجي وسرعة وصول تلك المعلومات التي تحث على التواصل المنطقي مع المراهقين.
ولكن يا أيها الآباء: قبل أن توجهوا الفتاة لتكون زوجة صالحة في المستقبل غيّروا أسلوبكم في التعاطي معها، افهموها، ناقشوها، ابحثوا بين طيات أفكارها، افسحوا المجال لمشاعرها، وقبل ذلك اسمعوها وشجعوها على الكلام لتكون بالفعل زوجة صالحة قوية متمكنة قادرة على العطاء والتعاطي بمنطق مع زوجها وأبنائها، ففاقد الشيء لا يعطيه.
نوال الحوطة
العدد 4382 - الجمعة 05 سبتمبر 2014م الموافق 11 ذي القعدة 1435هـ