«إننا نتحدث عن حقوق وعن مواطنين لهم الحق في المطالبة بهذه الحقوق، ولا نتحدّث عن منة من السلطة والحكم، لأن ذلك من واجباته تجاه شعبه»، و«إننا نريد إشاعة ثقافة الحق والقانون والمواطنة ونرفض ثقافة الهبات والمكرمات والرعية والرياء والنفاق والتزلف الذي يجيده بعض المتزلفين ووعاظ السلاطين ويعجب بعض المسئولين لكنه مضر بالحاكم والمحكوم»... هذه الكلمات الجادة والمعبّرة والمحقة، كرّرها المناضل عبدالرحمن محمد النعيمي في خطابه الشهير لمناسبة ترشّحه في الانتخابات البرلمانية العام 2006 التي خرج منها منتصراً بنضاله ضد التزييف والتحريف والتحريض الطائفي والمؤامرة المعروفة التي حيكت ضده لمنعه من الوصول للبرلمان.
هذه الكلمات نفسها يستعيدها المناضلون من أجل الحريات والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في البحرين في كل الأوقات والمناسبات، من مبادئ ثابتة راسخة لا تقبل أي تردد أو خوف أو وجل، والتي أكّدت على التمسّك بها والسير على خطواتها قيادات «وعد» وقواعدها وأنصارها في مناسبة إحياء الذكري الثالثة لرحيل مؤسسها المناضل الوطني عبدالرحمن محمد النعيمي.
واليوم (3 سبتمبر/ أيلول 2014) تمر الذكرى الثالثة على رحيل المناضل الوطني والقومي عبدالرحمن النعيمي (أبو أمل)، الأمين العام السابق لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) وروحه لاتزال ترفرف في فضاء البحرين التي أحبها وعشقها وناضل وضحى من أجل تطورها وتقدمها وازدهارها وحرية شعبها. وكلماته لاتزال مفاعيلها تصدح صدحاً في أذهان الناس وخصوصاً هؤلاء الذين مازالوا على العهد سائرين من أبناء البحرين ومعهم «وعد»، التي أسسها النعيمي ورفاقه المناضلون والمناضلات، بعد عودته من المنافي القسرية، وأراده أن يكون منبراً وصوتاً وطنياً جامعاً لشعب البحرين بكل أطيافه وتياراته وفصائله وطوائفه.
لقد سعى النعيمي إلى تعريف أن كل ما كان يحدث في الماضي القمعي، الذي عايشه في البلاد، ليس مسئولاً عنه شعب البحرين برمته الذي دفع أثماناً باهظةً من أجل الديمقراطية والحريات وقدّم كواكب من الشهداء والمسجونين والمبعدين والمنفيين في مختلف العواصم العربية والعالمية، وإنما قوانين القمع وخنق الحريات وثقافة التمييز والتهميش والاحتكار هي المسئولة عن ذلك.
في ذكرى رحيله الثالثة، كان من المؤمل أن تنعم البحرين بالهدوء والوئام والاستقرار والعيش المشترك، وليس التشظّي والانقسام والتمييز على أسس طائفية ومذهبية مقيتة. وقد عصفت الأزمة السياسية في البحرين منذ 14 فبراير/ شباط 2011 بكل الأحلام المعقودة على تطور البلاد وتقدمها وازدهارها وبلوغها مستوى الديمقراطيات المتقدمة في العالم، وبدلاً من أن تتاح الفرصة لكل المواطنين بالحديث عن حقوق ومكتسبات المواطنة المشروعة والمطالبة بها كحق أصيل، كمّمت السلطة الأفواه المطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومنع التمييز، وقدّمت مثالاً رائعاً في «الصراع الديمقراطي» الذي ينحاز إلى فئة دون أخرى في المجتمع، والتي ظلت تحتكره السلطة وحدها بعدما فرضت قيوداً مشدّدة على حرية الرأي والتعبير والصحافة.
وطوال تلك الفترة التي امتدت لأكثر من ثلاث سنوات، وضعت السلطة كل ثقلها لتغليب المشروع السياسي والأمني على المشروع الوطني المشترك، الذي حاولت مختلف قوى المعارضة البحرينية طرحه لإخراج البلاد من دوامة الأزمات، التي عصفت بها على مدى عدة عقود، وظلت تحفر له الحفر والكمائن بذريعة أن قوى المعارضة دائماً تقف في وجه الإصلاح فيما هي فقط الضامن الوحيد للديمقراطية.
ولكي تستطيع السلطة الخروج من عنق الزجاجة، وتحقيق الحلم الديمقراطي الذي وعدت به شعب البحرين في فترة التصويت على ميثاق العمل الوطني وتحويل دولة المراقبة الأمنية إلى مملكة، يجب أولاً التصدي لجميع المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية الملحة، التي ظل المجتمع البحريني يعاني منها، والتي تسببت في استمرار تداعيات الأزمة الأخيرة إلى هذا الوقت.
ليس بثقافة «الرعية» والرياء والنفاق والتزلف، تبنى الأوطان وتتطور وتزدهر، وليس بقمع التحركات الشعبية المطلبية السلمية وتكميم الأفواه ينتصر أي مشروع سياسي. وليس بوجود برلمان ومجالس بلدية منتخبة ومنظمات اجتماعية وحقوقية ملحقة بمؤسسات الدولة الرسمية، يمكن بناء مصداقية تشييد الدولة المدنية المنشودة، بل بالإخلاص والعمل والتفاني وتوفير الأمن والسلام والاستقرار وفرص التكافؤ الاجتماعي.
صحيح أن مطالب الغالبية الشعبية تعتبرها السلطة ذات سقوف عالية، ولكنها تبقى معقولة ومحقة في مجتمع انعدمت فيه العدالة الاجتماعية.
في كل الأحوال، لقد ضرب عبدالرحمن النعيمي، في مواقفه الوطنية المسئولة على «الوتر الحساس» الذي عكس الواقع البحريني بمختلف جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، التي أعاقت مسيرة تحقيق الحلم الديمقراطي، والتي ناضلت واستشهدت من أجله أجيال من شعب البحرين، على امتداد عقود مضت، وهي الطريق التي شقها النعيمي ورفيقاته ورفاقه المناضلون في الحركة الوطنية والإسلامية، رغم كل الصعاب والتحديات التي واجهتهم، والتي ظلت تتسم بها الرغبات والأماني والتطلعات الشعبية منذ ذلك الوقت حتى اللحظة الراهنة. ويبقى على السلطة المؤتمنة على أرواح الناس والدستور والقوانين ومستقبل البلاد السياسي، أن تخطو خطوة كبرى نحو الإصلاح الجوهري، لتلتقي مع رغبات شعب البحرين، وكذلك المجتمع الدولي الذي يريد الأمن والسلام والاستقرار لهذا البلد.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4380 - الأربعاء 03 سبتمبر 2014م الموافق 09 ذي القعدة 1435هـ
الحياة وقفة عز
هكذا تعلمنا من ابو امل الحياة وقفة عز وهو الله يرحمة عزيز علي قلب كل مواطن عاش شريف و زاهد ورحل عن هذة الدنيا و هو شريف ناصع البياض كم نحن مشتاقين ومحتاجينك في هذا الوقت العصيب الذي يعيشة الوطن والامة العربية اللة يرحمك ويجعل الجنة مثواك
الف رحمه
الف رحمه تنزل على روحك الغالية ابو خالد ، نفتقدك كثيراً في ايام البحرين الصعبة هذه . يا ليت السلطه تستفيد الآن من افكارك واطروحاتك، وخطك المستقيم ، لتخرج البحرين من ازمتها الحالية، نتمني ذلك .
النعيمي رجل مقدام
رحم الله عبدالرحمن النعيمي المناضل الشجاع والرجل المقدام الذي تعالى على الطائفية البغيضة وتصدي لكل المشاريع المناهضة للمشروع الوطني لقوى المعارضة التي ارادت به الانتقال من نظام الدولة البوليسية الى الدولة المدنية لكن المؤامرات والدسائس للاسف عطلت قيام هذا المشروع ..