اجبر الصعود المثير لتنظيم "داعش" المعروف بـ"داعش" في العراق وسوريا والاندفاعة الاميركية لمواجهته، دول الخليج على تنحية خلافاتها الداخلية مع قطر اذ ان قضية الاخوان المسلمين لم تعد تشكل اولوية خليجية في الوقت الحالي بحسب محللين.
ومع نجاح "داعش" في السيطرة على مساحات واسعة من العراق وسوريا، بدات دول الخليج تشعر بالقلق من احتمال تقدمه باتجاهها، خصوصا مع وجود صدى لايديولوجيته المتطرفة لدى بعض الاوساط على اراضيها بحسب خبراء.
وقال المحلل السياسي السعودي ورئيس مركز الخليج للبحوث عبدالعزيز بن صقر ان "الخطر الاكبر (في الخليج) اصبح من الجماعات الارهابية، ولم يعد عنوان الاخوان هو العنوان الاكبر".
ومسألة الدعم القطري للاخوان المسلمين كانت في صلب الخلاف الخليجي، خصوصا مع الامارات التي كانت "الاكثر تشددا" بحسب بن صقر.
وكتب وزير الدولة الاماراتي للشئون الخارجية انور قرقاش في تغريدة الاحد (31 أغسطس / آب 2014) ان "مصلحة الامارات خليج عربي قوي نحصنه ونبعده عن خلافات المنطقة وتجاذباتها، ومكاننا مع اشقائنا والجهود المشتركة تنجز اكثر من العمل الفردي".
واتفقت دول الخليج في اجتماع لوزراء خارجيتها السبت في جدة على "اسس" لتجاوز الخلاف بين السعودية والامارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة اخرى، مع ابقاء الباب مفتوحا امام عودة سفراء الدول الثلاث الى الدوحة "في اي وقت".
وكانت الدول الثلاث وفي خطوة غير مسبوقة منذ تاسيس مجلس التعاون الخليجي في 1981، سحبت سفراءها من الدوحة في اذار/مارس الماضي متهمة قطر بانتهاج سياسات معادية لها من خلال دعم الاخوان المسلمين وتجنيس معارضين خليجيين ومن خلال قناة الجزيرة.
واستشعارا لخطورة المرحلة، قررت الدول الخليجية خلال اجتماعها في جدة وضع خلافاتها جانبا بحسب المراقبين.
وكان العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز حذر الجمعة الغرب من ان "داعش" قد يصل اليه في غضون شهر او شهرين ما لم يتم التحرك بسرعة لضربه، وذلك بالتزامن مع اعلان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان بلاده تسعى إلى تشكل تحالف دولي لضرب تنظيم "داعش".
وقال المحلل السياسي الكويتي عايد المناع "اصبح لدينا هاجس اكبر من مسألة التباين في السياسات الخارجية، فداعش بات يسيطر على ثلث العراق وثلث سوريا".
واعتبر ان "داعش كفكرة ليست فكرة موجودة فقط في (العراق وسوريا)، بل هي موجودة حتى في دولنا وهي تنتظر الوقت لتنقض"، اذ لدى التنظيم "امتدادات عقائدية" في المنطقة على حد قوله.
وبالنسبة للمناع بدوره، فان "الخلافات السياسية (مع قطر) لم تعد تشكل اولوية، بل المشاكل المستجدة خصوصا داعش الذي لم يكن احد يذكره قبل اشهر. نحن في خطر من شمال شرق سوريا إلى شمال غرب العراق، وهذا جرس انذار حقيقي لدول المجلس لتصفي خلافاتها".
كما اشار المناع إلى "خطر الحوثيين"، وهم المتمردون اليمنيون الزيديون الشيعة الذين باتوا ينتشرون بالآلاف في صنعاء التي تبدو على شفير حرب اهلية، فيما يعد اليمن "خاصرة السعودية" بحسب المحلل الكويتي.
واذ تسعى واشنطن إلى تصعيد التحرك الدولي لمواجهة تنظيم "داعش" سيكون لدول الخليج، الحليفة المهمة للولايات المتحدة، دور مهم في اي تحرك، حتى ولو ان ذلك لن يكون على الارجح، بحسب المحللين، على شكل عسكري مباشر.
واكد وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي السبت الاستعداد لمواجهة الارهاب، فيما ذكر وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح بان دول المجلس تنتظر معلومات وتفاصيل اضافية من الاميركيين حول التحالف المزمع اقامته.
وفي هذا السياق، قال المحلل الاميركي فردريك ويري ان "دول مجلس التعاون الخليجي لا تملك قدرة حقيقية على ارسال قوات قتالية الى خارج منطقة الخليج" مشيرا الى ان اي مشاركة مباشرة ستكون بشكل اساسي لمنح "شرعية عربية رمزية" للعملية العسكرية.
اما المحلل السعودي عبدالعزيز بن صقر فيرى ان الدور الابرز الذي يمكن ان تلعبه السعودية بالتحديد في العمل العسكري ضد تنظيم "داعش" هو على مستوى المخابرات والمعلومات والقدرة على التأثير في العالم الاسلامي.
وقال في هذا السياق "السعودية لديها معلومات افضل وقدرة اكبر على جمع المعلومات على الارض، وهذا بالغ الاهمية" فضلا عن "التأثير الاعلامي والخطاب الديني للمملكة".
وعن امكانية مشاركة السعودية في عمل عسكري مباشر ضد تنظيم "داعش"، قال بن صقر "اشك في ذلك كثيرا".