العدد 4376 - السبت 30 أغسطس 2014م الموافق 05 ذي القعدة 1435هـ

لبنان يحضر مشروع قانون ضد زواج القاصرات

في سن الثالثة عشرة، تركت سميحة الغرفة التي كانت تتشاركها مع عشرة أشخاص آخرين في مدرسة قرب مدينة بعلبك في منطقة البقاع شرق لبنان للانتقال للعيش داخل خيمة مع زوجها.

فقد قرر والدها تزويجها من رجل في الواحدة والأربعين من العمر يعمل مركبا للزجاج ومتحدر من المنطقة نفسها التي نزحوا منها، من مدينة القصير في محافظة حمص السورية.

وقالت سميحة "لم اشعر بشيء، لم يكن أمامي أي خيار. في ليلة الدخلة عندما لحقت به إلى غرفة النوم كنت مرعوبة، لم أكن استطيع التحرك".

وفي تلك الليلة، من دون أن تعلم أي شيء عن العلاقات الجنسية، أصبحت سميحة حامل... "أنا تعيسة لكن علي تقبل هذه الحياة"، بحسب هذه الفتاة الشقراء الجميلة ذات العينين الزرقاوين البالغة حاليا 15 عاما والتي أصبحت أما لطفلين.

ومن اجل مكافحة تفشي ظاهرة زيجات القاصرات التي تفاقمت بشكل كبير جراء التدفق الهائل للنازحين السوريين والظروف الإنسانية البائسة التي يعيشون فيها، يحضر لبنان مشروع قانون فريد من نوعه في العالم العربي.

وقال فادي كرم الأمين العام للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وهي المؤسسة الرسمية المعنية بشؤون المرأة في لبنان، في تصريحات لوكالة فرانس برس "قمنا بصوغ اول مشروع يحدد الأطر القانونية لزواج القاصرات".

وفي هذا البلد الذي يضم 18 طائفة مختلفة، يعود الاختصاص في موضوع الأحوال الشخصية إلى المحاكم الدينية وليس المدنية، وهي تحدد السن القانونية لزواج أتباع الطوائف. وبالنسبة للمسلمين، هذه السن محددة بـ18 عاما لدى الفتيان وبين 14 و17 عاما لدى الفتيات. أما لدى المسيحيين، فهذه السن تراوح بين 16 و18 عاما لدى الفتيان وبين 14 و18 عاما لدى الفتيات.

لكن كرم أشار إلى انه "بإمكان العائلات طلب الاستحصال على إذن من المحكمة الدينية لعقد زيجات في سن أبكر".

وبالتالي يمكن تخفيض سن الزواج إلى تسع سنوات لدى المسلمين الذين يمثلون حوالي ثلثي الشعب اللبناني.

وشدد كرم على ضرورة "التكامل بين السلطتين الدينية والمدنية من اجل توفير حماية أفضل للأطفال".

وبحسب مصدر مطلع على الملف، ينص القانون الجديد المزمع تقديمه على وجوب استشارة قاضي الأحداث للاستحصال على اذونات لزواج القاصرات. وفي حال الرفض، لا يصبح الزواج باطلا بل يتوجب على العائلة وعلى الجهة التي أنجزت الزواج دفع غرامة مالية.

ومن المقرر تقديم مشروع القانون هذا للبرلمان اللبناني، إلا أن المؤسسة التشريعية تعاني شللا في الوقت الحاضر جراء فشل النواب في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب انقسامات سياسية حادة.

ولا توجد إحصائيات دقيقة بشأن زيجات القاصرين، إلا أن هذه الممارسات منتشرة خصوصا في المناطق الريفية مثل عكار في شمال البلاد وفي البقاع.

وأوضحت جيهان الاتروس الاختصاصية في حماية الأطفال في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن زواج القاصرات "كان ظاهرة هامشية في لبنان كما في سورية، لكن منذ اندلاع الحرب في البلد المجاور، بات تزويج الفتاة يعني تقليص عدد الأشخاص الواجب إطعامهم واحدا". كذلك فإن الأهالي يخشون تعرض بناتهم لاعتداءات بسبب الأحوال المعيشية المتردية التي يعيشون فيها داخل مخيمات النازحين.

ولفتت مستشارة تنمية المشاريع في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ريتا شمالي إلى أن تزويج القاصرات تحول إلى "تجارة. يتم تزويج الفتيات مقابل المال أو لقاء دفع الإيجار". وأشارت في هذا الإطار إلى فتاة بيعت للزواج مقابل ثلاثة ألاف دولار.

من ناحيتها أوضحت الناشطة السورية صباح الحلاق "إننا نقوم بداية بالتوعية بشأن الصحة". وقد نجحت هذه الناشطة بمنع عدد من زيجات القاصرات بفضل حملتها التوعوية في البقاع.

وقالت صباح الحلاق "اخبرهن عن حالة امرأة عرفتها: لقد زوجت ابنتها إلا إنها توفيت خلال عملية الإنجاب في سن 14 عاما".

وفي الكثير من الحالات، تنتهي حالات الحمل للقاصرات بوفاة الأم والجنين معا.

وبحسب ريتا شمالي، تترافق أكثرية زيجات القاصرات مع التوقف عن التحصيل الدراسي ومع حالات عنف واضطرابات مرتبطة بليلة الدخلة التي غالبا ما تعيشيها العرائس القاصرات على إنها اغتصاب.

لكن في المقابل، تحدثت نيمو وهي لبنانية في الثالثة عشرة العمر عن سعادتها بزواجها من احمد البالغ 22 عاما والذي يعمل مزارعا للتفاح والحشيشة في بلدة اليمونة الجبلية البقاعية.

وقالت من منزلها الفخم إلى جانب ابنها وابنتها "كان ذلك خياري وأنا سعيدة جدا. كنت أريد إنجاب الأطفال في اصغر سن ممكنة كي اكبر معهم".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً