أكد رئيس وزراء فيجي التي تحتجز «جبهة النصرة» 43 جنديا من وحدة بلاده العاملة في إطار قوة الفصل الدولية في الجولان السوري وجود مفاوضات مع الجبهة بدأت من أجل إطلاق سراح جنود الأمم المتحدة الـ43 المحتجزين لديها، على الرغم من نفي المتحدثة باسم بعثة «قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا» (أندوف) علمها بأي معلومات عن وساطات أو مفاوضات، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط.
وألمح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى دور قطري، من غير أن يسميه، يتولى عملية التفاوض، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «دولة إقليمية تمتلك تجربة في التوسط لإطلاق الرهائن لدى الجماعات المتشددة، تتولى الاتصال مع (النصرة) لإطلاق سراح الجنود».
وكان 43 جندياً من قوات حفظ السلام من قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، احتجزوا في الساعات الأولى من صباح الخميس على أيدي مجموعة مسلحة في محيط القنيطرة الحدودية مع إسرائيل، أثناء فترة من القتال المتصاعد اندلع بين عناصر مسلحة والقوات المسلحة السورية داخل المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان. وأعلن المكتب الإعلامي للأمم المتحدة، في بيان أصدره ليل أول من أمس، أن «81 جندياً آخرين من القوة قيدت تحركاتهم في مواقعهم في محيط الرويحنة والبريقة»، موضحاً أن «الجنود المحاصرين من الفلبين والمحتجزين من فيجي». وأكدت الأمم المتحدة أنها «تبذل كل جهد ممكن لتأمين الإفراج عن جنود حفظ السلام المحتجزين واستعادة الحرية الكاملة في التنقل للقوة في منطقة العمليات».
ونفت الأمم المتحدة أمس، علمها بأي معلومات إضافية مرتبطة بجنودها المحتجزين لدى «جبهة النصرة» في سوريا منذ أول من أمس، إذ أكدت المتحدثة باسم قوة الأمم المتحدة (أندوف) في نيويورك ستيفان دو جاريك لـ«الشرق الأوسط»: «إننا لا نملك معلومات إضافية عما أصدرناه في البيان الرسمي ليل أول من أمس»، نافية علمها بـ«وساطات أو مفاوضات تجري للإفراج عن العسكريين الدوليين المحتجزين».
ويأتي هذا التصريح رداً على ما أشيع في أوساط المعارضة السورية عن تدخل دولي للتوسط بين قوة الأمم المتحدة والمجموعات السورية المسلحة للإفراج عن الجنود الـ43 المحتجزين لدى «جبهة النصرة» التي سيطرت على معبر القنيطرة مع إسرائيل. لكن رئيس وزراء فيجي أعلن بدوره أيضا أن المفاوضات جارية من أجل إطلاق سراح الجنود المحتجزين، مؤكدا أنهم بأمان وأن الحكومة تعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة لتسوية وضعهم. وقال: «إن آخر معلومات وردتنا أنهم بأمان ويمكنني القول الآن إن المفاوضات من أجل إطلاق سراحهم بدأت»، مطمئناً عائلات الجنود «إلى أننا نبذل كل ما في وسعنا لضمان عودتهم سالمين». وقال: «إنهم جنود لحفظ السلام وليسوا مقاتلين في النزاع السوري ولا داعي بالتالي لاحتجازهم».
والتقت معلوماته مع ما كشفه مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن «دولة إقليمية دخلت على خط التوسط بين (جبهة النصرة) والأمم المتحدة بهدف الإفراج عن الجنود الدوليين المحتجزين»، مؤكداً أن ممثلين عن هذه الجهة الإقليمية تولوا التواصل مع جبهة النصرة بهدف الإفراج عنهم»، لافتاً إلى أن هذه الجهة «نجحت في الإفراج عن رهائن وصحافيين كانوا معتقلين لدى جهات متشددة»، في إشارة إلى دور قطر، من غير أن يسميها، علماً أنها توسطت للإفراج عن صحافيين ورهائن آخرين، بينهم الزوار اللبنانيين الشيعة الـ11 الذين كانوا محتجزين في أعزاز السورية شمال حلب، وراهبات معلولا الذين كانوا محتجزين في يبرود بريف دمشق.
وأثار اختطاف الجنود الأممين، الذين يتحدرون من فيجي، بحسب الأمم المتحدة، جدلاً واسعاً، كونهم غير منخرطين في الصراع السوري، وتتلخص مهمتهم بمراقبة الهدنة بين سوريا وإسرائيل.
وأفاد المرصد السوري بأن جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) قالت إن الاختطاف «جاء على خلفية احتماء جنود (الرئيس السوري بشار الأسد) بنقطة تابعة للأمم المتحدة على تل كروم ووجود جثتين لمقاتلين داخل النقطة»، مشيراً إلى أنه «من المنتظر أن يفرج عنهم في الساعات القادمة».
وإضافة إلى الجنود الدوليين المختطفين، يحاصر مقاتلو المعارضة 81 جندياً من البعثة الفلبينية في هضبة الجولان، يوجدون في موقعين منفصلين، في حين أكد رامي عبد الرحمن أن هؤلاء «لا يستطيعون التحرك من مواقعهم، خوفاً من الاحتجاز أو الصدام».
وقال متحدث باسم الجيش الفلبيني أمس، إن متشددين حاصروا 81 من جنود حفظ السلام من الفلبين في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل وإن الجنود رفضوا تسليم سلاحهم. وقال اللفتنانت كولونيل رامان زاجالا المتحدث باسم القوات المسلحة الفلبينية للصحافيين اليوم الجمعة إن قوات حفظ السلام الفلبينية رفضت تسليم سلاحها للمتشددين. وأضاف: «هذه العناصر المسلحة السورية المناهضة للحكومة تقدمت من مواقع قوات حفظ السلام الفلبينية وطالبتها بتسليم سلاحها الناري للعناصر المسلحة السورية.. ظلت قواتنا لحفظ السلام يقظة ولم تذعن لمطلبهم. ما زلنا نحمي مواقعنا ولن نسلم أيا من أسلحتنا أو مواقعنا». وأشار إلى «إننا نريد أن نطمئن الجميع أن حماية قواتنا تحظى بالأولوية لدى حكومتنا وقد بذلت كل الجهود لتأمين سلامتها»، آملاً «أن توفر المفاوضات حلا سلميا لهذا الموقف». والجنود المحاصرون يتولون موقعين تابعين لقوة الأمم المتحدة المكلفة مراقبة فك الارتباط يبعدان أربعة كلم عن بعضهما البعض.
ويقول مسؤولون بالأمم المتحدة إن قوات حفظ السلام التي تتمثل مهمتها في مراقبة وقف العمليات العسكرية تحمل أسلحة صغيرة ولا تستخدم إلا في الحالات القصوى. ولم تستخدم القوات أسلحتها في حالات سابقة تم خلالها احتجاز جنود من قوة حفظ السلام كرهائن.
وتراقب قوة الأمم المتحدة المنطقة العازلة وهي شريط ضيق يمتد 70 كيلومترا من جبل الشيخ على الحدود اللبنانية إلى حدود نهر اليرموك مع الأردن. ويأتي أفراد قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك من فيجي والهند وآيرلندا ونيبال وهولندا والفلبين. وقالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع إن الفلبين قررت الانسحاب من القوة ومن قوة الأمم المتحدة في ليبيريا التي تكافح انتشار فيروس إيبولا القاتل. وسحبت النمسا واليابان وكرواتيا جميع قواتها من بعثة الأمم المتحدة بسبب تدهور الوضع الأمني واتساع نطاق الحرب السورية.