حمّل عضو اللجنة المالية والقانونية في مجلس المحرق البلدي غازي المرباطي الجهات التنفيذية وقانون البلديات مسئولية القصور في أداء المجالس البلدية لما تسببت به الجهات التنفيذية من تحويل المجالس البلدية من جهة منتخبة الى وسيط بين المواطن و بين وزارات الشئون البلدية والجهات الرسمية الأخرى، الأمر الذي أفقدها روح المبادرة، وأضعف صفتها التمثيلية.
وقال المرباطي إن البلدية ينبغي أن تتحمل مسئوليات أساسية في مجالات المنفعة العامة التي تعزز دورها التنموي، وتحقيق ذلك بمقتضى توافر اللامركزية الادارية، وفي المقابل فان الانتخابات الديمقراطية البلدية تبرر للمواطن ان يكون رقيبا مؤهلا على عمل المجالس البلدية؛ لأن طبيعة العلاقة بين المواطنين و بين هذه المجالس قد تكون الضمانة لعمل بلدي سليم، يمكن أن يرقى لمستوى الحكم المحلي اذا توافرت الإرادة والقناعة بأن تطوير العمل البلدي سيخفف الأعباء عن الدولة المركزية، وعندما تكون التجربة البلدية في البحرين قدوة يحتذى بها في مطلع القرن العشرين، يفترض ان تكون بدرجة أرقى مع مطلع القرن الحادي و العشرين.
ولفت إلى أن معظم المواطنين لا يدركون الدور المناط بعمل المجالس البلدية، وتنحصر معرفتهم في أن العضو البلدي، وسيط لنقل بعض الشكاوى الخدمية المحدودة، وهذا مرده للصورة التي عكستها الجهات التنفيذية بالإضافة الى المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 بشان إصدار قانون البلديات الذي انحصرت في نطاقه صورة المجلس البلدي، وهي الحقيقة التي تشكلت من خلالها قناعات الناس بأن المجالس البلدية هي أجهزة بروتوكولية مجردة من الصلاحيات، مبيناً، لعل ذلك سبب لهذه السلبية التي تقتضي منا جميعا البحث عن أسبابها وحلولها.
وأشار إلى أن المرسوم بقانون رقم (35) 2001 بإصدار قانون البلديات تعتريه عيوب، ساهمت بطريقة وأخرى في تحويل المجالس البلدية الى وسيط خدمي للمشهد البلدي الذي أنهى عقده الأول، وفي هذا الصدد و من منطلق الحقوق الدستورية، نتساءل: هل وضعت الحكومة في اعتباراتها عندما قيمت المجالس البلدية منفردة العيوب الآتية:
1.عدم تبنيها قضايا التعدي على أملاك الدولة في وقت يفترض أن يكون لها رأي وموقف حاسم تجاه هذه القضايا.
2.عدم توسيع صلاحيات المجالس البلدية باتجاه اللامركزية.
3.عدم تحويلها إلى سلطات محلية .
4.التداخل بين مهام وصلاحيات المجلس البلدي مع أداء الأجهزة التنفيذية والحكومية وخاصة وزارة البلديات.
5.عدم تشييد مرافق الخدمة البلدية التي تستجيب لاحتياجات السكان.
6.عجز المجالس البلدية عن تحقيق اولوياتها في القضاء على الرشوة والفساد الإداري وتنظيم المخطط الهيكلي للبلد، ولم يؤسس لتقاليد بلدية تقوم على الاستبانة لآراء ومواقف الناخبين التي من خلالها تتم معرفة موقف الشارع من أداء المجلس البلدي والعضو البلدي.
7.عدم إمكانية المجالس البلدية إقناع الحكومة والنيابي بتعديل أحكام المرسوم بقانون رقم (35) بشأن البلديات الصادر في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2001، والمرسوم بقانون رقم (3) لسنة 2002 الصادر في 13 فبراير/ شباط 2002 بشأن نظام انتخاب المجالس البلدية، والتعديلات التي أجريت عليهما، وما صدر بشأنهما من قرارات تنفيذية، وذلك على نحو يجعل من المجالس البلدية سلطة فعلية تتمتع باستقلال إداري ومالي فعلي.
8.نص الدستور في المادة 50 البند أ على ان: «ينظم القانون ... هيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها، وبما يكفل لهيئات الإدارة البلدية إدارة المرافق ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاقها والرقابة عليها».
9.المادة (19) من المرسوم بقانون البلديات جردت المجالس البلدية من اختصاصات مهمة وضرورية كسلطة محلية مدنية، واحكام هذه المادة لا تتطابق مع نص دستوري، وهو اختصاص المجالس البلدية بإدارة المرافق العامة وهي من حسنات دستور 2002 الذي رسم العلاقة بين هيئات الإدارة البلدية والدولة بوضوح أكثر، وأعطى المجالس البلدية استقلالية أوسع مما نص عليه دستور 1973.
10.تنص المادة: (87 /أ ) من أحكام دستور 73 على أن القانون هو الذي ينظم هيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه ورقابة الدولة .
11.المادة (19) من قانون البلديات تخالف احكام الدستور في اختصاصات المجالس البلدية المنصوص عليها كحق دستوري اصيل للمجالس البلدية في إدارة المرافق العامة وفي الرقابة عليها، وبدلا من ذلك نص - قانون البلديات - في البند (ش) من المادة (19) على حق المجالس البلدية فقط في إبداء الرأي دون أن يكون لهذه المجالس اختصاص الإدارة والرقابة على هذه المرافق في مخالفة دستورية واضحة، على حد قوله.
12. السلطة التنفيذية هي التي أصدرت الإطار القانوني الذي نظم العمل البلدي الحديث في مملكة البحرين قبل إصدار دستور 2002 بفترة وجيزة، فالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 بشأن البلديات صدر في 13 ديسمبر 2001، أي قبل صدور الدستور بشهرين، أما المرسوم بقانون رقم 3 لسنة 2002 بشأن نظام انتخاب المجالس البلدية فقد صدر في 13 فبراير 2002 أي قبل صدور الدستور بيوم واحد فقط، فلا غرابة إذاً أن تأتي بعض أحكام هذين المرسومين بقانون على خلاف الحكم المستحدث في الدستور الجديد في المادة (50 البند أ).
13.السلطة التنفيذية هي التي قامت بتقديم مشروع قانون بتعديل المرسومين بقانون المشار إليهما ويقرهما المجلسان في أحكام شكلية تهدف إلى المزيد من تحكم السلطة التنفيذية وسيطرتها على توزيع الدوائر الانتخابية البلدية وتقليصها أو توسيعها بحسب رغبتها دون ان يشتمل هذا التعديل على اختصاصات المجالس البلدية، بحيث تتجاوز تلك المخالفة الدستورية المشار إليها، وان تنص صراحة على حق المجالس البلدية في إدارة المرفق العام، وأن يعاد النظر في جميع اختصاصات المجالس البلدية.
14.معضلة تبعية الجهاز التنفيذي لم يوجد لها حل منذ عام ثغراتها في العام 2003، عندما وجه سؤال لوزير شئون البلديات والزراعة من قبل النائب حمد المهندي لوزير شؤون البلديات محمد على الشيخ منصور الستري عن تبعية الجهاز التنفيذي، وقد أجاب الوزير على سؤال النائب بجلسة مجلس النواب المنعقدة بتاريخ 24 مايو/أيار 2003 من دور الانعقاد الأول الفصل التشريعي الأول، بأن الجهاز التنفيذي يتبع وزارة البلديات والزراعة : (مضبطة جلسة مجلس النواب المنعقدة بتاريخ 24 مايو 2003)، وقد رد النائب على الوزير في الجلسة ذاتها بأن مسئولية حسن سير وانتظام إدارة المرافق العامة ذات الطابع المحلي بحسب المادة (3) من اللائحة التنفيذية لقانون البلديات أنيطت بالمجلس البلدي وليس بالوزير.
واضاف أن المادة 48 /أ من الدستور تنص على ان: «يتولى كل وزير الإشراف على شئون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة ، ويشرف على تنفيذها»، لذا فإنه ليس للوزير الحق في التدخل في شئون البلديات لأنها لا تدخل أصلا في اختصاصه الذي أناط له الدستور القيام بها.
15.المادة 50/أ من الدستور وأحكام المرسوم بقانون البلديات تقضي بأن البلدية تتكون من هيئتين إداريتين، المجلس البلدي والجهاز التنفيذي وبحسب نص المادة الثالثة يتوليان إدارة المرافق العامة، ووفق نص المادة 4 يمارسان سلطات البلدية، فالمجلس البلدي له سلطة إصدار اللوائح والقرارات والأوامر ومراقبة كل ذلك، لكنه سلطة منتقصة، في حين الجهاز التنفيذي له سلطة تنفيذ وذلك من حيث تولى إدارة المرافق العامة كوحدة إدارية واحدة وتحت اسم واحد هو البلدية، وهو ما تؤكده المادة الثانية من القانون التي تنص على أن للبلدية شخصية اعتبارية واحدة وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ويتضح من فحوى هذا النص ان هذه الأحكام تقضي بأن يستقل المجلس البلدي والجهاز التنفيذي عن السلطة التنفيذية.
16.المهام والسلطات التي يقوم بها مدير عام البلدية والمنصوص عليها في القانون واللائحة التنفيذية تؤكد أن مهام الجهاز التنفيذي تتعلق بعمل ونشاط المجلس البلدي وليس الحكومة، وبالتالي لا مبرر لتبعية الجهاز التنفيذي للحكومة.
17. رقابة السلطة التنفيذية على العمل البلدي إطار المركزية، يعد نوعاً من التدخل والهيمنة على الأداء البلدي، ويتطلب ضرورة فك هذا التداخل بين المجالس البلدية وبين الأجهزة الحكومية وخاصة وزارة شئون البلديات والزراعة.
18.تجيز المادة 18 من قانون البلديات للسلطة التنفيذية حل المجلس البلدي بمرسوم قبل انتهاء مدة ولايته إذا ارتكب مخالفات جسيمة، ويعين هذا المرسوم لجنة تتولى اختصاصات المجلس حتى يتم انتخاب المجلس البلدي الجديد خلال أربعة اشهر من تاريخ صدور المرسوم. وبموجب هذا النص فإن الجهة التي تملك حق التعيين هي التي تملك حق الإقالة.
19. إن حق التعيين والإقالة وحق حل المجالس البلدية التي قررها القانون للسلطة التنفيذية هي من أخطر ما نص عليه المرسوم بقانون البلديات على عمل وأداء المجالس البلدية، ذلك أن المجلس البلدي لم يعين من قبل هذه السلطة، بل تم انتخابه مما يتعارض والخيار الديمقراطي.
20.إن حل المجلس البلدي يكون دون تظلم، فقد اجاز القانون حل المجلس البلدي دون النص على حقه في اللجوء إلى القضاء ولا يحق له إن كانت هناك مخالفة او عدمها، في حين اعطى القانون السلطة التنفيذية حق تحديد وجود المخالفة، وتقدير مدى جسامتها، وما تلحقه من ضرر بمصالح البلدية، وحل المجلس البلدي دون أن يكون له الحق في التظلم من هذا الحل أو الطعن، ويشكل هذا النص احد العيوب الجسيمة للمرسوم بقانون البلديات.
21.المادة 18 من قانون البلديات تجاوزت صلاحيات الرقابة القضائية في تقدير أسباب الحل، وما قرره القانون بتعيين لجنة تتولى كل اختصاصات المجلس البلدي من تاريخ الحل حتى يتم تشكيل المجلس الجديد.
العدد 4374 - الخميس 28 أغسطس 2014م الموافق 03 ذي القعدة 1435هـ