وداعا إيبوسيه... بالفعل قد أحزننا كثيرا نبأ رحيلك بهذه الصورة الهوجاء في واحد من الملاعب العربية العزيزة.
رحيلك المفجع نتمنى أن يكون الدرس الذي نتعلم منه جميعا مقدار التأثيرات الكارثية للتصرفات الطائشة في المدرجات.
الرياضة عموما وكرة القدم خصوصا وجدت من أجل اضفاء المتعة والاثارة والسعادة للجماهير، وجدت للخروج من أجواء الدمار والدماء فإذا بها تتحول إلى مسرح لذلك بعد مقتل لاعب شبيبة القبائل الجزائري اللاعب الكاميروني البير إيبوسيه بمقذوف ناري ألقي من المدرجات.
الخبر الذي وقع كالصاعقة على الجميع دفع وزير الرياضة الجزائري محمد تهمي إلى التلويح بإيقاف بطولة الدوري داعيا إلى اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة ومطالبا كل طرف بتحمل مسئولياته أمام العدالة.
القضية لم تعد تفصيلا صغيرا داخل الأروقة الرياضية وإنما باتت قضية جنائية، وقبل ذلك كله قضية انسانية تتعلق بحياة شخص وعائلة تحولت من السعادة للحزن والتعاسة بمقذوف طائش من مشجع مستهتر لا يدرك عواقب الأمور.
هذا الحادث الأليم أعاد بي الذاكرة إلى الكثير من الحوادث التي كانت تحدث في ملاعبنا من تصرفات شاذة ومقذوفات طائشة قدر الله أن لا تسبب فاجعة نندم عليها جميعا وهو ما دفع الجهات الأمنية إلى تشديد الرقابة والتفتيش على الجماهير قبل دخول المدرجات.
هذه الإجراءات التي نتمنى أن تبقى بالفعالية نفسها من أجل منع أي تجاوزات من أي فئة طائشة، على أمل أن تترافق بحملة توعوية ترتقي بالثقافة الجماهيرية وتقلل من التعصب الأعمى والأفعال غير السوية لأن ما حدث يدق ناقوس الخطر في جميع الملاعب والصالات الرياضية.
المشكلة دائما أن من يقومون بالتصرفات الطائشة لا يدركون عواقبها في حينها، كما أنهم لا يمتلكون الاتزان الكافي لتقييم مدى خطورة الأمور فيطلقون العنان لأنفسهم لرمي كل ما تطاله أيديهم، والنتيجة قد تكون مأساة لعائلة ليست طرفا في القضية.
إيبوسيه النجم الكاميروني الصغير ذو الـ 24 عاما رحل بمقذوف طائش من جماهير فريقه التي حزنت لخسارته أمام اتحاد العاصمة 2/1 على رغم أنه من سجل هدف فريقه الوحيد في تلك المباراة، فهو كان يهدف لإسعادهم بهدفه فكافأوه بإنهاء حياته.
في أسبوع واحد فقط رحل ايبوسيه كما تعرض مشجع سعودي لاعتداء غاشم من أحد رجال الأمن أدى إلى اصابته بارتجاج في المخ ودفع السلطات هناك لسجن الشرطي 6 سنوات مع عقوبة الجلد.
ملاعبنا العربية لم تعد تتمتع بالأمان الكافي للاعبين والجماهير على السواء، فالتهور سيد الموقف، وإذا ما فقدنا الأمان في ملاعبنا فإننا لن نستطيع استرجاعه في بلداننا العربية التي تحولت كثير منها إلى أطلال بفعل التدمير الحاصل، ولن نتمكن بالمحصلة من بناء رياضة حقيقية بغياب أحد أهم أركان فلسفة الحياة والابداع وهو الأمان.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 4371 - الإثنين 25 أغسطس 2014م الموافق 29 شوال 1435هـ