صدر العدد السابع والسبعون من «البحرين الثقافية» التي يصدرها قطاع الثقافة والتراث الوطني بوزارة الثقافة، متضمناً موضوعات متنوعة توزعت على الدراسات والنقد الأدبي، حوارات وشهادات، فنون، نصوص، ومراجعات الكتب.
وتخصص «الوسط» مراجعة العدد في قراءة مقالة الكاتب والروائي البحريني رسول درويش «معوّقات فن الترجمة في الأعمال الأدبية»، ليتم في نهاية المراجعة استعراض عناوين وكتّاب العدد.
درويش استند في اختبار المعوقات من عدمها؛ أو على أقل تقدير ندرتها من خلال رواية «قواعد العشق الأربعون»، ورواية «ألف».
في الرواية الأولى، للتركية إليف شافاق، يرى درويش أن شافاق تمكنت من ابتكار عمل قصصي «أكثر من رائع فيه الكثير من الإبداع». العمل الروائي بما يكتنز به من شخصيات تاريخية، علاوة على امتداد زمني احتواها يصل إلى ما يقرب من 800 عام، من بينها الصوفي والشاعر الذي اكتسب شهرة تجاوزت الشرق وصولاً إلى الغرب، جلال الدين الرومي، وشمس التبريزي، جاء كل ذلك بالتوازي مع التوحّد والغوص في مدن بكل ما يرتبط بها من تاريخ أيضاً مثل قونية والأناضول وبغداد، في لعبة كانت فيها المقارنة ذكية مع مدن كبوسطن وقونية، في ارتباط وتلاحم بالعصر الراهن.
الترجمة قام بها خالد الجبيلي، ويرى درويش أن المترجم استطاع أن يحقق مستوى جيداً، حين يقارنها بالترجمات الأخرى، من دون أن يقدم للقارئ أسماء بالمترجمين الآخرين! مفصحاً - ومن وجهة نظره بعد تقرير مستوى الترجمة بداية - عن أن ضعفاً انتاب الترجمة بسبب أخطاء وقعت فيها الروائية نفسها ترتبط بالمصطلحات والمفردات التي ساقتها على لسان «جليل الرومي» - هكذا ورد الاسم - وأيضاً مستوى التفكير مع «اللعوب» ورد الصحراء!
يكمن ضعف الترجمة بحسب درويش بعد إرجاعه إلى أخطاء الروائية نفسها، في «افتقاد المترجم للحس الشعري الفطري ولكتابة الشعر» ومثل ذلك الرأي لا يخلو من ارتجال أطلق إرسالاً، ليقفز بعد ذلك درويش إلى تقرير الآتي: «الترجمة التركية أوحت للقارئ أنه كان يكتب مفردات (غوغلية) نسبة إلى المحرك الشهير (غوغل) غير مفهومة ولا مترابطة تترجم المفردات بعيداً عن لب الفكرة وعمق اللغة؛ من دون أن يورد شواهد هذه المرة أيضاً لعينات تلك الأخطاء!
في الرواية الثانية «ألف»، للروائي البرازيلي باولو كويلو، التي كتبها العام 2011، والتي «تبدأ بالبطل الذي يسافر إلى إفريقيا، وأوروبا، وآسيا، وصولاً إلى سيبيريا بحثاً عن الذات البشرية والتجدد، وخلال ذلك يلتقي بهلال، عازفة الكمان الشابة التي التقاها روحياً قبل خمس مئة سنة، وهناك تتجدد ذاته، فيسافر متجلياً معها بحثاً عن المحبة والشجاعة والمغفرة، وهما يتأملان الوصول للسعادة المطلقة».
في رواية «ألف» يقف درويش على جانب من ركاكة وضعف الترجمة التي لم يرد اسم صاحبها، على رغم ذكر دار النشر «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر». لا أدري فحوى عدم ذكر المترجم هنا! بعد أن قرر: «ودون الحاجة لذكر المترجم والمدقق».
وبعد أن يمهّد بالقول: «فإن اللغة تتيه لتصبح ركيكة حتى يتخيل القارئ نفسه أمام كاتب هاوٍ رديء المفردات، سيئ اللغة لدرجة يمكن القول معها، بأنه لو قدّر لكويلو قراءة روايته لنفى أن يكون هو من كتبها»، يُفرد درويش شواهد ونماذج سريعة للركيك من ترجمة الرواية المذكورة منها على سبيل المثال: «تدرك أنه بمستطاعك»، والأوْلى والصحيح: باستطاعتك، «كان يخلف لي تلميحات»، والصحيح: كان يلمح لي، «آن الأوان قد آن»، والصحيح: أنه حان الأوان، و «مذاك، فعلت كل ما تطلب عملي فعله»، والصحيح: فعلت كل ما عليّ فعله، وغيرها.
عنوان مقالة درويش: «معوقات فن الترجمة في الأعمال الأدبية»، يمهّدنا أو يجعلنا في انتظار أن تذهب الكتابة إلى منحى منهجي في تناول المعوقات؛ إذ ذكْر الشواهد والنماذج والأمثلة وحدها لا يقودنا إلى مثل ذلك التوقع والنتيجة. خلت المقالة من تناول المنهجيات التي تحدّد مثل تلك المعوقات من عدمها، والسؤال الذي يبدر هنا: هل الأخطاء بحد ذاتها معوقات؟ بمعنى، مثل تلك الأخطاء الصارخة في الترجمة لا يتم تناولها باعتبارها معوقات، بل باعتبارها تشويهاً وخيانة مباشرة للعمل، وتلك أكبر درجة من المعوقات، ففي الأخيرة نفهم ونمهّد أنفسنا هذه المرة أيضاً لاستقبال المناهج والدراية التي متى ما أزيحت وتم إقصاؤها سنكون إزاء حالات تشوه مريعة، وإزاء نماذج ما بعد الرداءة تقدم إلينا باعتبارها أدباً عابراً للحدود، فيما هو في أدنى درجات ما ننجزه في الداخل.
شارك في عدد «البحرين الثقافية» في باب الدراسات: علي عمران بـ «اللهجة المحلية في البحرين... اللهجة البرهامية أنموذجاً»، ومنصور نعمان بـ «المونتاج في الأم شجاعة وأولادها»، حسن عطية بـ «عالم آمنة الربيع الدرامي المبدع طليقاً»، إياد كاظم طه السلامي بـ «مرجعيات التناص عربية»، وعبدالكريم حسن بـ «النص الديني وإنتاج الدلالة».
وفي نقد وأدب شارك: فوزية زوباري بـ «(الحروف التائهة) همٌّ مضاعف: الوطن الفن»، شوقي بدر يوسف بـ «رواية (العاطل) للروائي ناصر عراق وأزمة الإنسان المعاصر»، جنى حسن بـ «هل يرحل الروائي حقاً»، عذاب الركابي بـ «رواية (شمس) للكاتبة بشرى أبوشرار»، عمر عتيق بـ «حوار مع قارئ قصيدة (اغتراب)»، إضافة إلى رسول درويش بـ «معوقات (فن) الترجمة في الأعمال الأدبية»، وتمت إضاءة مقاله بداية هذه الكتابة.
وفي حوارات وشهادات شارك: علي القميش بـ «زهور كرام: اعتبار الأنثى مركز الوجود طرح يقصي الآخر الرجل»، محمد جليد قدّم وترجم: «الروائية توني موريسون، كل فن حقيقي سياسي»، وعمادة غزال، بـ «فاروق شوشة: نحن بحاجة إلى إعادة الاعتبار للشعر».
في باب الفنون، شارك: حسن رشيد بـ «هناك... عبدالرحمن المناعي»، وأمين صالح بترجمة «الشريط الأبيض... مكان لا حب فيه» لميكايل هانكيه، ولونا العريض بترجمة «البراءة والسريالية» لأوجس درماوان، ومحمد سيف بـ «الراماتورجي».
أما في النصوص فشارك كل من: عبدالله خليفة بـ «عودة للمهاجر»، إبراهيم راشد الدوسري بـ «العباءة»، أحمد المؤذن بـ «الركض في شهوة النار»، حمود سعود بـ «المقهى وطن»، عبدالسلام إبراهيم بترجمة «قط النجوم» لسنكلير لويس، أحمد مبارك آدم بـ «السقوط بنيّة الجلوس»، عبدالفتاح صبري بـ «أفول»، محمد محمود المرباطي بـ «يتطاير شرّاً»، علي التاجر بـ «جسدي والموت»، أحمد رضي بـ «مدائن ما بعد الكارثة»، صلاح عبدالستار محمد الشهاوي بـ «قصص قصيرة جداً»، سمر الشيخ بـ «للحياة باب مفتوح»، عبدالستار البيضاني بـ «مسلَّة الأمهات»، محمد أبوحسن بـ «نسيج وطن»، ورانيا الجعبري بـ «وللجرح بقية».
وأخيراً في باب المراجعات شارك: عبدالعزيز الموسوي بـ «ألف شمس مشرقة... الاشتغال على تعرية الأفكار»، ومحمد مستقيم بـ «في الإصغاء- مقالة في العلاج وفن العيش».
العدد 4368 - الجمعة 22 أغسطس 2014م الموافق 26 شوال 1435هـ