كانت المنطقة التي تشمل الآن ثلاث قرى: حلة العبد الصالح والقلعة وكرانة، تشمل إحدى عشرة قرية على الأقل لا يعرف حدودها بصورة قطعية. ففي الوقت الراهن توجد حدود رسمية تفصل بين القرى، ومثل هذه الحدود لم تكن معروفة في السابق، ومن السهل تداخل مواقع القرى واختلاف حدودها، وسنحاول هنا قدر المستطاع وصف مواضع تلك القرى بحسب الحدود الرسمية الحديثة.
1 - الحلة وأخواتها
تذكر المصادر وجود ثلاث قرى متجاورة تشترك في مسمى «حِلة» من ضمن القرى المعروفة في هذه المنطقة (حِلة العبد الصالح، وحِلة السيف، وحِلة العين). ويرجع تكرار مسمى «حِلة» في أسماء القرى، ربما، لأنه لفظ موازٍ لكلمة «قرية». جاء في معجم تاج العروس (مادة حلل):
«الحِلَّةُ بالكسر: القَومُ النُّزولُ اسمٌ للجَمع. أيضاً: هَيئَةُ الحُلُولِ. أيضاً: جَماعةُ بُيوتِ النّاس لأنها تُحَلُّ. أو هي مائةُ بَيتٍ. جَمعُ حِلال، بالكسر... الحِلَّةُ أيضاً: المَجْلِسُ، أيضاً: المُجْتَمَعُ، ج: حِلالٌ بالكسر».
ويبدو منطقياً أن «الحِلة» كانت منطقة واحدة قُسمت إلى أقسام بحسب خصوصية كل منطقة، فحِلة العبد الصالح، عرفت بهذا الاسم لوجود ضريح مشهور لعبد صالح وهو الشيخ عيسى بن إبراهيم. وكانت هذه القرية تقع على بعد نصف ميل جنوبي قلعة العجاج، وكان بها 20 كوخاً للبحارنة الذين يعملون بزراعة النخيل توجد عدة مجاري مياه متفرعة من العيون (Lorimer 1908, V.2, 227).
أما الحلة الثانية فهي «حِلة السيف» وسميت بذلك لأنها تقع على ساحل البحر، وقد ذكر هذه القرية الناصري في كتابه من تراث شعب البحرين من ضمن القرى البائدة (الناصري 1990، ص 158). ويرجح أنها تقع شمال غرب قلعة البحرين، على الساحل الشمالي، وهي ضمن حدود قرية القلعة حالياً.
والحلة الثالثة هي «حِلة العين» وسميت بذلك لقربها من العين المسماة عين الجن أو العين العودة، وتقع غرب قرية حلة العبد الصالح، وملاصقة لها، وهي حالياً ضمن حدود قرية كرانة. وأقدم ذكر لها جاء على الخارطة الرسمية للعام 1904م/1905م، وذكرت بصورة «حلة - عين» أي كأن الاسم حلة هو اسم للعين، ويرجح أن الأصل هو «حلة العين». وقد ذكر هذه القرية محمد علي التاجر بصورة «كحلة العين» وقال عنها:
«وهي قرية تقع جنوب غرب كرانة، وهي ذات نخيل باسقة ومياه دافقة وأهلها فلاحون» (التاجر 1994، ص 37)
قرى الحلة المنتشرة في البحرين
بالرجوع إلى المراجع التي تذكر أسماء قرى البحرين القديمة، يلاحظ، إضافة لثلاث القرى التي تشترك في لفظ «حِلة»، وجود ست مناطق أخرى في البحرين تحمل اسم الحلة: واحدة في جزيرة المحرق تسمى «الحلة»، وواحدة ضمن حدود البلاد القديم تسمى «حلة السوق»، وأربع قرى تشترك في مسمى «حلة» لا يعرف موضعها وهي «حلة الخرس» وقد ذكر هذه القرية الناصري في كتابه من تراث شعب البحرين من ضمن القرى البائدة (الناصري 1990، ص 159). وكذلك حلّة الصغيرة، وحلّة الكبيرة، وحلّة علي، وقد ذكر هذه القرى الثلاث الشيخ محمد علي بن محمد تقي آل عصفور في كتابه «الذخائر في جغرافيا البنادر والجزائر» المعروف باسم «تاريخ البحرين».
2 - الجبيلات
الجبيلات، بصيغة التصغير، وتقع غرب قلعة البحرين وملاصقة لقرية روزكان، وموقعها حالياً ضمن قرية القلعة. وهي ذات بساتين غناء ورياض فيحاء ومياه غزيرة. وكان بها 10 عرشان (جمع عريش) يمتلكها بحارنة يعملون في الزراعة والغوص (للؤلؤ). وتمتلك عدداً من القوارب وقواربها مشتركة مع قرية الرقعة (Lorimer 1908, V.2, 222)، (التاجر 1994، ص 37).
3 - روزكان
تقع غرب جنوب الجبيلات، وعلى مسافة ربع ميل غرب قلعة البحرين، وموقعها الحالي متداخل بين قريتي القلعة وكرانة. وكانت تتكون من 20 عريشاً يمتلكها بحارنة يعملون في الزراعة وصيد الأسماك. وكان بها 5000 (خمسة آلاف) نخلة إلى جانب أشجار الليمون وغيرها من أشجار الفواكه المختلفة كالرمان والبرتقال والموز والصبار الهندي وغيرها (Lorimer 1908, V.2, 226), (التاجر 1994، ص 37).
4 - الهربدية
وتقع غرب روزكان وعلى بعد نصف ميل غرب قلعة البحرين، وتقع حالياً ضمن حدود قرية كرانة. وتضم 20 عريشاً يمتلكها بحارنة يعملون في الزراعة وصيد الأسماك (Lorimer 1908, V.2, 220), (التاجر 1994، ص 37).
5 - الرقعة
تقع غرب الهربدية على الساحل الشمالي وعلى بعد ثلاثة أرباع الميل غرب قلعة البحرين، وتقع حالياً ضمن حدود قرية كرانة. وكان بها 10 عرشان يمتلكها بحارنة يعملون في الزراعة وصيد الأسماك والغوص (للؤلؤ). وهي محاطة بآجام النخيل الكثيفة والتي يبلغ عددها قرابة 8000 نخلة. ويمتلك أهالي هذه القرية مع أهالي قرية الجبيلات 23 قارباً من نوع الشوعي والسنبوك تستخدم في رحلات الغوص للؤلؤ (Lorimer 1908, V.2, 226), (التاجر 1994، ص 37).
6 - نور جرفت
وهي قرية تقع غربي شمال كرانة، على مسافة ميل واحد غرب قلعة البحرين، وتقع حالياً ضمن حدود قرية كرانة. وكان بها 20 عريشاً يمتلكها بحارنة يعملون في الزراعة وكان بها قرابة 2500 نخلة، وفيها البساتين الغناء والحدائق الفيحاء الممتازة بالأترج والخوخ والمشمش والموز واللوز وغيرها (Lorimer 1908, V.2, 225), (التاجر 1994، ص 37 - 38).
7 - كرانة
تقع جنوبي غرب روزكان، وقلعة البحرين وتبعد عن الأخيرة بمسافة ثلاثة أرباع الميل. كانت تتكون من 60 عريشاً وأهلها من البحارنة ويعملون في الزراعة والغوص. وأكثر بساتينها من نوع الدواليب التي تسقى بالدلاء (Lorimer 1908, V.2, 223)، (التاجر 1994، ص 37). وأصبحت الآن هي القرية الأساسية التي دمجت تحت اسمها عدد من القرى التي هجرت.
آثار القرى البائدة
غالبية الأسماء السابقة اختفت كمسميات قرى، وبعضها تم اختزاله في مسميات مزارع منتشرة في تلك المنطقة. وتوجد في هذه المنطقة العديد من الآثار التي تشهد بقدمها، وقدم الاستيطان فيها. وقد سبق الحديث عن موقع القلعة الأثري وأهميته. وإضافة لذلك فإن كرانة كانت مستوطنة دلمونية أيضاً، أما حلة العبد الصالح فقد كانت حصن البحرين المنيع أو ربما مسكن السلطة السياسية للبحرين. يتبع.
العدد 4368 - الجمعة 22 أغسطس 2014م الموافق 26 شوال 1435هـ
تاريخ رائع ولكن
من هم أبرز علماء الحلة ورجالاتها؟ وما دورهم السياسي والاجتماعي في البحرين قديما؟ ما هي أهم الآثار والأضرحة التي يمكن أن تزار فيها؟
نريد أن نعرف تاريخ هذه القرية الصغيرة بحجمها البعيدة عن الأنظار رغم عراقتها تاريخيا خصوصا وأنها في شمال البحرين وقريبة من مواقع القرار والحكم قديما.