على المزاج والهوى، يحدد مشايخ الطائفية والتشدد والفتنة في الخليج والوطن العربي حسب «الموضة»، بين الحين والحين، عدواً للإسلام والمسلمين، كما يحلو لهم. ففي حقبة زمنية، طال أمد تحديد «طائفة كبيرة من المسلمين» بأنهم العدو الأول، وأنهم «أشد خطراً من اليهود»! وموضة اليوم، تحولت تجاه «خوارج العصر»، «داعش» والإرهابيين، الذي عاثوا فساداً منذ سنين، ولم يصبحوا عدواً للإسلام إلا أول أمس.
لنعترف، بأن مشايخ الفتنة والتكفير والتشدد الذين فُتحت لهم الفضائيات والصحف والمساحات الإعلامية العابرة للقارات هم السبب الأول والأكبر في تلويث فكر المجتمع، وخصوصاً العبث بفكر الشباب والناشئة، ولكنهم لن يتمكنوا اليوم من وضع حد لهيجان ذلك الغول الجاهلي الفتاك. وأجزم بأنهم لن يتمكنوا، ولهذا يتوجب على الحكومات الخليجية والعربية والإسلامية أن يكون لها استراتيجيات عاملة، وطنية في بعضها ومشتركة في بعضها الآخر، للتصدي لموجة النحر والقتل والدمار التي صنعها مشايخ الفتنة وسيفشل في صدها مشايخ الفتنة. وليت آثارها وانعكاساتها تقع فقط على رأس مشايخ الفتنة ذوي الكروش الكبيرة والعقول المبرمجة لتدمير كل شيء جميل في سماحة الإسلام.
ويمكن رؤية الأتون الطائفي المقيت الذي سيأتي على منطقة الخليج بأسرها ما لم تبادر الحكومات إلى منع أسباب استمراره، كونه سيؤدي دون شك إلى خلخلة النسيج الاجتماعي والوطني في دولنا، فالغول الطائفي لن يتجاوز أحداً في هجومه بشراسة، ولن ينفع وقت هجومه التندم على خطابات مشايخ الفتنة وإعلام التدمير ومصالح الفئات ذات الوطنية الزائفة! فكلما امتد الزمن وازدادت الطائفية ضراوةً، أصبح مجال التطويق والحل ضيقاً جداً جداً.
وفق قراءة الكثير من الباحثين المهتمين بشئون الخليج العربي، فإن «الغول الطائفي» يمثل واحداً من أكبر وأخطر التحديات الكارثية على حكومات وشعوب المنطقة حاضراً ومستقبلاً. وهذه المخاطر تزداد وتتضاعف يوماً بعد يوم في ظل تصاعد المد الطائفي في الإقليم قادماً من العراق وسورية ولبنان واليمن وتركيا، وفي الوقت ذاته، الغياب الواضح لمسار تعزيز قيم الوحدة الوطنية واعتماد مبدأ المواطنة والمساواة التزاماً بالدساتير والقوانين، أي تأثر مظلة الضمانات الأساسية حقوقاً وواجبات. (انظر مقال «الخليج أمام الغول الطائفي»، الوسط، 20 يناير 2013).
تخطئ القيادات والحكومات حين تستغيث بمشايخ «الكارثة» ظنّاً منها أنها ستعينهم وستنفعهم! ذلك خطأ استراتيجي فادح، فأولئك يصنعون الدمار والكراهية، لكنهم لا يمتلكون القدرة على البناء ونشر التسامح أبداً، فليس يقبلهم لا من يحبهم (حين يرونهم وقد تغير خطابهم) ولا من يكرههم (حين يدرك أنهم سبب في الكارثة)، ولهذا، فلو اتجهنا إلى الفئات المعتدلة من المفكرين والمثقفين والباحثين، وعلماء الدين المعتدلين في العالم العربي والإسلامي، ولاسيما في منطقتنا الخليجية، ففيها الكثير من الأسماء المحترمة، سنقف أمام عدة محاور للتصدي للخطر القادم، بدءًا من تحديد الثقافة والتنشئة الدينية المتطرفة وعلاج أسبابها، ثم تحليل وتفكيك أيديولجية الخطاب الديني المتطرف، وبعد ذلك يتسنى الانطلاق نحو معالجة الأسباب التي ترتبط بواقع معيشة المواطن اقتصادياً واجتماعياً.
وبالطبع من العبث إغفال معالجة المشكلات السياسية التي تعج بها المنطقة العربية، وعدم الاكتفاء بالتنظير فيما إذا كان ربيعاً أم خريفاً أم مؤامرة عربية، فأسوأ ما يفعله الإعلام العربي الهزيل هو إعادة وجوه التنظير الصفيقة التي طالما تلاعبت وتتلاعب بعقل المشاهد العربي.
بالطبع، لا يمكن إطلاقاً إغفال المخاطر الكبيرة المحيطة بمنطقة الخليج إثر التطورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وانعكاساتها عليها، ولا يمكن التغاضي عن مجموعة من مثيرات الخطر التي تشهدها العديد من دول الخليج، إلا أنه بالإمكان السيطرة على هذه المخاطر والحد منها، حينما تتصدى الحكومات بالدرجة الأولى، وقبل غيرها، للجهات التي تلعب على الوتر الطائفي داخلياً أولاً. فمتى ما سلمت الساحة الداخلية من هذه المعاول وأوقفت عند حدها، وشعر كل مواطن بأن حقوقه مصانة، فإن هذه الجبهة تقوى وتستقر وتكون قادرةً على صد أي اضطراب سلبي يهدد استقرار الوطن.
كما أن هناك ظاهرة واضحة مبنية على المصالح الفئوية والشخصية، وهي تلك التي تنضوي تحت عنوان «القرب من السلطة»، فمن الواضح أن هناك أطرافاً في منطقة الخليج تتلبس هذا القرب لتلعب على الوتر الطائفي وتثير المشاحنات والتناحر في وسائل الإعلام وفي سلوكياتها اليومية بهيئة لا يمكن أبداً أن يتم التغاضي والسكوت عنها، لكن هذا حاصل، ومع العلم اليقين بسوء ما يفعل هؤلاء، إلا أنهم يسرحون ويمرحون في منهج تدميري سيئ للغاية.
اليوم، لا يمكن إغفال أدوار قوى إقليمية تسعى إلى تأجيج الطائفية في المنطقة، تمهيداً لما تريد القيام به من سيطرة، ولعل أول أهداف هذه السيطرة ضمان أمن الكيان الصهيوني، وهذا يوجب قطعاً تنشيط الوعي الوطني، وقراءة الأوضاع بصورة حقيقية والتركيز على التعليم والإعلام. وهذه مسئولية الدولة بالدرجة الأولى، إلى جانب تنشيط مؤسسات المجتمع المدني والرموز السياسية والاجتماعية الذين سيكونون سداً منيعاً في وجه الطائفية، وسلاحاً بإمكانه الحد من مخاطرها ومنع أي تحرك طائفي مستقبلاً.
لكن بالنسبة لي شخصياً، فإن السهل جداً والصعب للغاية معاً، هو أن تتجه الحكومات إلى احترام مواطنيها، من خلال مفهوم «الوطن الجامع»، الذي يستوعب كل مكوناته، ويحترم كل أطيافه وتعبيراته المجتمعية، وليس بمنهج ومنطق الحكومات التي تعتبر الأوطان «شركات تملكها»، والشعوب «عمالاً لديها».
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 4368 - الجمعة 22 أغسطس 2014م الموافق 26 شوال 1435هـ
اتفق مع زائر 2 دول الخليج في خطر
نتمنى من الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية أن تحاسب المسئولين الذين يمولون قنوات وإعلام الطائفية بالأموال والأعطيات والدعم والمساندة والحماية القانونية فالخطر على الخليج كبير
رجعونا الى المركز الاول
احنا الروافض من زمان محافظين على الصدارة بالمركز الاول وليش احين بس صار عندكم فئة جديدة تعطونها المركز الاول واحنا بنصير بالمركز الثاني ،،، لا تنازل ولا استسلام فنحن الأوائل وسنبقى كذلك حتى قائمنا عليه السلام
في الصميم
لقد عمت عيونهم السلطة عن رقابة الله قبل الناس فصارو يستعبدون البشر وعاثو فسادا بالارض والبحر ولكن الله بالمرصار
اوليس الصبح بقريب
في الصميم
لقد عمت عيونهم السلطة عن رقابة الله قبل الناس فصارو يستعبدون البشر وعاثو فسادا بالارض والبحر ولكن الله بالمرصار
اوليس الصبح بقريب
في الصميم
لقد عمت عيونهم السلطة عن رقابة الله قبل الناس فصارو يستعبدون البشر وعاثو فسادا بالارض والبحر ولكن الله بالمرصار
اوليس الصبح بقريب
دول الخليج في خطر
الأخ الكاتب الكريم.. أنا كباحث جزائري في الشئون الإسلامية، عشت في بعض دول الخليج وعملت في وزارتين للعدل والشئون الإسلامية والأوقاف والحج..هناك أمر خطير، وهو أن الحملات الطائفية وتوظيف مشايخ ودعاة لنشر الطائفية بمثابة خطة استراتيجية منفذة على أرض الواقع، ولهذا أنتم ككتاب واعلاميين لابد من أن تدعموا جهودنا في التحذير من هذا العمل الخطير..مثلًا، في العام 2012 خصصت دولة خليجية مبلغ 3 مليون دولار لتمويل الفضائيات الطائفية ومنذ أيام علمت بأن خطة العمل تغيرت لكن ادارة القنوات ترفض تغيير اسلوبها.