لا شيء يعادل لدى أي مواطن في الدنيا، أن يحقق إنجازاً مشرّفاً، وما يضيف إلى ذلك الشرف؛ أن يمتد ذلك الإنجاز ويتحول إلى علامة فارقة تمتد لتشمل الوطن وتمثله؛ بتحوله إلى سفير مشرّف لبلده.
كل فعل انبهار بالإنجاز داخل الوطن وخارجه هو القيمة التي تعيد بعض الاعتبار لمن ظلوا في فترات ما خارج دائرة الضوء. عرضة للنسيان كي لا نقول الإهمال تخفيفاً وتنازلاً عن حقيقة وواقع الأمر. إعادة الاعتبار للمبدع والفنان والمثقف عموماً فيه إعادة اعتبار للوطن. تلك من البديهيات التي لا يريد بعض الالتفات إليها. يتم التعامل معها كالتعامل مع الغموض. يحدث ذلك وإن حضرت المكابرة واستبدّت في كثير من الأحيان.
تفصلنا أيام عن توجّه وفد من نادي البحرين للتصوير، إلى العاصمة التركية (أنقرة) في الفترة ما بين (1 - 7 سبتمبر/ أيلول 2014)، لحضور المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي لفن التصوير الفوتوغرافي (FIAP) في دورته الثانية والثلاثين؛ لتكريم عشرة أعضاء في نادي البحرين للتصوير فازوا بكأس العالم في التصوير الفوتوغرافي.
يشارك في المؤتمر 35 بلداً من مختلف أنحاء العالم.
استباقاً لانطلاق المؤتمر وتكريم الوفد، التقت «الوسط» الفائز بالميدالية الذهبية للأعمال الفردية، والفائز الشريك بكأس العالم للتصوير الفوتوغرافي، محمد بوحسن، وهو الذي لم يشك يوماً في رؤيته بالقول: «بالدعم، البحرينيون رمز وأيقونة بحرينية تستمر بإبداع وعطاء لا متناهٍ». هنا تفاصيل اللقاء:
إنجاز ملفت. كم عضواً سيمثّل وفد البحرين في مؤتمر الاتحاد الدولي لفن التصوير الفوتوغرافي؟
- يتكون وفد مملكة البحرين من 22 عضواً من أعضاء نادي البحرين للتصوير، حيث سيتم تكريم عشرة أعضاء من الوفد وهم: رئيسة النادي الشيخة حنان بنت حسن آل خليفة، محمد بوحسن، نادر البزّاز، مهدي الجلاوي، حرْز البنكي، شفيق الشارقي، فيصل خلف، ذكريات رضي، حسين فردان، ومعصومة أحمدي، وذلك بمناسبة تتويج مملكة البحرين بحصولها على كأس العالم في التصوير الفوتوغرافي، كما سيتم تكريمي بالميدالية الذهبية لحصولي على المركز الأول في الأعمال الفردية. وبهذه المناسبة، أود أن أهدي هذا النجاح والإنجاز إلى الرئيس الفخري لجمعية البحرين للفنون التشكيلية الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، على دعمه المتواصل لنادي التصوير الذي لولا جهوده لما ولد النادي ولما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، فله أقدم شكري على الفرصة الثمينة التي أتاحها لي بالمشاركة والوصول إلى العالمية من خلال تشجيعه المستمر ودعمه المادي والمعنوي وعلى جميع الأصعدة، فدوره الكبير في تأسيس نادي التصوير بجمعية البحرين للفنون التشكيلية حقق حلم الكثيرين من عشاق التصوير والفن.
كيف تقرأ مثل هذا الإنجاز عموماً؛ كأس العالم للأعمال الجماعية؛ والميدالية الذهبية للأعمال الفردية؟
- هنالك جهد مشترك. هنالك تناغم. هنالك أيضاً حب وعلاقة ملفتة تربط الفائزين والأعضاء عموماً بهذا الفن. أن يتم تكريس وقت ليس بسيطاً لتنجز شيئاً وتحقق إضافة، هي في النهاية تحمل اسم بلدك. أن تقدم بلدك إلى العالم بنا يليق به. تلك مسألة مهمة.
بالنسبة لي، الميدالية الذهبية لا تمثلني وحدي. كأس العالم لا يمثل العشرة وحدهم أيضاً. كل ذلك يمثل الأعضاء والبشر هنا. في التخصيص، هي ثمرة جهود كل أعضاء نادي البحرين للتصوير بدءاً من الأعضاء القدامى وانتهاء بحديثي العضوية فالجهود تكمل بعضها بعضاً، وبالتعاون، كان للجميع - ولايزال - دورهم الفعّال في الجمعية، حيث برزت بصمتهم التطوعية لحبهم وشغفهم بالتصوير وفنونه.
شاركت مملكة البحرين في البينالي بعشرة أعمال لعشرة مصورين ومصورات، ولله الحمد حققوا هذه النتيجة المشرّفة التي تعد إضافة نوعية للمسار الفني والإبداعي في البلد.
ماذا عن أثر هذا الإنجاز على مسار التصوير الضوئي في مملكة البحرين؟
- بلا شك، أهم ما يميز هذا الإنجاز هو العالمية، حيث برز اسم مملكة البحرين على قائمة البلدان المتقدمة في هذا المجال الذي يعتبر أحد أهم شواهد التقدم والتطور وأحد أبرز وجوه مواكبة فن التصوير الفوتوغرافي وما تمثله الصورة من فن راقٍ.
وهذا الإنجاز يؤكد نضوج التجربة البحرينية في تنمية المواهب في فن التصوير الضوئي، والطاقة الإبداعية الرائعة لأبناء البحرين عموماً، ومنتسبي جمعية البحرين للفنون التشكيلية وأعضاء نادي التصوير خصوصاً، باحتلال المراكز المتقدمة على أقرانهم من الدول التي سبقتهم بعقود في هذه المجال، وكذلك التي لم يسبق لها ومازالت تسعى لأن توجد لها اسماً وحضوراً مؤثراً في مجال التصوير الفوتوغرافي، بالإضافة إلى أن هذه الجائزة التي حصل عليها المشاركون بتعاون جماعي وروح من المنافسة الشريفة، تؤكد الريادة البحرينية في هذا المجال.
مشاركة الجمعية في هذا الحدث الفني العالمي، هو امتداد لمجموعة من المشاركات التي حصدت من خلالها التقدير المادي والمعنوي، بالإضافة إلى المشاركات المتنوعة في مختلف المناسبات الفنية الخاصة بفن التصوير الضوئي داخل المملكة وخارجها.
أما على المستوى الشخصي للأعضاء فإن هذا الإنجاز غير المسبوق يمثل الشيء الكبير، إذ يعتبر نجاحاً مثمراً، ونتيجة المثابرة الجادة وإثارة روح المنافسة الطيبة مع كبار المصورين العالميين المحترفين وإبراز المواهب البحرينية التي من خلالها رُفع اسم المملكة حتى تبيّنت فيه حب البحرينيين لهذا الفن، واحتضانهم لكل زواياه، وتقديمها بأفضل الطرق لتكون ناجعة، وذات صدى في كل المحافل الدولية والعالمية، وهذا ما شهدته مملكة البحرين بفوز أبنائها في هذا المحفل الضخم، وما تقدمه هذه الفرصة من تحدّ وعمل جاد ودؤوب، والذي بدوره رفع مستوى الطموح والأفكار للمشاركين وفتح أوسع الأبواب والآفاق لمن يمتلك الموهبة وتوظيفها وما يتناسب وعالم التصوير الاحترافي.
لاشك أن للخبرة والحس أيضاً أثراً ودوراً في ما تحقق؛ أليس كذلك؟
- يعتمد أعضاء نادي التصوير بجمعية البحرين للفنون التشكيلية في تقديمهم لشتى أنواع الفن الراقي والصور الإبداعية على الحس الأكاديمي والخبرة الشخصية في مجال التصوير، إضافة إلى اللمسة الإبداعية الارتجالية، محاولين بذلك تقديمها في قالب منظم يتناسب مع ما يتطلبه الشارع والجمهور الفني في هذا المجال.
كل موهبة لا تجد الرعاية المناسبة لا يمكنها الاستمرار والمواصلة، ولكن ما حصل عليه أعضاء الجمعية من احتضان وتشجيع دائمين من الشيخ راشد آل خليفة جعل منهم رمزاً وأيقونة بحرينية تستمر في الإبداع والعطاء اللامتناهيين، وهذا ما جعل هذا الإنجاز الإبداعي الفريد من نوعه يشكل بصمة مؤثرة وحاضرة في عالم الفن عموماً والتصوير الفوتوغرافي خصوصاً.
المشاركات الخارجية للبحرينيين طاغية، هل هي سعي وراء مزيد من الحضور، على رغم أن عائد المشاركات يكاد لا يذكر من حيث قيمة الجوائز؟
- للبحرينين لمستهم الإبداعية الخاصة فيما يتعلق بنشر أعمالهم والمشاركة في المعارض ومسابقات التصوير؛ حيث يلجأ بعض الفنانين المحترفين أو غيرهم من الهواة إلى المشاركة الخارجية وبشكل كبير، ويعود سبب كثرة المشاركات الخارجية لعدة أسباب منها، سهولة المشاركة في تلك المسابقات، ولكن هذا لا يعني بالضرورة سهولة الحصول على الجوائز والتكريمات؛ إذ إن اقتناء آلة التصوير في وقتنا هذا يعد أمراً في غاية السهولة واليسر، فنحن اليوم نعاصر جيلاً متطوراً ويميل بشكل كبير في كل تصرفات حياته وهواياته إلى التكنولوجيا الحديثة التي سهّلت الكثير من الأمور؛ ومن بينها التصوير الفوتوغرافي، فيما كان لا يمتلك آلة التصوير في سابقاً إلا أشخاص قليلون، وكانت الصورة بألف كلمة، ولما تمر به من مراحل طويلة وشبه معقدة لإظهارها بالجمال والهيئة الإبداعية المطلوبة.
في يومنا هذا، الصورة سهلة الالتقاط ولكن يتطلب فيها وجود النظرة الإبداعية واللمسة والحساسية والموهبة الفنية ووضوح الرسالة المراد إيصالها من خلال الصورة ، كل هذه العوامل تعطي الصورة الرقمية عالية الجودة امتيازاً رفيع الذوق مع توافر البرامج الخاصة بالتحكم بجودة الصورة وتعديلها؛ حيث يعتبر انتشار ثقافة الصورة الفنية وكثرة المشاركة الدولية أمراً إيجابياً سينعكس في نهاية المطاف على حركة الفن في هذا المجال.
أما في ما يتعلق بالجانب المادي للمصورين فمردوده قليل جداً ولكن ما يجعله ذا مردود عالٍ معنوياً وله قيمة هو حب المصورين لهذا المجال الذي يدفعهم للمشاركة وإظهار ما يتمتعون به من موهبة وإتقان متميز في عالم التصوير.
هذا الشغف يجعلهم متواجدين ولهم مكان وحضور فني مسبوق في شتى المسابقات التي تضعهم على الطريق الدولي للتصوير وترشدهم إلى أعلى مستويات التميز. ولذا، فإنه لا يمكننا التقليل من الإنجازات الدولية تحت شعار أنها قليلة مادياً، فالجانب المعنوي من هذه المشاركات تدفع بكل من يمتلك هذا الشغف إلى المواصلة والمثابرة على تقديم أفضل ما يمكن من أجل إبراز اسم مملكة البحرين ورفعه عالياً في مجال الفن التصويري والفوتوغرافي، حتى يتردد صداه في كل الأنحاء وليبين لكل العالم بأن هذه الموهبة زُرعت ونضجت وأثمرت ثمراً نافعاً يانعاً من أرض البحرين. هذا الفخر الذي يسعى المشاركون إلى إظهاره لهو أعمق في معناه وأكبر في مردوده من أية أمور أخرى.
ماذا عن «تمكين» في ما يتعلق بمشروعات رواد الأعمال الشباب، هل هي حاضرة بشكل مقنع؟ ماذا عن الجهات الأخرى إن وجدت؟
- بالنسبة إلى مؤسسة «تمكين» ومدى دعمها للشباب؛ ففي اعتقادي بأن المؤسسة تعد من أنجح المشاريع التي قامت بها مملكة البحرين من أجل دعم الشباب وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فأنا على معرفة شخصية بمجموعة من الشباب الذين استفادوا وبشكل كبير من البرامج التي تطرحها؛ حيث تقوم على إنجاح وتطوير مشروعاتهم وخلق مشروعات جديدة تتميز بالإبداع.
المؤسسة تُمكّن للبحرينيين سُبلاً لشد عودهم وتثبيت خطواتهم فيما يتعلق بأية نوعية من الطموحات والمشاريع التي يعملون عليها. كان لها الأثر الكبير - ومازالت - في توسعة العديد من المشاريع الصغيرة وتطوير المتوسطة منها. كما وأنها حققت حلم الكثيرين بمساعدتهم على إنشاء تجارتهم الخاصة أو تحقيق رغباتهم في تكوين مشاريعهم الفردية أو تطوير ذواتهم باستكمال دراساتهم الأكاديمية.
تعاون «تمكين» مع المشاريع الصغيرة أو مختلف الأنشطة من منطلق الشراكة المجتمعية وتكامل أدوار مؤسسات المجتمع لنشر الإبداع بمختلف أشكاله وذلك من خلال مجموعة من البرامج والمشاريع الموجودة في المملكة، بالإضافة إلى رفع المستوى الاقتصادي للمواطنين؛ الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على الوضع الاجتماعي والاقتصادي على الأفراد والبلاد.
ومن هنا، فإننا ندعو «تمكين» إلى توفير دعمها الخاص أيضاً في مجال التصوير الفوتوغرافي وذلك من خلال دعمها لمشاريع التصوير المبتدئة أو حتى المتوسطة منها، وتوفير دورات وورش عمل وفصول دراسية وأكاديمية تتعلق بالتصوير الفوتوغرافي.
كما ويمكنها أيضاً احتضان المصورين البحرينين من خلال دعم استوديوهات التصوير وتوفير مستلزماتها وتجهيزاتها وكل ما يتعلق بها من ناحية، ودعم الجانب التسويقي والترويجي من ناحية أخرى.
ومن هنا أود أن استغل هذه الفرصة لطرح فكرة برامج تطوير محترفة لصقل المواهب المحلية وتقويتها من أجل المشاركة الفاعلة في مختلف المحافل الدولية والعالمية وتمثيل البحرين باحترافية عالية ولمواكبة مسيرة التصوير الفني بمختلف مقاييسها ومراحلها.
يذكر أن الاتحاد الدولي لفن التصوير الفوتوغرافي، هو الراعي الرسمي للتصوير في العالم؛ إذ تأسس في العام 1946، ويضم في عضويته أكثر من 85 اتحاد تصوير من مختلف دول العالم، ويرعى العديد من المعارض والمسابقات والفعاليات التصويرية في مختلف أنحاء العالم.
العدد 4366 - الأربعاء 20 أغسطس 2014م الموافق 24 شوال 1435هـ
الصورة غلط
الموضوع بالأساس عن محمد بوحسن بينما تتصدر الواجهة صورة معصومة حاتم! أليس ذلك غريب أو خطأ غير مقصود؟