العدد 2490 - الثلثاء 30 يونيو 2009م الموافق 07 رجب 1430هـ

حضور البحرين في المشهد الدولي ليس طارئا

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

بفضل عوامل كثيرة كانت البحرين تاريخيا موطنا للتلاقي الإنساني في أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والبحرين ذات حضارة ضاربة في أعماق التاريخ، وأهالي هذه الأرض كانوا متواجدين عليها منذ آلاف السنين وشواهدهم أضحت علامة على الحضارة في هذه البقعة الحيوية من العالم، ونظرا لموقعها المتوسط بين حضارتين مهمتين كانت البحرين التاريخية (الممتدة على شرق الجزيرة العربية) الحاضنة الكبرى لهذا الإقليم.

هذا الإرث التاريخي من التواصل، جعل البحرين دائما محط أنظار الجميع، فكل القوى الكبرى التي كانت ذات شأن في المنطقة وضعت عيونها على البحرين.

ولذلك فإنه ليس غريبا أن نرى اليوم الأهمية الكبرى التي ينظر بها العالم للبحرين، لذلك فإن عواصم القرار الكبرى في العالم تحرص على إحداث صلات استراتيجية مع هذه الجزيرة.

ولهذا فإن البحرين وأهلها يحظون باحترام وتقدير من المجتمع الدولي، والخبر البحريني غالبا ما يتصل بالشأن الإقليمي والعالمي، وحتى لو حاولنا عبثا ان نفصل أنفسنا عن محيطنا وعالمنا فإننا سنكتشف بعد طول جهد أن ما نقوم به هو عبث ليس إلا.

خلال الأيام الثلاثة الماضية، خرجت أخبار كثيرة عن البحرين، وجميع هذه الأخبار لها بعد دولي مباشر.

الخبر الأول هو مشاركة جلالة الملك في القمة السعودية المصرية البحرينية التي عُقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية مساء أمس، والحضور البحريني في هذه القمة ينمُّ عن دور كبير للبحرين في البيئة العربية، ووجود البحرين في اجتماع عربي على هذا المستوى يسجل نقطة فارقة وليست حدثاَ عابرا، وربما أن الدور البحريني في الخريطة العربية ينظر له بغيرة من بعض الجهات، والمنطق العالمي وخصوصا خلال السنوات الماضية أثبت أن التأثير ليس عضويا بالمساحة الجغرافية او الثقل السكاني، والدليل وجود دول كبرى جغرافيا وديمغرافيا ولكن تأثيرها صفر على الشمال أو لا يكاد يذكر.

الخبر الثاني: لقاء سمو ولي العهد مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهذا الاجتماع عالي المستوى بين المنامة وواشنطن يعكس العلاقات الاستراتجية التي تجمعنا، فالبحرين تستضيف الاسطول الاميركي الخامس في الخليج، ولديها تعاون وثيق مع الادارة الاميركية، لذلك فان هذا الدور يجب ان نفعله إيجابيا لصالح المنطقة، ولصالح ابعاد كل عوامل التوتر عنها.

ومن مصلحة البحرين ان تكون طرفا مستفيدا من أي تفاهم مستقبلي بين الولايات المتحدة الاميركية والجمهورية الاسلامية الايرانية بالرغم من التوترات الحالية التي قد تبعد فرصة تحقيق هذه المقاربة المهمة.

إن أمن منطقة الخليج يشكل حاجة حقيقية لجميع الأطراف، ولذلك فإن المنتدى الأمني رفيع المستوى الذي تنظمه البحرين سنويا بمشاركة جميع العواصم المؤثرة في المنطقة يحظى باهتمام منقطع النظير.

الخبر الثالث: كان اختتام اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الذي احتضنته البحرين. وليس غريبا أن البحرين حريصة على فتح نوافذ علاقة مع هذه الدول التي لها تجارب كبرى في التنمية البشرية وحققت بفضلها نجاحات اقتصادية وتنموية ناجحة جدا.

الخبر الرابع: هو اعتراض السلطات الإسرائيلية سفينة لتقديم المساعدات الطبية والاغاثية للفلسطينيين، وكان على متنها ستة بحرينيين. وهذه المشاركة البحرينية تمثل دلالة على الوعي الاسلامي والقومي المتجذر في البحرين أزليا.

كثيرة هي العوامل التي تجعل من البحرين محل اهتمام العالم، فتنوع التركيبة الاجتماعية، وكما هو وضع جميع البلدان ذات هذا النمط الديمغرافي، فالعراق ولبنان والبحرين تشترك في هذا العنصر، وهو التنوع ذو حدين.

والحق يقال إن الدبلوماسية البحرينية حققت نجاحا كبيرا خلال السنوات السابقة وتحديدا منذ بدء عهد الإصلاحات السياسية في البحرين، وبفضل ذلك تعزز حضور البحرين في المشهد الدولي، فمن كان يتوقع أن بلدا صغيرا جغرافيا كالبحرين نجح في ترؤس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورغم أن هذا المنصب شرفي أكثر منه تنفيذي، لكن رمزيته كبيرة جدا، وهو يعكس نجاح الدبلوماسية البحرينية في تكوين شبكة واسعة من العلاقات مع مختلف دول العالم.

وفضلا عن ذلك نجحت البحرين أيضا في دخول المجلس الدولي لحقوق الإنسان، فضلا عن عضوية تجمعات دولية مهمة أخرى. والآن أصبح لدينا تعاون وثيق مع مؤسسات الأمم المتحدة المختلفة، ولدينا مبادرات كثيرة تتعلق بتقنية المعلومات.

وقبل يومين من الآن نجحت البحرين في أخذ الموافقة على احتضان اجتماع لجنة التراث العالمية، وهذا يعزز من بصماتنا على الخريطة الثقافية الدولية.

وإذا كنا نرصد بحماس هذه المساهمة البحرينية في العلاقات الإقليمية والدولية فلنا أن نرى عكس ذلك تماما في العقد الماضي، في عقد التسعينيات شهدنا ضمورا للدور البحريني بسبب تردي الأوضاع السياسية الداخلية، لأن غياب الحريات وتفعيل المنطق الأمني يقلص من مساحة أي تأثير لأي بلد يمارس هذا الشكل من الادارة الداخلية، بل وقد وجدنا إدانات دولية للانتهاكات الحقوقية الفادحة في تلك الفترة، ولكن البحرين بفضل الحراك الشعبي المتناغم مع الرغبة الاصلاحية لدى جلالة الملك تجاوزنا ذلك النفق المظلم.

في كل الأحوال نحن محظوظون حقا، لأن العالم ينظر الى تجربتنا، ويطمح في الاستفادة من موقع البحرين، ما وددت قوله: ان حضور البحرين في المشهد الدولي ليس طارئا. ولذلك فإن الدور الذي نطمع في لعبه على المشهد الاقليمي والدولي له ضريبة أخرى وهي ان نراجع تجربتنا باستمرار لنقدم للعالم أفضل ما لدينا ويجب ان نكون في الريادة على مستوى الحريات والاصلاح السياسي والاجتماعي وحماية تنوعنا الثقافي.

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2490 - الثلثاء 30 يونيو 2009م الموافق 07 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً