تعرَّض أحد المواطنين البحرينيين إلى حادث سيّارة، وبعد الإجراءات المرورية، توجّه إلى إحدى شركات التأمين، لإنهاء إجراءاته القانونية، ومن ثمَّ مباشرة بعض الإجراءات الأخرى، لتصليح سيّارته.
وما إن همَّ بإكمال بياناته، حتى باشره الموظَّف بلغة غليظة، عن ضرورة دفع مبلغ 100 دينار، حتى تُصلح شركة التأمين السيارة، وعندما سألهم المواطن عن سبب حصولهم على هذا المبلغ، ردَّ عليه الموظّف بصورة استفزازية، بأنَّ هذه سياسة الشركة.
استنكر المواطن البحريني ذلك، وخاصة أنه لم يسبب الحادث، كما هو مذكور في محضر المرور، إذ إن الحادث سببه سيارة أخرى، وقد حُوِّل صاحبها الى النيابة العامة، لأنّه اجتاز الاشارة المرورية الحمراء، مما تسبّب في هذا الحادث.
عندها حدَثت مشادّة كلامية بين موظّف الشركة والمواطن، وطلب المواطن حينها حصوله على القرار الرسمي مكتوبا، حتى يستطيع مخاطبة المسئولين للنظر في الموضوع، فاستشاط الموظَّف غيظا، وأخبره بأنّه لن يعطيه أي ورقة رسمية، وعندما طلب المواطن اسم الموظَّف، رفض الأخير إعطاءه اسمه أو معلومات عنه.
فقام المواطن بالذهاب الى الفرع الرئيسي للشركة، وتحدَّث مع المسئول المباشر، الذي بيّن له أهمية حصول الشركة على المبلغ، وأخبره بأنّ المبلغ سيرجع له ما إن ينتهي الطرف المتسبب في الحادث من النيابة العامة.
وبعد نقاش بين المواطن والمسئول، دفع المواطن في نهاية الأمر، وقبل حصوله على راتبه، هذا المبلغ لإصلاح سيّارته، وهو على مضض واستنكار لهذا القرار الجائر في حق الناس.
هناك تساؤلات لابد من توجيهها إلى بعض شركات التأمين، وتتمثّل في الآتي:
أولا: لماذا لا تقوم بعض شركات التأمين بتدريب الموظّفين على امتصاص غضب الناس، حتى يزيد من حدّة الجدال، وحتى لا يجعلوا المشكلات تتفاقم، فيستطيعوا إقناع الناس بقانون جائر كهذا القانون؟
ثانيا: هل من حق المواطن الحصول على إثبات رسمي وبناء على طلبه، لتأكيد وجود هذا القانون الذي يُلزم المواطنين بدفع هذا المبلغ، حتى يكون على بيّنة عندما يناقش في الموضوع؟
ثالثا: هل هناك موافقة من قبل مصرف البحرين المركزي، لأي رسوم يدفعها المواطن البحريني، وذلك تأمينا منهم على حقوق الناس، وحفاظا على أموالهم؟
رابعا: لماذا لم نرَ القرار أو القانون مكتوبا ويعطى للمواطن، وبموافقة المصرف المركزي، تحقيقا لمبدأ الشفافية، التي بُني على أساسها المصرف المركزي في البحرين؟
خامسا: هل المصرف المركزي له السّلطة على شركات التأمين إذا تلاعبت أو تجاوزت بعض القرارات التي يضعها المصرف المركزي؟
سادسا: كم من رسوم غير هذه الرسوم مُكتنزة في جوف بعض شركات التأمين، لا يدري عنها أحد، فيصطدمون في يوم من الأيام بوجودها؟
إن تحقيق العدالة لا يتم بهذه الطريقة التي قامت بها شركة التأمين مع المواطن البحريني، وخاصة أن هذه القوانين لا تخدم المواطن البحريني، بل تُرهق كاهله أكثر مما هو مُرهق أساسا.
فإذا كان هذا المواطن على قدرة بدفع هذا المبلغ الكبير، بالنسبة إلى رواتب البحرينيين قبل نهاية الشهر، فكيف للمواطن البحريني البسيط وذي الأجر المتدني أو المتوسط أن يدفع هذا المبلغ في هذا التوقيت؟ وهل تنتظر شركة التأمين عدم إصلاح السيارة وعدم لمسها حتى يدفع المواطن المسكين مبلغ الـ 100 دينار؟!
فكما أن الدولة لا تفرض رسوما إلا بقانون، فإننا نتمنى كذلك من شركات التأمين عدم إصدار رسوم إلا بقرار وموافقة من المصرف المركزي، وإننا نتمنى من المصرف كذلك تحديد الرسوم التي يوافق عليها لشركات التأمين، ويحذّر الناس من دفع أي مبالغ أخرى خارج إطار هذا القرار.
وبصرف النظر عن رجوع المبلغ إلى المواطن أم لا، فإن أخذها من الأساس لا يصح في ضوء وجود البيّنة على من تسبّب في الحادث، وكم من أسرة بحرينية تضرَّرت من دفع المبلغ، ولم تحصل عليه إلا بشق الأنفس!
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2490 - الثلثاء 30 يونيو 2009م الموافق 07 رجب 1430هـ