تحتفل منظمة الأمم المتحدة باليوم العالمي للعمل الإنساني، (19 أغسطس/ آب) من كل عام، وسط مطالبة بالحاجة إلى المزيد من هذا العمل، في الوقت الذي أكد فيه عدد من العاملين في هذا المجال في البحرين أنهم سيواصلون عملهم الإنساني على الصعيد المحلي والعالمي، مطالبين بزيادة الوعي بأهمية هذا العمل.
وقد حددت المنظمة هذا اليوم لتكريم الذين يواجهون الأخطار والمحن لمساعدة الآخرين، كما أن هذا اليوم فرصة للاحتفال بالروح التي تلهم العمل الإنساني في جميع أنحاء العالم.
وعرض عدد من النشطاء البحرينيين تجاربهم في عملهم الإنساني على الصعيد المحلي والعالمي، وفي هذا الصدد قال استشاري أنف وأذن وحنجرة نبيل تمام في حديث إلى «الوسط»: «كأطباء نقدم مهنة إنسانية للمرضى والمصابين، إلا أن هذه الخدمة تجلت عند مشاركتي في كسر الحصار على غزة في العام 2008، وذلك بالمساهمة مع الاستشاري علي العكري في تقديم العلاج إلى مصابي غزة».
وأضاف قائلاً: «في ذلك العام كنا نتواصل مع الأطباء في فلسطين لمعرفة متطلباتهم من معدات وأدوية، وقمنا بجمع التبرعات، إذ إنه في خلال 72 ساعة جمعنا ما يقارب 40 ألف دولار».
وأوضح تمام «لم يتوقف عملنا الإنساني والتطوعي على جمع التبرعات وتقديم الأدوية والمعدات»، مشيراً إلى أن اتحاد الأطباء العرب طلب عقد لقاء عاجل، مبيناً أنه حضر هذا اللقاء مع علي العكري وتم الاتفاق على إقامة مستشفى ميداني ودخول غزة.
ويستذكر تمام دخوله إلى غزة بعد أن قام هو ومجموعة من الأطباء بالاعتصام لمدة أسبوع أمام معبر رفح وذلك لتشكيل ضغط إعلامي للسماح للأطباء بالدخول إلى غزة وتقديم العلاج، موضحاً أنه تم السماح لهم بالدخول إلى غزة وذلك عن طريق سيارات الإسعاف.
وأشار تمام إلى أنه بقي مع الاستشاري العكري في غزة لدى عشرة أيام قدما من خلالها العلاج للمصابين والجرحى، في الوقت الذي كانت فيه غزة تحت الحصار.
ولفت تمام إلى أن الخوف كان موجوداً في ذلك الوقت، إلا أن قرار الخدمة الإنسانية وتقديم العلاج للمصابين كان أقوى من هاجس الخوف.
وذكر تمام أن العمل الإنساني قد تشوبه بعض المخاطر إلا أن القرار يكون أقوى من الخوف من هذه المخاطر، مشيراً إلى أنه مؤمن بأنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له، مبيناً أن قرار عمله الإنساني في غزة كان أقوى بكثير من خوفه من العدوان الذي كانت تشهده المنطقة في ذلك الوقت.
وقال تمام: «حب العمل الإنساني موجود لدى الشعوب جميعاً ولا يقتصر على طبيب أو أي مهنة أخرى، فالعديد من الناس لديها حب العمل الإنساني فالعديد يقومون بجمع التبرعات للشعوب الفقيرة».
وأضاف قائلاً: «نحتاج إلى المزيد من العمل الإنساني في العالم بأجمعه وليس في غزة فقط، نحن اليوم نعمل على تقديم العمل التطوعي لكسر الحصار على غزة من خلال جمع التبرعات ونطمح إلى الدخول إلى داخل أراضي غزة لتقديم العلاج كما حدث في العام 2008».
من جهتها تحدثت رئيسة الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني بدرية علي عن تجربتها في العمل الإنساني التي مضى عليها العديد من السنوات والتي تمثلت في دعم القضية الفلسطينية خصوصاً، قائلة: «عملنا في الجمعية يتركز على دعم القضية الفلسطينية بشتى الطرق الإنسانية من تقديم مساعدات وتقديم دعم معنوي ومادي».
وأضافت: «في العام 2008 كان حصار غزة وهو الذي هز العالم بأجمعه وذلك لما تعرض له الشعب هناك من انتهاك واضح وصريح، كنا في الجمعية نحاول جمع الأدوية وإرسالها إلى الأطباء هناك وذلك بالتعاون مع رولا الصفار والطبيب محمود المرهون، إلا أنه حينها كان في اعتقادنا أن ذلك لم يكن كافياً، فحاولنا الدخول إلى عزة وبقينا على معبر رفح أربعة أيام في انتظار الدخول إلى هناك وتمكنا من ذلك بعد تسهيل الإجراءات من قبِل سفير البحرين آنذاك خليل الذوادي».
وتابعت: «تمسكي بالقضية وحبي للعمل الإنساني كانا أكبر قرار دفعاني للدخول إلى غزة ولم أشعر بالخوف ولو لحظة، على رغم أن الفندق الذي سكنّا فيه قصف وكان من الممكن أن نموت ونحن فيه، إلا أن الشغف بالعمل الإنساني أقوى بكثير من هاجس الخوف».
وروت بدرية رحلتها إلى غزة وما تضمنته من مشاهد إثر عمليات القصف التي أسفرت عن عدد من الجرحى والضحايا، في حين هدمت المنازل والمساجد، مؤكدة أن دخولها إلى غزة لا يعد تضحية، فهي ستبقى تضحي من أجل القضية الفلسطينية حتى النهاية، مشيرة إلى أن خلال زيارتها لغزة حملها الشعب هناك رسالة للشعب العربي وللفصائل الفلسطينية بضرورة الوحدة الوطنية مع استمرار المقاومة.
وذكرت أنها مازالت مستمرة في عملها الإنساني وخصوصاً بعد حصار غزة منذ قرابة أكثر من شهر ونصف، مبينة أن الجمعية تسعى حالياً إلى جمع التبرعات، كما تمت مخاطبة المجلس النيابي للسماح لبعض الأطباء بالدخول إلى غزة، في الوقت الذي هناك برامج ستعقد مستقبلاً لدعم الشعب في غزة.
من جانبه قال الناشط في مجال العمل الإنساني خالد الخياط: «إفريقيا دائماً يكون لها نصيب الأسد في حملاتي الخيرية، وتبرعاتي البسيطة، وقد ابتدأت بحملات بسيطة وتوسعت إلى أن ختمتها بحملة المليون وجبة لصالح المجاعة التي كانت موجودة في ذلك الوقت، فكانت الأكبر قيمة، إذ شارك فيها جميع أطياف المجتمع من بحرينيين وغير بحرينيين، من مسلمين وغير مسلمين وكان هدفي جمع مليون وجبة مجاعة، غير إني تمكنت من جمع 1.3 مليون وجبة لصالح المجاعة».
وأضاف قائلاً: «حظت الحملة بتجاوب كبير، وصدى إعلامي غني اكتسبته حيث كتب عن الحملة عدد كبير من الإعلاميين، ناهيك عن الاتصالات الكثيرة التي كانت تصلني ويلح أصحابها بشدة على ضرورة قبول تبرعهم قبل أن تنتهي».
وأوضح الخياط أنه قام بعدد من الحملات الإنسانية آخرها كانت باسم «حملة البنكي لآبار المياه في إفريقيا»، والتي دشنها في ثواب محمد البنكي، وانتهت الحملة بجمع 5025 ديناراً بحرينياً، وتمكن من حفر 5 آبار مياه ارتوازية تبلغ قيمة كل منها 850 ديناراً بحرينياً، ويستفيد من كل بئر ما يتراوح بين 200 و600 أسرة إفريقية يومياً، ويسمى كل بئر منها باسم (بئر محمد البنكي) بالإضافة إلى عدد كبير من المصاحف.
وذكر الخياط أنه أقام عدداً من الحملات الإنسانية، إذ إنه يجد نفسه في الأعمال الخيرية والتطوعية بأنواعها، والحملات الإنسانية، سواء الداخلية أو الخارجية، هي أهمها، مشيراً إلى أنه قام أثناء عمله في إحدى الشركات الاستثمارية بتأسيس مشروع داخلي للموظفين باسم «ازرع بسمة» واستمر طوال خمسة أعوام تقريباً، وكان الهدف منه زرع البسمة على شفاه المحتاجين سواء داخل البحرين أو خارجها، وذلك عبر جمع الصدقات الشهرية واستثمارها في مشاريع خيرية.
ولفت الخياط إلى أن أول حملة خيرية قام بها كانت لصالح طفل من المحرق، كان يعاني من ضعف شبه تام في كامل عضلات الجسم، وهو مرض نادر على مستوى العالم، وتطلب علاج الطفل مبلغاً وقدره 63 ألف دينار، «ونجحت في جمع المبلغ في أقل من 3 أشهر».
وذكر الخياط أن آخر مشروع قام به هو مشروع «ملحف الخير» بالاشتراك مع جمعية أمنية طفل بمشاركة الفائزة بجائزة الإعلام الاجتماعي فئة فاعل خير منال العوضي، وصاحبة الملحف أم مهند وهو مشروع مخصص فقط لعلاج مرضى السرطان في البحرين، إذ إن هذا المشروع يقوم على حياكة ملحق بحجم متر ونصف طولاً وعرضاً، من حياكة أم مهند، التي تعاني من سرطان المبايض، إذ كانت تعمل في حياكة الملحف بمعدل 8 إلى 12 ساعة في اليوم، وبعدها جاءت فكرة بيع الملحف عبر مزاد خيري بسعر افتتاحي قيمته 5000 دينار بحريني، لتعادل كل دقيقة عمل بدينار بحريني واحد بحيث يذهب ريعه لعلاج الأطفال ومرضى السرطان من فقراء البحرين، مشيراً إلى أنه اشترك في المزاد بنك البحرين الإسلامي، وبيت التمويل الكويتي وشركة ألبا واستطاعوا جمع مبلغ وقدره 35 ألف دينار بحريني.
وأشار الخياط إلى أن هذا المشروع استفاد منه عشرة أشخاص، إذ تم دعمهم في علاجهم من مرض السرطان داخل وخارج البحرين، وكان دعماً للجميع دون تمييز، مبيناً أنه بعد أن نفد المبلغ قاموا بالاستفادة بريع بيع كتاب «مذكرات مريضة ستقهر السرطان» لسفيرة أطفال السرطان جويرية الشوملي.
وأشار الخياط إلى أن البحرين عرفت بأنها أهلٌ للخير، سواء الظاهر في يد أهلها، أم الكامن في قلوبهم، مشيراً إلى أن نجاحه في جميع حملاته الخيرية كان بفضل من الله وأهل البحرين، مبيناً أن الأمور تغيرت مع انطلاق العمل النيابي في البحرين وذلك باستغلال حاجات البسطاء والفقراء والمحتاجين ما يعد استغلالاً لعمل الخير، مؤكداً أنه على الرغم من كل ما يقال عن تدني رواتب البحرينيين، وضعف مستواهم المادي والمعيشي، إلا أن إقبال الشعب البحريني للتبرع للحملات التي دشنها شخصياً، وعبر فترة زمنية طويلة، يؤكد أن الخير مستوطن قلوب أهل البحرين.
وعمّا إذا كان يخطط لإقامة حملات إنسانية أخرى أكد الخياط أنه بسبب تعقيدات الوضع الآن وخصوصاً بعد أحداث فبراير/ شباط 2011، اختلف الوضع عما سبق، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي في ما يتعلق بعمليات جمع المال والحملات الإنسانية.
ويقدم العديد من المواطنين البحرينيين أعمالاً إنسانية تقتصر على المجتمع البحريني وذلك لخلق حب العمل التطوعي، إذ قال ممثل عن جوالة المالكية سعيد منصور: «جوالة المالكية لها العديد من الأنشطة التطوعية الإنسانية وفي العديد من المجالات بعضها في المجال البيئي وبعضها في مجال الخدمات وأخرى في المجال الإنساني».
وأضاف «الهدف من هذه الأنشطة هو تعزيز الشراكة الاجتماعية في المجتمع، وخصوصاً أن العمل الإنساني هو رسالة إنسانية يحملها كل إنسان على وجه الأرض، إذ إن الأخير لا يستطيع أن يعيش في معزل عن المجتمع، لذا لابد من تعزيز روح العمل التطوعي والإنساني».
وذكر منصور أن المجتمع البحريني بشبابه يتميز حبه للعمل الإنساني وهذا ما يميزه عن العديد من شباب دول الخليج العربي، مشيراً إلى أن هناك العديد من الشباب المتطوعين في العديد من مجالات الحياة، مبيناً أن ذلك يدل على وعي الشباب البحريني بأهمية المبادرة بالعمل الإنساني من أحل الارتقاء بالمجتمع.
ومن جهته قال رئيس اللجنة الصحية استشاري طب أطفال والمواليد نادر دواني:
«جمعية الكوثر لرعاية الأيتام أنشئت بهدف رعاية شاملة تتمثل في الخدمات التعليمية والصحية والترفيهية، ومنذ إنشائها منذ 11 عاماً كنا نهدف إلى مساعدة الأيتام بأي طريقة وقد زرنا عدداً من الدول لنرى البرامج المقدمة لهؤلاء الأيتام».
وأضاف «خدماتنا لا تقتصر على جانب الكفالة فنحن نقدم خدمات صحية مجانية للأيتام عبر تقديم فحوصات دورية للأيتام، كما تتم إحالة اليتيم إلى الاستشاريين في حال وجدت مشكلة صحية، و99 في المئة من الاستشاريين يقدمون خدماتهم بالمجان، كما تقوم الجمعية بتقديم خدمات تعليمية لتسهل انخراط الأيتام إلى المعاهد الدراسية لحل مشاكلهم الدراسية».
وتابع «هناك أيضاً الكفالة الجامعية لليتيم غير القادر على الانخراط في الجامعة، كما نقدم برامج إلى أمهات الأيتام وخصوصاً أن هذه البرامج تساهم في دعم الأمهات».
وأكد دواني أن الجمعية تقوم على جهود جماعية وذلك من أجل تحقيق العمل الإنساني للأيتام والمحيطين بهم، وخصوصاً أن هذه الفئة تحتاج إلى دعم المجتمع.
العدد 4364 - الإثنين 18 أغسطس 2014م الموافق 22 شوال 1435هـ
المتمردة نعم
قدموا لجائزة الشيخ عيسى للتطوع