لا أدري إلى أين يذهب «داعش» بهذا الجنون والغباء والخلاعة غير المسبوقة منذ فجر التاريخ إلى اليوم وحتى ما قبل قيام الساعة؛ إن قٰدّر له أصلاً أن يكمل هذا العام؛ أو العام الذي يليه!
لا أدري إلى أي وجهة يريد أمراء الموت والعار والإرهاب في التنظيم جرّ العالم وحشره في زاويتها، مع مناصريه من شذّاذ الآفاق ممن رضعوا من الضباع فصاروا يوجّهون حواسهم التقاطاً للبقع التي يزدهر فيها الدم وتتوافر فيها الضحايا!
الأدبيات التي يستند إليها «داعش»؛ إذا صحّ أن يطلق عليها أدبيات؛ لا يمكن لأي بهيمة؛ عدا عاقل أن ينسجم مع النادر منها. هل ينسجم كائنٌ مع الخراب؟
بعد كل الفظاعات التي ارتكبها التنظيم والتي لن تجد لها شبيهاً بين كل الفظاعات التي سجّلها ودوّنها لنا التاريخ برجالات - أشباه رجال - تلك الفظاعات، بات سكّان المعمورة على موعد لا ينفك يتطاول بما يتمخّض عمّا يسمى الأدبيات وممارسة لتطبيقات الفوضى والبربرية التي تخاطب العالم باسم القانون. وأي قانون؟ القانون الإلهي الذي أجروا عليه ومايزالون مزيداً من التنقيح والتعديل؛ علاوة على التنقيح والتعديل الذي ينتظر كتاب الله على أيديهم؛ حذفاً وإعادة ترتيب!
غفل المسلمون طوال أكثر من 1435 سنة عن «التحريف في القرآن» والزيادة فيه ليلتفت إليه واحد من أكثر المجرمين والسفاحين والإرهابيين على ظهر الكوكب، أبوبكر البغدادي أمير إرهابييهم!
ثم ما هي قصة تحريم الكيمياء؟ لعدم صلتها وربطها بالله! من صنع المادة؟ سؤال مباشر أليس كذلك؟ لكن في تحريم الكيمياء كمادة تدرّس في الجامعات التي يسيطر «داعش» على المناطق التي تتواجد، فيها يكشف عن غباء هو الآخر لن نجد له مثيلاً ولن يتكرر في التاريخ؟ ماذا عن العبوات الناسفة التي يتم إعدادها في مواجهة التنظيم الإرهابي لمناوئيه؟ هل ذلك الإعداد مرتبط بتقارير الأحوال الجوية أم بكيف تعد طبق «أومليت»؟ وحتى مثل ذلك الطبق لن يتحقق من دون تفاعل ما!
هل يريد التنظيم بذلك القرار والفرمان العبقري والاستثنائي اللافت أن يشطب صناعات وأسباب حياة أفراده؛ ما كانوا لولاها على قيد الحياة بل إلى جثث متفسّخة، وتلك هي الأخرى تحتاج إلى تفاعل كي تصل إلى نهايتها!
معروف أن الكيمياء تدخل في الكثير من عمليات التصنيع مثل صناعة البلاستيك والأسمنت ومواد البناء وصناعة الزجاج وإنتاج البتروكيماويات والدواء وغيرها.
بذلك التحريم من المفترض أن يكون داعش تخلص من كل تلك المكونات وأولها الزجاج الذي ينظر من خلاله أمير «مؤمنيه» إلى التوقيت من خلال ساعته السويسرية الفاخرة التي اعتبرها ضمن «الأنفال»! علاوة على السلاح الذي تتم سرقته أو شراؤه بأموال تم السطو عليها من المصارف التي تتواجد في الأراضي التي يدّعي فتحها؛ بينما هو يعيدها إلى آلاف السنين من الانغلاق والتخلف والتراجع وتعميم الجنون!
ثم إنه لولا الكيمياء تلك لما خاض التنظيم حروبه الجبانة من وراء ستار ومكر وترصّد بفعل المفخخات التي هي بلا شك لن تكون فاعلة بفضل التفاعل الإيماني مع حاملها، ولا بفعل ما تبقى من فضلاته والتي هي الأخرى لا تنتج إلا بفضل تفاعل كيميائي أيضاً!
بعد أن استتب الأمر للتنظيم الإرهابي بوصوله إلى وهم الدولة، وبعد أن قام بوضع النقاب حتى على ضرْع البهيمة تجنّباً للفتن ما ظهر منها وما بطن، وبعد أن أعاد إنتاج أسوأ وأبشع ممارسات الجاهلية الأولى في القرن الحادي والعشرين، بإحيائه لعار سبي النساء بالجملة والمفرق وعرضهن في سوق النخاسة، وبعد أن تم ذبح المخالفين له والذين كانوا متفقين معه، صار لزاماً عليه أن يباشر ذبح الكيمياء التي استغلها قبل نشأته وبعدها؛ لأنها ليست على «دين التوحيد»! بهذا صار على الكيمياء هي الأخرى أن تتوارى أو تتنقّب وتنزوي وراء حجابٍ إلى أن يأمر بذلك أمير «مؤمنيه» تجنيباً للعامّة خلاعتها وعدم تحضيرها وإعدادها في ضوء قراءاتهم والقرآن الذي هو في طريقه إلى التنقيح على أيدي «مافيا كل العصور» من دون منازع!