بعيداً وليس انفصاماً عن إبراهيم شريف السيد، القائد الوطني والمناضل التقدمي منذ أن كان طالباً في السبعينيات حتى الآن، عرفت إبراهيم شريف السيد الإنسان أيضاً، وهو ما أود التحدث عنه.
عرفت بوشريف كما يكنّى تيمناً بابنه شريف، في بيروت حيث كان يدرس في الجامعة الأميركية ببعثة من قبل حكومة البحرين لتفوقه، هذا قبل أن تستفحل الاعتبارات الطائفية والسياسية في الابتعاث. الحقبة كانت في النصف الثاني من السبعينيات حيث انتهى تفرغي من صفوف الثورة العمانية، وعدت مرةً أخرى إلى صفوف النضال الوطني في المنفى كليةً لأني لم أغادره أبداً وذلك بالتفرغ للجبهة الشعبية في البحرين. والإقامة ما بين بيروت ودمشق وبغداد. عرفته حينها طالباً متفوقاً ومنفتحاً ومتفائلاً ومطلعاً بنهم للقراءة وعدم الاقتصار على الأدبيات اليسارية القومية والماركسية الرائجة حينها، بل على الأدبيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الغربية النقدية للرأسمالية المتوحشة، وكذلك الاشتراكية الاستبدادية، ومنها كتب ماركس وجيفارا وسارتر وغيرهم.
كانت لقاءاتنا قليلة لأنني لم أكن مسئولاً تنظيمياً عن ساحة لبنان أو القطاع الطلابي، بل مكلف بالإعلام والعلاقات الخارجية بعد استفحال الحرب الأهلية في لبنان، وجرى نقل طلبة البعثات البحرينية وحتى من يدرسون على حسابهم إلى الولايات المتحدة وخصوصاً تكساس، حيث انتقل شريف ملتحقاً بجامعة أوستن، حيث معظم الطلبة البحرينيين، دارساً الهندسة. وقد انقطعت عن زيارتهم لسنوات لعدة أسباب ومنها صعوبة الحصول على فيزا من لبنان أو سورية بجواز سفر يمني، والضائقة الاقتصادية. لكنني قمت بزيارات خاطفة للولايات المتحدة بدعوات من منظمة الطلبة العرب هناك، أو الرابطة العربية لخريجي الجامعات الأميركية أو اتحاد طلبة الخليج، حيث يتكفل الداعون بالإقامة والسفر داخل الولايات المتحدة، فيما أتكفل بتذكرة السفر وصرفيات الجيب.
ذهبت للولايات المتحدة في 1980، بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، ثم بضع مرات في الثمانينيات، وبالطبع كانت أوستن محطة إلزامية في جولاتي، حيث كنت استضاف في ندوة مفتوحة في جامعة أوستن، ولقاءات خاصة مع طلبة البحرين وطلبة الخليج ومغلقة مع التنظيم الطلابي للجبهة الشعبية، ومنهم بالطبع إبراهيم شريف.
ورغم أن مضيفي المفضل هو المرحوم جاسم بوشهري، لتقارب طباعنا وفوضويتنا، إلا أن جليس الحوار المفضل هو إبراهيم شريف لسعة إطلاعه ورحابة صدره وتنوع اهتماماته التي لا تقتصر على السياسة بل تمتد للاقتصاد والعلاقات الدولية والتحولات الاجتماعية، ولعزوماته في مطاعم مختارة تدلّ على ذوق رفيع.
أذكر حينها نشوب خلاف داخلي في أوساط طلبة الجبهة الشعبية في تكساس بحيث اضطررت للقاء ممثلي الفريقين في لندن لتعذر حصولي على فيزا للولايات المتحدة، وقد كان لإبراهيم شريف دور في تجميد هذا الخلاف بحيث لا ينعكس سلبياً على التنظيم والعمل الوطني والطلابي، لما لطلبة البحرين من دور حاسم في قيادة اتحاد طلبة الخليج ومن أبرز قياداته المرحوم راشد غلوم إلى جانب إبراهيم شريف.
شريف لم يكمل دراسته بسبب انتهاء صلاحية جوازه، ولم يعمد إلى البقاء في الولايات المتحدة بصفة غير شرعية، وكعادته في اتباع الأصول، عاد إلى البحرين ليسحب جوازه، ويضطر لترك تخصصه واقتحام تخصص آخر وهو العمل المصرفي ليصل إلى موقع قيادي، وهو نائب الرئيس التنفيذي لبنك طيب. وقد مكنه هذا من السفر في مهمات للبنك، وقد التقيته مرتين في لندن حيث تصادف وجودي معه هناك خلال التسعينيات. وموقعه الحساس هذا لم يمنعه من الانخراط في قيادة العمل الوطني والسياسي المحرم، واللقاء مع القيادات المعارضة في الخارج، رغم أنه يخاطر بموقعه القيادي في العمل. كان اهتمام بوشريف في لقاءاتي معه هو التحري عن وضعي ووضع المنفيين وعن عيشي الكريم في ظل ظروف قاهرة، ولم يبخل حينها على التنظيم بما يملك، وهذه أقولها وهو في الأسر، اعترافاً بتضحياته وأريحيته.
بعد عودتنا إلى البحرين من المنفى في فبراير/ شباط 2001، ومن حينها تعاملت مع أبوشريف كسياسي وإنسان، وتعرفت جيّداً على عائلته المكونة من أم شريف فريدة غلام، وبنتيه أسيل ويارا، وابنه شريف، وعائلة وصديق العمر محمد الزيرة وزوجته عائشة بوجيري، وأبنائهم فاطمة وحسين وحسام، وهما يجسدان أجمل علاقات الصداقة حيث لا جدار يفصل سكن العائلتين على ساحل توبلي.
وإذا طرحنا جانباً العلاقات التنظيمية والسياسية في «جمعية العمل الوطني الديمقراطي» (وعد) والعمل الوطني العام، وكذلك العمل في «الجمعية البحرينية للشفافية» والتي كان بوشريف من أبرز نشطائها، فإنني أود عرض علاقات الصداقة الإنسانية معه. بوشريف حافظ على علاقات الصداقة مع من كان معهم طلاباً في تكساس رغم اختلاف خياراتهم، وكانوا يعقدون جلسة سمر كل ليلة جمعة وغالبيتها في مجلس المرحوم بوشهري وأحياناً في مجلس بوشريف، وكنت بحكم الصداقة أحضر هذه الجلسات وألمس عمق الصداقة والأريحية التي يكنها الجميع لبوشريف ويبادلهم هو لها.
كنت أمر على بيت الشريف من وقت لآخر حيث كنت أحس براحة نفسية في الجلوس مع عائلة وطنية متفتحة وحضارية، تستطيع مناقشة كل شيء معهم. كثيرون يذكرون مواقف بوشريف الإنسانية وشهامته في صداقته وخصومته السياسية، بمن فيهم من نافسهم في الانتخابات النيابية كالنائبين بومجيد وعلي أحمد. وقد عبّر علي أحمد عن تقديره لبوشريف خلال لقائي بالاثنين في مقر اقتراع دائرتهما في المحرق خلال انتخابات 2010.
لم يتح لي اللقاء بأبوشريف منذ اعتقاله في 17 مارس 2011 حتى الآن، ولكن تمكنت من التحدث معه هاتفياً. والغريب أنه وهو في سجنه، فإن أول ما يسأل عنك عن أحوالك والاطمئنان عليك، ولم يتذمر ولا مرة واحدة، بحيث مازحته في إحدى المرات بقولي «بوشريف أنت تغريني بالالتحاق بك». ومن خلال لقاءاته العائلية وخصوصاً ما تنقله أم شريف، أو الوفود الحقوقية التي التقيتها ومنها البروفيسور شريف بسيوني (رئيس اللجنة المشهورة باسمه) ووفد المفوضية السامية لحقوق الإنسان برئاسة فرج فنيش، ووفد مراقبة حقوق الإنسان (Humam Rights Watch) برئاسة سارة لي واتسون، والعفو الدولية برئاسة سعيد بومدوحة، وهم الذين تحدثت إليهم، فقد أشادوا إلى جانب مبدئيته السياسية، بإنسانيته الحساسة وإشفاقه على سجانيه، وإصراره على الصفح عنهم وليس الانتقام منهم.
بوشريف إلى جانب القيادي السياسي المحنك، هو سيد الأرقام بامتياز، فقد استطاع من خلال كفاءته الرياضية والاقتصادية، أن يظهر حجم عملية التجنيس المدمرة وحجم وقيمة الاستيلاء على أراضي الدولة من قبل المتنفذين، ومبلغ النهب من موازنة الدولة، وأعتقد أن هذا سبب أساسي لما عاناه.
بوشريف وهو داخل السجن، ظل ذلك الإنسان الذي لم يفقد إنسانيته والمناضل الذي لم يتخل عن قناعاته، ولذلك استحق لقب الشريف بجدارة من قبل شعبه الذي احتضنه في قلبه وأحرج خصومه.
وأخيراً تعرفت على فريدة غلام (أم شريف) وهي طالبة في جامعة مكجيل في مونتريال بكندا، في إحدى الزيارات، وأعجبت بشخصيتها الناضجة والمحببة ولم أكن أعرف بارتباطها بأبوشريف، لكني الآن تيقنت أن ارتباطهما لم يكن صدفةً، فهما شقيقا الروح، لم تفرقهما الحياة سواءً بُعد المسافات أو تغييب أبوشريف خلف القضبان، كما لم يفرقهما اختلاف المذهب، فهما نموذج الأسرة البحرينية المتحابة والتي تجسد التسامح والانفتاح والوطنية والإنسانية أيضاً.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4361 - الجمعة 15 أغسطس 2014م الموافق 19 شوال 1435هـ
الشريف ابراهيم شريف
يكفيه شرفا انه اصطف مع الحق يوم لاحق برغم الام الحبس وفراق الاحبه فهنيأ له نصرة الحق علي الباطل وتبا لسجانيه و لا بد لليل ان ينجلي و سينصر الله من نصر الحق وان الباطل كان زهوقا وعد من الله لا يخلفه
الشريف
الشريف قابع فى السجون و... خارج السجون ا... المشتكى لله
اللهم فرج عنه
سيأتي اليوم الذي سنرفعه كالبطل عندما يفرج عنه ومهما طال الزمن والباطل لن يدوم !
اصبت
فعلا اسم علي مسمي شريف ابو شريف اثبت للناس انة خير خلف لخير سلف (عبدالرحمن النعيمي) الله يفرج عنة وعن باقي الاسري
راب
مع تقديري لك والي ابوشريف .لكن الا تعتقد بان حان الوقت لكما ان تتركا المجال للأجيال الجديده فافكار السبعينيات لم تعد تصلح الان خاصه اليساريه القوميه الماركسيه . فلا نصروا علي الشباب بافكاركم فيجب عليكم الاعتزال رحمه بالشباب والأجيال
سلاما عليك ايها الشريف
سلاما عليك ايها الشريف
انسان راءعا
نعم تعرفت عليه في بيروت وكان انسانا متقدا ونشيطا قالو شريف وامثاله أصبحوا رموزاللتضحيه والوفاء ولا ننسى جتابكم الكريم والمرحوم عبد الرحمن النعيمي وكل المعتقلين القياديين فلا يمكن نسيان تضحياتهم الهم فرج عنهم جميعا
لأنه شريف حقا بقي مع الشرفاء في السجون
نعم الرجل الشهم الشريف مدرسته السجون التي خرجت وتخرج آلاف المناضلين الشرفاء .
السجون السياسية هي التي تعطي اعلى شهادة واعلى اوسمة لأحرار العالم وشرفاءه
جزاه الله خيرا
الشريف الأصيل في هذا البلد يغيب خلف القضبان والمجرمين السارق يرقون ويصلون إلى أعلى المراتب فلكالله يا شعبي المظلوم وفرج اللهم كرب كل سجين في القريب العاجل