العدد 4361 - الجمعة 15 أغسطس 2014م الموافق 19 شوال 1435هـ

القطان: غياب العدل سبب لكثرة الاضطرابات والصراعات والثورات في بلاد العالم

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

اعتبر إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن «غياب العدل سببٌ لكثرة الاضطرابات والصراعات والثورات والفوضى في كثير من بلاد العالم، ونزع البركة من الأرزاق، وانتشار الجوع والخوف، مؤكداً أن خيرات الله تعالى في البر والبحر أكثر من أن تُحصَى، ورزقه سبحانه متتابع، وخيره متواتر».

وقال القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (15 أغسطس/ آب 2014)، والتي جاءت تحت عنوان «بين العدل والاستقرار» قال: «لقد ظلم الكثير من أقوياء الأرض ضعفاءها، وسحق أغنياؤها فقراءها، وتسلطوا عليهم وزاحموهم في أقواتهم، ومنعوهم من ضروريات العيش، وبسبب غياب العدل انتشرت الأثرة وحب الذات، وتولّد عنها أخلاق رديئة من الغش، والاحتكار، والرشوة، والكذب في المعاملات، والاستيلاء على الأموال العامة والخاصة بشتى الطرق والحيل، في فساد إداري ومالي ضجت منه الأرض، وضاق به البشر».

وأشار إلى أن «الدول القوية نهبت خيرات الدول الفقيرة، وحالت بينها وبين استخدام ثرواتها ومواردها لتستعبدها، فانتشر فيها الفقر والبطالة حتى مات أناس جوعاً في أصقاع من الأرض».

وأوضح أن «أعظم الظلم ما كان مزدوجاً ينال من دين الإنسان ومن دنياه، وما أكثر وقوع ذلك في كثير من الدول الإسلامية حتى ضاق الناس به ذرعاً! فكانت الثورات والاضطرابات والصراعات والفوضى».

ورأى أن «ومن ظلم الأقوياء المتكبرين، إعانة بعضهم بعضاً على سحق الضعفاء، وعدم التدخل للنصرة إلا لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية على حساب دماء الشعوب وآلامهم».

وتحدث في هذا السياق عن غزة وغيرها من «الدول المنكوبة المظلومة»، قائلاً: «نفوس تزهق، وأجساد تمزق، وأعراض تنتهك، وأطفال تعذّب، ونساء ترمّل، وبيوت ومستشفيات ومدارس ومساجد تهدم، من أقليات مجرمة ظالمة حاقدة، مكَّن لها الاستعمار المجرم لاستعباد الناس، ودعمها بقية العالم عقوداً من الزمن، فلما غلت مراجل القلوب بما مورس على أصحابها من ظلم وبغي وقهر، انطلق المظلومون لإزالة ليل الظلم؛ فخذلهم العالم أي خذلان، ولا يحرك ذلك ساكناً في الناس؛ لأن القلوب تشربت الظلم حتى فسدت به، فلا يعنيها بكاء أرملة فجعت في زوجها، ولا دموع أم ثكلت في ولدها، ولا عفيفة اعتدي على عرضها، ولا تهتمّ لتشريد المشردين، ولا جوع الجائعين، ولا حاجة المعدمين».

وأضاف «قلوب إن سلمت لها دنياها فليحترق العالم بأجمعه! ولكن كيف يسلموا وهم يرون صور الظلم الفظيع على أناس مثلهم، ولا يحرك ذلك قلوبهم، فيأكلون ويشربون وينامون هانئين، حتى الدعاء لَرُبَّما بخِلوا به!».

وأكد أنه «لا يقع ظلم لا يحرك قلوب الناس لنصرة المظلوم إلا كانوا مشاركين للظالم في ظلمه، فإن سلموا من عقوبة الدنيا كانت عقوبة الآخرة أشدّ وأنكى، فمَن يرضى بوقوع ما حرَّم الرب - سبحانه - على نفسه؟!».

واستطرد القطان في حديثه عن العدل وضرورته، مشيراً إلى أن «الله سبحانه وتعالى جعل نظام الكون قائماً على العدل، وجعل استقرار الأرض ومتاعها معلقين بالعدل؛ فحيثما وجد العدل وجد معه الاستقرار ورغد العيش، وحيثما وجد الظلم تبعه الاضطراب واختلال الموارد، ثم فساد العيش، وكل ما جاء في القرآن الكريم من بيان خلق السموات والأرض بالحق؛ فالعدل داخل فيه، فالله تعالى ما خلق الخلق إلا بالحق، ولا يريد منهم سوى إقامة الحق معه سبحانه ومع خَلقه، وحقه سبحانه الإيمان والعمل الصالح، وحق خلقه العدل والإحسان... والله - تعالى - أرسل الرسل، وأنزل القرآن، وشرع الشرائع؛ لإقامة العدل، ورفع الظلم».

واستعرض القطان عدداً من الآيات القرآنية التي تؤكد العدل، ومن بينها سورة الرحمن، والتي توضح قيمة العدل لدى الله سبحانه وتعالى.

وذكر أن أهل الأرض ليس لهم مستقر إلا بإقامة العدل، ولا أمن ولا رفاهية إلا تحت ظلال العدل. إن العدل أعلى قيمةٍ ربانية دعا الله - تعالى - البشر إليها، وما التوحيد إلا جزء من العدل؛ ولذا كان الشرك أعظم الظلم، يدل على قيمته أن الله - تعالى - قام به وحرم على نفسه ضده، وأمر بالعدل عباده.

وأفاد بأن الله سبحانه وتعالى أمر الإنسان بالعدل ولو كان على حساب نفسه ووالديه وقرابته، وحذَّرَ مِن ترك العدل بسبب كراهية الخصم.

ولفت إلى أن «كل الضرورات الخمس التي يجب حفظها، وهي: الدين والعقل والنفس والنسل والمال، لا يمكن حفظها إلا بإقامة العدل ورفع الظلم؛ ولذا كانت حدود الله - تعالى - غاية في ترسيخ العدل، ولو كان فيها إتلاف نفوس، وقطع أعضاء؛ لأنها تحفظ هذه الضرورات الخمس فيكون الاستقرار والأمن فالرخاء».

وأردف قائلاً: «من تأمل أحاديث خروج المهدي آخر الزمان، ونزول المسيح - عليهما السلام - في الأحاديث الصحيحة لدينا، تجلت له العلاقة الوطيدة بين العدل والاستقرار ورغد العيش، فمن أعمال المهدي الذي يقول عنه الرسول (ص) (‏يَمْلَاُ الْأَرْضَ ‏ قِسْطًاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، - فماذا تكون النتيجة؟ - وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتها، وتُمْطِرُ السَّمَاءُ قطْرَهَا) وفي رواية: (يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ، يَسْقِيهِ اللهُ الْغَيْثَ ، وَتُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا ، وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحاً، وَتَكْثُرُ الْمَاشِيَةُ، وَتَعْظُمُ الأُمَّة)، وفي أحاديث المسيح بن مريم (ع)، يقول (ص): (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَماً عَدْلًاً)، إلى أن قال: (وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ).

وذكر أن من نتائج هذا العدل في زمنه - عليه السلام: (يُقَالُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ (الجماعة) من الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ (أي الحليب)، حتى أَنَّ اللِّقْحَةَ من الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ من الناس، وَاللِّقْحَةَ من الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ من الناس، وَاللِّقْحَةَ من الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ من الناس) وفي حديث آخر عن زمنه -عليه السلام-: (وَيُلْقِي الله الأَمَنَةَ حَتَّى يَرْعَى الأَسَدُ مَعَ الإِبِلِ، وَالنَّمِرُ مَعَ الْبَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ، وَيَلْعَبُ الصِّبْيَانُ مَعَ الْحَيَّاتِ لا يَضُرُّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً) هذه يا عباد الله هي بركة العدل إذا أقيم في الأرض، بركات تنزل من السماء، وبركات تتدفق من الأرض، وأمن ليس أيّ أمن! واستقرار أي استقرار!

العدد 4361 - الجمعة 15 أغسطس 2014م الموافق 19 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 1:31 ص

      العدل

      العدل اساس الحكم ...كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته .... بارك الله فيك

    • زائر 12 | 8:07 ص

      بارك الله فيك يا شيخ ..

      نعم ، العدالة مفقودة في هذا الزمن ، و بسب كثرة الظلم و الفساد و الإستبداد ، ينتشر الخوف و تقل الأرزاق و يذهب الإستقرار .. و بسبب هذه الأنظمة الظالمة التي ترفض الإصلاح و العدالة و الإنتقال إلى حكومة تمثل الإرادة الشعبية ..
      نسأل الله الهداية لنا و لكم .. و السير على الصراط المستقيم ، و صراط العدل

    • زائر 9 | 5:53 ص

      لو في عدالة ما صارت البلد هالون !!!

      سجون بتنفجر من كثرة المعتقلين ، وظائف ماكو ، هجرة الى قطر ، المجنسين من كل حذب وصوب ، سكن ماكو ، امان ماكو (فوضى بسبب غياب العدالة )

    • زائر 6 | 1:20 ص

      العدل أساس الحكم

      العدل اس الحاكمين وأمنهم والأمن دون العدل لا يتحقق
      شعر الدكتور : مانع سعيد العتيبة

    • زائر 5 | 12:58 ص

      جزاك الله خير ياشيخ

      الله يبارك فيك وجزاك الله خير الجزاء

    • زائر 4 | 11:44 م

      غياب العدل سببٌ ...

      اعتصم العشرات من أهالي قرية الزلاق أمس الجمعة (15 أغسطس/ آب 2014)للمطالبة باستملاك أرض تطل على ساحلهم، وتفصل بين منازلهم وإحدى المنشآت السياحية ..
      نظم عدد من أهالي منطقة البديع الأحد (10 أغسطس/ آب 2014) اعتصاماً طالبوا فيه وزارة الإسكان باستكمال بناء عدد 12 وحدة سكنية لاستكمال المرحلة الثالثة من مشروع البديع الإسكاني، وسحب عدد وحدات سلمت إلى غير مستحقيها ..

    • زائر 3 | 10:58 م

      فلينظروليسمع الى ما قاله فضيلة الشيخ القطان

      فليسمع كل من هو مخالف ويتهم الشيعه ويقول اين مهديكم ويستهأزء فليستمع الى ما قاله فضيلة الشيخ بأن الروايات عن المهدي وعن خروج المهدي روايات صحيحة السند وأن المهدي ليس للشيعة فقط بل لكل العالم ونتمنى للجميع الهداية والسداد

    • زائر 8 زائر 3 | 4:55 ص

      سني

      نعم المهدي عند الشيعة والسنة ومن قال غير ذلك هوجاهل وأحمق

    • زائر 10 زائر 3 | 7:05 ص

      نعم

      هاذي شي معروف عند السنه والشيعه في كتبهم
      بس الي يزرعون الفتن ما يحبون يجوفونج السنه والشيعه متفقين وفي وايد اثباتات في البحرين هل ناس وجهات نزرع الفتن وللاسف للحين يمر زرع الفتن بدون حساب

    • زائر 2 | 9:52 م

      وهل ينطبق على البحرين يا شيخ

      وهل ينطبق على البحرين يا شيخ والا بس حواليني ولا عندي؟!

    • زائر 7 زائر 2 | 3:02 ص

      زائر 2

      لا ماينطبق على البحرين لآنة القانون مايتطبق عليهم!!!

    • زائر 11 زائر 2 | 7:08 ص

      أكيد

      شنو تسمي يقطون مسيل الدموع والناس نايمة ؟
      شنو تسمي ضرب نساء واطفال وفي فيديوات !!
      شنو تسمي توظيف ناس وتهميش ناس؟ شنو تسمي لما امام مسجد يسب طائفة ويزرع الفتن بكلامه كل خطبة جمعه ويمر بدون حساب؟ مع العلم ان السنه والشيعه ما يرضون بهالشي!!!
      مو هاي يعتبر غياب العدل في البحرين ؟؟

    • زائر 1 | 9:41 م

      5

      غياب العدل سببه الانظمة الفاسدة ياشيخ والاضطرابات نتيجة يتحمل ضريبتها الناس

اقرأ ايضاً