بعض مشاكلنا سببها الرئيس هو عدم استماعنا للآخرين كما ينبغي، وعدم رؤية ما دون ظلنا وذلك حين نسمع فيما يقوله الآخرون ما نريد سماعه لا ما يريدون هم قوله.
الاستماع إلى الآخرين بالشكل الصحيح ليس سهلاً خصوصاً حين يتعلق الأمر باختلاف وجهات النظر أو بحل سوء تفاهم أو مناقشة مشكلة؛ إذ علينا أن نتجرد تماماً مما في عقولنا ومن أوهامنا ومن عقدة الأنا الراسخة في عقولنا الباطنة، ونكون على حياد يسمح لنا برؤية ما دون ظلنا. مثل هذا التجرد يتيح لنا الإنصات والتفكر فيما يقوله لنا غيرنا ويبعدنا عن فهم الأمور من منظورنا الشخصي الذي قد لا يكون مطابقاً لما يريد الآخر قوله لنا، ولا يكون مطابقاً للحقيقة.
ثمة عقول تتفنن في إحالة كل ما يقال إلى سهام تتوجه ضدها أو ضد ما تفكر به وتعتنقه، ثمة عقول بارعة في اقتناص الكلمة التي تتماشى مع تفكيرها من غير الالتفات إلى بقية السياق، حتى صارت خير محترف في بتر الجمل وتبديل محتواها كما تحب. هذه العقول كفيلة بأن تخلق وتختلق زوابع من عدم، ومشكلات كان من الممكن أن تكون فسحة للمحبة والتسامح، وهي عقول نجدها في كل مكان وفي كل موقف وعقدة على المستوى الشخصي والوطني والعربي والعالمي.
ولا يخفى على عاقل الخطر الحقيقي الذي يشكله أصحاب هذه العقول حين يتواجدون في الأماكن القيادية في مكانٍ ما، وحين يكونون أصحاب أقلام صحافية، وحنجرات دعوية، ومواقع إعلامية، وهو ما يحدث مع كل مشكلة وطنية أو سياسية أو اجتماعية أو دينية، فتجدهم يشحذون عقولهم، ويبرعون في اختيار العوازل التي تعزلها عن غيرها من العقول في التلقي، فترسم وتخطط وتحوّل المواقف كما تبغي، لتكون شاهدة على ما يؤمنون به حتى وإن كانت في خارج سياقها، كما حدث ومازال يحدث في المواقف السياسية والدينية والطائفية على مستوى الوطن العربي والعالمي.
ما يحدث في غزة اليوم وكيف يتلقاه أصحاب العقول المغلقة، وما يحدث في الأوطان العربية وكيف يتلقاه الإعلاميون من مناصري الأنظمة من جانب ومن معارضيها من جانب آخر، وما يحدث في وطننا البحرين وكيف حوّره كثيرون كما يحبون وكما يشاءون لتعزيز مواقفهم، وما يحدث في كل حوار وطني لا يسمع فيه أكثر الجالسين على الطاولات سوى صدى أصواتهم وما تمليه عليهم عقولهم التي أبت إلا أن تكون منغلقة، كل هذا ما هو إلا نتيجة لهذا الصمم عما دون ما نريد سماعه، وتحويل كل كلمة إلى موقف نتبناه قبل الحوار وقبل الاستماع إلى غيرنا. وكل هذه النماذج انعكست بشكل رئيس على إعلامنا وتحوّلت كنتيجة إلى جماهيره التي أخذت منه ما تريد أيضاً وحورته إلى ما تحب.
لو أن هؤلاء يحاولون أن يكونوا منفتحين مستمعين إلى غيرهم قادرين على امتصاص مواقفهم ومحاورتهم، لما وجدنا اليوم مندسين بيننا باسم الدين أو السياسة أو الفكر، يحاولون سلب الآخر حقّه في العيش، وحقه في الحياة، وحقه في التفكير أو الإيمان بما يرغب.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4360 - الخميس 14 أغسطس 2014م الموافق 18 شوال 1435هـ
القرآن الكريم
يفصح ك كلام الله ان اكثر الناس لا يفقهونولا يعقلون وفي سرد آخر ان قزم ياجوج وماجوج لا يفقهون قولا
رائع استاذة
مقال رائع استاذة تسلم يدج وضعتي اصبعك على الجرح ،، بس كانه اول التعليقات الاخ ضايع ولا يدري وش السالفة ،، مادري وش دخل الوفاق والخارج في المقال ههههههههههههههههههههههههههههههه
موافق
كل يوم أواجه هذه المشكلة مرات و مرات. خاصة مع زوجتي.
البحرين
باريت ان تسمع الوفاق لشركاءهم في الوطن من السنه بدل جريها للخارج والاستغواء بالغرب.لايمكن ان ننسي يربطان ارحلو التي انتشرت في فبراير 2011 في الكثير من مناطق السنه ياوفاق
الاخ مضيع
شفيك حبيبي شكلك مضيع !!!