أولاً: قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» (محمد، الآية 7)، وهذا وعد من الله لمن نصره أن يحقق له النصر وأن يعطيه القوة اللازمة لذلك. ونحن نعتقد أن المقاومة في غزة قد فعلت ما تستطيعه ولهذا فإن نصر الله لها قادم.
ثانياً: المقاومة في غزة لم تُهاجَم من الصهاينة وحدهم، ولكنها هوجمت أيضاً من عدد كبير من أنصار الصهاينة في بعض الدول العربية، حيث استغل هؤلاء وسائل الاعلام لتشويه صورة المقاومة واختلاق الأكاذيب عليها، بل إن بعض هؤلاء طالب الصهاينة بقتل الغزاويين وكانوا يعبرون عن سعادتهم بقتلهم. وفي المقابل عبر الصهاينة عن سعادتهم بانضمام طائفةٍ من المتصهينين العرب إليهم. ومن اللافت للنظر أن بعض المتصهينين كانوا من ذوي اللحى والثياب القصيرة، ولكن الله سبحانه سلبهم العقل والعلم والدين!
ولهذا الصنف من المتصهينين الذين كانوا ومازالوا يبشرون بسقوط المقاومة ويعبرون عن سعادتهم بقتل الشهداء وهدم المنازل على الأبرياء، أقول: إقرأوا ما قال ربكم إن كنتم تؤمنون بقوله فلعلكم تعودون إلى رشدكم: «لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء» (آل عمران، 28)؛ وقال أيضاً: «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين» (المائدة، 51). وإذا كان المتصهينون يتطلعون إلى مكاسب دنيوية من مواقفهم المتخاذلة فعليهم قراءة قوله تعالى: «بشّر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً. الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً». (النساء، 139).
ولعلي أُذكر بعض المتصهينين بقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: «إن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض»، فهل يعتقد هؤلاء أن الغزاويين -أو حتى حماس- كفرة، وأن الصهاينة هم المسلمون؟
ثالثاً: إذن حماس تعرضت للهجوم من الصهاينة ومن المتصهينين كما تعرضت للحصار الشديد ولازالت، ومع هذا فإن كل الدلائل تؤكد أنها مازالت منتصرة، وبغض النظر عن كيفية فهم البعض للانتصار فإن غالبية المحللين السياسيين بمن فيهم بعض الاسرائيليين أكدوا أن غزة هي التي انتصرت. وهناك مقالات كثيرة ومقابلات تلفازية أكثر أكد فيها أصحابها أن غزة هي التي انتصرت رغم كثرة القتلى والجرحى وتهديم جزء كبير من البنية التحتية في غزة. ومن بعض ما قاله أولئك ما كتبه داني روبنشتاين في صحيفة «كالكاليست» الاسرائيلية: «إن الحرب على غزة عززت شعبية حركة المقاومة الاسلامية حماس». أما آري شبيط فقال: «إن العملية الاسرائيلية الأخيرة في غزة زعزعت مكانة إسرائيل في العالم وحتى في الدول الصديقة والحليفة لها في أوروبا وأميركا... وإن المشاهد الفظيعة للأولاد الموتى وللمدارس المدمرة والمساجد المفجرة أمام العالم كلها تمنح حماس أكبر إنجازاتها وهو سلب إسرائيل شرعيتها بصورة زاحفة، وإنه من المؤسف أن حماس خططت للمعركة واستعدت لها أفضل من إسرائيل».
وفي هذا الاتجاه كتب البريطاني سيوماس ميلن في «الجارديان البريطانية» مقالاً تحت عنوان: «الرعب في غزة جريمة صنعت في واشنطن كما في القدس»، قال فيه: «إن الرأي العام العالمي تحول بشكل حاسم لصالح تحقيق العدالة للفلسطينيين، والمطلوب هو أن نحوّل ذلك إلى ضغط بلا هوادة لوضع حد للاحتلال ونعمل على فرض حظر للأسلحة وفرض عقوبات صارمة، فالرعب في غزة جريمة صنعت في واشنطن ولندن وكذلك في القدس».
اعتراف بعض الكتاب الاسرائيليين بانتصار المقاومة - مثل آخرين من جنسيات أخرى - ليس هو النوع الوحيد من الانتصارات التي حققتها المقاومة، فهناك أنواع أخرى من الانتصارات هو الأول من نوعه في تاريخ المقاومة الفلسطينية؛ فقد نجحت المقاومة في جعل عدد من الدول تقطع علاقتها مع «إسرائيل»، كما جعلت دولاً أخرى توقف بيع الاسلحة لها، هذا فضلاً عن التأييد الشعبي الكبير الذي حظيت به المقاومة في عدد كبير من دول الغرب والشرق وغيرها مما لم نكن نجده قبل ذلك. ومعلوم أنه للمرة الأولى الذي تستقيل فيه وزيرة بريطانية احتجاجاً على موقف حكومتها من الحرب على غزة، وهذا يعد انتصاراً كبيراً للمقاومة في غزة.
رابعاً: وفي مقارنة سريعة بين ما حققته المقاومة في غزة وحدها ورغم كل المعوقات التي اتخذت ضدها في هذه الحرب وبين حروب سابقة بين الصهاينة وبين الدول العربية، نجد أن هناك فارقاً بين ما حققته المقاومة في هذه الحرب وبين ما حققه معظم العرب مجتمعين؛ ففي حرب 1967 التي عرفت بحرب الأيام الستة أو «نكسة حزيران»، استطاع الصهاينة الانتصار على مصر وسورية والأردن خلال الساعات الأولى من الحرب، كما تمكنوا من احتلال مرتفعات الجولان وكذلك الضفة الغربية وبقية القدس. أما في مصر فقد احتلوا سيناء ووصلوا إلى قناة السويس وهجّروا معظم سكان مدن القناة! أما القتلى فتجاوزوا ثلاثين ألفاً، والجرحى أكثر منهم بالإضافة إلى عدد كبير من الأسرى المصريين تم قتل معظمهم! أما الصهاينة فلم يقتل منهم إلا حوالي 850 وتم أسر خمسة عشر فقط!
وقد تحسنت حال العرب قليلاً في حربهم مع الصهاينة العام 1973، وذلك بفضل موقف الملك فيصل رحمه الله، الذى سخّر إمكانات السعودية لهذه الحرب، وكذلك وقفت الجزائر موقفاً جيداً في تلك الحرب، وهذا كله جعل خسائر المصريين والسوريين أقل بكثير من خسائرهم في حرب 1967، ولكن المصريين لم يستثمروا نتيجة هذه الحرب جيداً، بل إن السادات اعترف بـ «إسرائيل» ثم تبعه آخرون بعد ذلك، وهذا جعل نتائج تلك الحرب تصب في مصلحة الصهاينة.
أما الحرب التي تشنها المقاومة هذه الأيام فنتائجها مختلفة تماماً، رغم الفارق الهائل بين إمكاناتها وإمكانات العرب آنذاك! وأيضاً بين إمكاناتهم وإمكانات الصهاينة، ونتائج الحرب تدل على ذلك بكل وضوح لمن أراد أن يجري مقارنة عادلة. وفوق ذلك كله فإن الصهاينة عجزوا تماماً عن تحقيق الأهداف التي أعلنوها في بداية الحرب، وهذا يعد هزيمة قوية للجيش الصهيوني الذي لم يعتد على هذا النوع من المقاومة.
لقد انتصرت المقاومة لأنها أوقعت الرعب في قلوب الصهاينة وفي جيشهم أيضاً. لقد جعلتهم يسحبون قواتهم من غزة بدون مقابل، كما أنهم عجزوا عن تدمير الأنفاق التي تبجحوا بقدرتهم على تدميرها! أما النصر الأكبر فهو قدرة المقاومة وإصرارها على مواصلة القتال حتى تتحقق شروطها، وهذا ما لم يكن موجوداً قبل هذه الحرب، ولولا ظلم بعض ذوي القربى والجيران لحققت المقاومة نصراً كبيراً ولكنها قادرة بحول الله على تجاوز هذه العقبة وتحقيق نصر كبير على الصهاينة.
خامساً: أثبت التاريخ البشري كما أثبت الواقع، أن المحتل لا يمكن أن يرحل إلا إذا وجد مقاومة عنيفة من أهل البلاد، والمقاومة لابد لها من تضحيات بشرية ومالية. أميركا لم تتحرر إلا بالمقاومة، ولست أدري لماذا ينكرون على الغزاويين مقاومة المحتل. والدول العربية المحتلة قاومت كي تتحرر، وهكذا فعلت كل الدول التي عانت من الاستعمار، وبالمقاومة وحدها تحرّر جنوب لبنان العام 2006، ولن تتحرر فلسطين إلا بالمقاومة وحدها. ولست أدري لماذا يُنكر بعض المتصهينين العرب مقاومة الغزاويين للمحتل الصهيوني وقد قتل منهم الآلاف واحتل بلادهم وجعلهم في سجن كبير؟
سادساً: موقف الدول العربية ليس في مستوى الحدث، وقد أكد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أنه خاطب زعماء العرب لعقد اجتماع من أجل إيقاف الحرب في غزة لكنهم رفضوا جميعاً! ويبدو أن هذه المواقف هي التي شجعت الصهاينة على الاستمرار في الحرب والايغال في قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ! الصهاينة لن يرضوا عن العرب مهما قدموا لهم من تنازلات، والمقاومة لن تنكسر ولن تنهزم لأنها هي وحدها طريق الانتصار. ولعل العرب يدركون ذلك ويغيرون طريقة تعاملهم مع المقاومة في غزة فيقدّمون لها كل المساعدات التي تحتاجها، وهذا سيصب في صالحهم في نهاية المطاف.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 4357 - الإثنين 11 أغسطس 2014م الموافق 15 شوال 1435هـ
تأكد أولا وافهم ثانيا
الكاتب تحدث عن مقاومة حزب الله في هذا المقال وقرأت له اكثر من مقال عن تلك المقاومة في حينها وفي هذه الجريدة فتثبتوا قبل الكتابة أما بن عبد الوهاب فالهدف القول ان من يقف مع الكافر ضد المسلم فهو كافر وهذا الوضع كان موجودا في حرب غزة وغيرها
اي
اي محمد بن عبد الوهاب هذا اللي زجيت اسمه في موضوع لايخصه. كان عليك تقديم التهاني للمقاومه الفلسطينيه وحزب الله وايران وبلا بن عبدالوهاب و بلاغيره
6
اقوولها بصراحة لا اثق في كتباتك .. لانك ممن يؤيد داعش الارهارب .. وصفتهم بالثوار .. عندما احتلوو الموصل .. كفى تضليل القارئ
كلمة حق
كان بأمكانك أن تقول كلمة حق بأن تشكر الدولتان الوحيدتان التان وقفتا وتقف مع المقاومة في لبنان وفلسطين وبكل امكانياتها ضد المستعمر الصهيوني ، شكرا لايران وسوريا , ولكنك طائفي وستظل طائفي
شكرا لك
شكرا لك على هذه الجرأة في الطرح لكن ياسيدي لا اذكر انني قد قرأت لك عن انتصار المقاومة في جنوب لبنان عام 2006 فهي اي المقاومة لا تقل شجاعة عن اختها في غزة.
يوم الجمعة الماضي كنت في المدينة المنورة وفي خطبة الجمعة دعى امام المسجد النبوي لغزة واهل غزة الامر الذي لم نسمعه منه في 2006؟؟
شكرا جزيلا
ما علاقة الشرك بمضوع المقاومة؟
ما غرسوه فيكم ... جعلكم لا تعرفون اين تتكلمون واين تسكتون وفي أي موضوع تتحدثون. ما تكلمت عنه من تعريف للشرك هناك الكثير الكثير من الامة الاسلامية من سنتها وشيعتها يختلفون مع محمد بن عبد الوهاب. فهناك شرك في التوحيد وشرك في العبادات والطاعة كما قال تعالى (فلا يؤمن اكثرهم والا هم مشركون) فكيف يقول القرآن عنهم يؤمنوا ثم يقول الا وهم مشركون؟ القصد هنا الشرك في العبادة الطاعة ، والموضوع شائك وطويل فلا تزج بمواضيع ليس هنا مكانها
لقد ضاعت بوصلة هؤلاء إلى تأييد داعش عفواً ثورة زلم العشائر..
ولعل العرب يدركون ذلك ويغيرون طريقة تعاملهم مع المقاومة في غزة فيقدّمون لها كل المساعدات التي تحتاجها، وهذا سيصب في صالحهم في نهاية المطاف.
تعريف الشرك والمشركين هو لب المشكلة...
محمد بن عبدالوهاب: «إن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض» ...
احسنت
نعم موبس ذوي اللحة والثياب القصيرة متصهينين حتى بعض الحكام العرب متصهينين وشكرا لسوريا وإيران وحزب الله على هالصواريخ التي سلمتها للمقاومة الفلسطينية التي أمطرت بها إسرائيل وأدخلت الرعب في قلوب الصهاينة والمتصهينين