أتاحت العلاقة العميقة بين الرسام وفنان الكاريكاتير السير كوينتين بليك مع الروائي وكاتب القصص القصيرة والسيناريست البريطاني روالد دال، تعاوناً ملفتاً ومثمراً في طبيعة الأعمال التي كانت تصدر للجمهور، وخصوصاً للأطفال؛ إذا يعمد الأول إلى التصدّي لوضع الرسوم التوضيحية المرافقة لقصص دال؛ ما خلق إنتاجاً متلازماً ومنصهراً بتجربتين تنطلقان من أفق إبداعي واحد؛ إذ يعد بليك كاتب قصص أطفال مرموقاً ومعروفاً، إضافة إلى موهبته في الرسومات المرافقة لأعمال دال.
وفي خبر نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية يوم الأحد الماضي (3 أغسطس/آب 2014)، بمناسبة إعلان صدور كتاب السير كوينتين بليك الجديد في سبتمبر/أيلول المقبل "خمسة منا"، تحدث بليك عن ملامح الكتاب، الذي يتناول إمكانات أشخاص يعانون من بعض الإعاقات، وطبيعة تعاطيهم وتعاملهم مع العالم من حولهم، وما يتطلع إليه من حذو الكتّاب حذوه في هذا المجال، وخصوصاً إذا ما عرفنا أن جزءاً من وقت بليك يصب في صالح الأعمال الخيرية المعنية بمثل تلك الحالات.
"خمسة منا"، الكتاب الذي وضعه كوينتين - الذي استمد شهرته بعمله مع روالد دال - للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و 7 سنوات، سيتم نشره في سبتمبر المقبل.
يحكي الكتاب قصة خمسة أصدقاء "كل واحد منهم لديه قدرة غير عادية"، والذين قاموا باكتشاف كارثة ستحصل قبل يوم من وقوعها في إحدى المناطق.
أحدهم يستخدم كرسياً مدولباً (متحركاً)، وآخر لديه تلعثم في الكلام، في حين يعاني الثالث من ضعف البصر؛ على رغم أن الكتاب لا يشير إلى إعاقتهم؛ فثمة ما يمكن تلمّسه في عملية تتبّع السرد. برزت الفكرة لدى كوينتين بعد العمل على رسومات تصب في مجال العمل الخيري المرتبط بالإعاقة.
وقال كوينتين: "لقد وضعت بعض الأطفال المعوقين في كتبي على الهامش". وأضاف لصحيفة "الإندبندنت" "قبل عامين أو ثلاثة أعوام، فكرت: لماذا لا يمكنهم أن يكونوا الشخصيات الرئيسية؟"
مختتماً بالقول: "إنها منطقة حساسة؛ أنت لا تريد محاصصة هنا؛ ولكنك تريد أن تكون هذه الشخصيات مُمَثَلة لأن هذا ما تبدو عليه الحياة".
يُذكر، أن كوينتين ساكسبي بليك، رسام كاريكاتير إنجليزي وكاتب للأطفال، من مواليد 16 ديسمبر/كانون الأول 1932 في سيدكب، كينت، وتم نقله إلى الغرب أثناء الحرب العالمية الثانية. ربما استمدّ كوينتين شهرته من رسوماته التوضيحية للكتب التي وضعها روالد دال.
ولمساهمته الدائمة كرسام للأطفال، فاز بجائزة هانز كريستيان أندرسون الدولية وذلك في العام 2002، وهي أعلى جائزة معترف بها وتمنح لمبدعي كتب الأطفال.
التحق كوينتين بـ Chislehurst and Sidcup Grammar School؛ حيث كان مدرساً للغة الانجليزية. دفعه طموحه إلى الانخراط في الأدب. وكان أول رسم نشر له في المجلة الساخرة "Punch"، وكان في السادسة عشرة من عمرة. قرأ الأدب الإنجليزي في كلية داونينج، بكامبردج في الفترة ما بين 1953و1956. حصل على دبلوم الدراسات العليا في التدريس من جامعة لندن، ودرس في وقت لاحق في كلية تشيلسي للفن. نفى أن تكون دراسته في جامعة كامبريدج قد ساهمت في تفتّق وصقل موهبته الفنية أو الإبداعية. نال شهادة دبلوم تدريس أخرى من معهد التعليم، قبل أن ينضم إلى العمل في الكلية الملكية للفنون لأكثر من عشرين عاما؛ وكان رئيس قسم الرسوم التوضيحية في الفترة ما بين 1978و1986.
في الجهة الأخرى من علاقة بليك، تقتضي الإشارة إلى أن روالد دال روائي وكاتب قصص قصيرة وكاتب سيناريو بريطاني، من مواليد 13 سبتمبر/أيلول 1916 في ويلز لأبوين نرويجيين، وتوفي في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1990.
خدم في القوة الجوية الملكية أثناء الحرب العالمية الثانية، وأصبح بعد ذلك طياراً بطلاً. في الأربعينات بدأ كتابة الروايات، ولاحقاً أصبحت رواياته من أكثر الروايات مبيعاً في العالم. تشتمل أعماله الناجحة الأخرى على القصص القصيرة التي غالباً ما تختتم بنهايات غير متوقعة، بالإضافة إلى قصص الأطفال الساخرة. من أشهر أعماله: "آل تويت"، و "تشارلي ومصنع الشوكولاتة"، و "جيمز والخوخ الكبير"، و "ماتيلدا"، و "العرافات"، و "المارد الودود الكبير". تحتوي قصص الأطفال التي كتبها روالد دال على صور من أعمال كوينتين بليك. استخدمت رواياته وقصصه في العديد من الأفلام السينمائية. يوجد متحف في باكينغهام شير يسمى "متحف ومركز قصص روالد دال" يحتوي على الكثير من أعماله وصوره.