في التقاط مركّز لما حواه كتاب سعد عبدالعزيز السيف، «حادثة سنة الطبْعة»، والتي عرفتها منطقة الخليج في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 1925، نورد ما يأتي: «مات وفقد عدد كبير من رجال البحر على مختلف الأعمار والمستويات، وقدّرت السفن والمراكب التي غرقت بـ 80 في المئة، مما وجد في عرض البحر وقت الحادثة». ولم تقتصر الكارثة على البحرين كما ظل سائداً لزمن طويل، بل امتدت لتشمل كل منطقة الخليج العربي من الحواضر حتى بعض العائلات في بادية نجد. ويقدّر الله أن يكون من بين الناجين رجل أعمى استطاع مصارعة الأمواج والسباحة حتى بلوغه بر الأمان.
منذ طوفان نوح الذي لم يحسم المؤرخون تاريخ حدوثه، مروراً بانهيار سد مأرب الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وما نتج عنهما من غرق طال البشر والحجر، والإنسانية على موعد مع الكوارث تلك. بعض الكوارث من صنعنا، وبعض آخر من صنع قوى لا قدرة لنا على الوقوف في وجهها.
هنا، في مملكة البحرين تحديداً، عرفت كوارث متنوعة، والذاكرة مازالت طرية في استدعاء يوم (23 أغسطس/ آب 2000)، حين سقطت طائرة تابعة إلى شركة طيران الخليج في مياه الخليج العربي ضمن الحدود البحرينية، وتحديداً في مياه جزيرة المحرق. الطائرة التي كانت من طراز «ايرباص أيه 320»، كانت تحمل الرحلة رقم (072)، وأقلعت من مطار القاهرة الدولي إلى مطار البحرين الدولي وعلى متنها 143 شخصاً، وسارت الرحلة بشكل طبيعي حتى دخولها المجال الجوي البحريني، وأثناء محاولة الطيار الهبوط على مدرج مطار البحرين سقطت الطائرة وتحطمت في مياه الخليج العربي.
بعد ست سنوات من تلك الكارثة، كانت البحرين على موعد مع غرق السفينة «الدانة»، وتحديداً في (30 مارس/ آذار 2006). في مارس 2014، مرت الذكرى الثامنة لتلك الكارثة.
السفينة المنكوبة كانت تحمل على متنها 135 شخصاً من أصول أجنبية لقي 58 منهم حتفهم إثر غرقهم في مياه البحر. السفينة كانت تسع 100 راكب فقط في الوقت الذي تم الضغط على ربّان السفينة لتحميل أكثر من ذلك العدد؛ إذ تمّت إضافة 35 راكباً في الوقت الذي امتنع 15 آخرون عن الركوب، لعلمهم بأن السفينة لا تتحمَّل ذلك العدد من قبل الربّان الذي عارض تجاوز الركّاب الحد المسموح.
في أيامنا هذه، تكون الذكرى التاسعة والثمانون قد مرّت على طبعة العام 1925، التي كانت من أكثر «الطبعات» التي تركت آثاراً غائرة في قلوب ونفوس كثيرين، ومازالت حاضرة بفضل التأريخ والرصد لها، وما حفلت به من شهادات الناجين وقتها.
كانت كارثة تجاوزت تحديد «الجماعية» لها، بقدر ما كانت كارثة مُنيت بها الأمة هنا وما جاورها أيضاً من دول، وخصوصاً الشقيقة المملكة العربية السعودية. الكارثة حدثت فترة حكم الشيخ عيسى بن علي الذي حكم في الفترة ما بين 1869 و(24 ديسمبر/ كانون الثاني 1932)، وصادف العام نفسه الذي حدثت فيه الطبعة (1925)، منح امتياز التنقيب عن النفط في البلاد.
ضمن هذا السياق، يأتي إصدار الكاتب السعودي سعد عبدالعزيز السيف، «حادثة سنة الطبْعة»، الصادر في العام 2005، وطبعتْه «مطابع المدخول» السعودية، ليحقق تركيزاً وإضافة إلى تأريخ جانب من تلك الكوارث في تلك الفترة المتقدمة من تاريخ البلاد.
الكتاب قدّم له صاحب الأعمال، والدبلوماسي السابق والشاعر البحريني تقي البحارنة.
يستهل الكتاب بإيراد حوادث عرفتها بعض دول الخليج العربي في فترات مبكّرة من تاريخها، وتعود أولاها وأشهرها ممن تم الوقوف عليها إلى العام 1871، حين تعرضت سفن كويتية كانت مسافرة إلى شرق إفريقيا والهند إلى كارثة تسبّبت في غرق كثير منها، ويرجع السبب في الكارثة إلى حدوث إعصار وطوفان عظيم ما بين الهند ومسقط، وعرفت بـ «سنة الطبعة»، و»حصدت هذه العاصفة الكثير من الأرواح وتأثرت بها الكثير من العائلات وهي مأساة عمّت الكويت قديماً وحصلت بعدها حوادث غرق أخرى».
إضافة إلى تلك الحادثة في وقت متقدم من تاريخ الكويت، تشير إصدارات إلى «طبعة» النوخذة بلال الصقر في شهر مايو/ أيار 1942، و «طبعة» بُوم النوخذة عبدالله بهمن في العام 1947، وراح ضحيتها تسعة أشخاص من العائلة المذكورة، وأيضاً «طبعة» بُوم النوخذة عبدالكريم الغيث؛ إذ غرق هو وبحَّارته ولم ينجُ منهم أحد، وكان ذلك قبالة ساحل الهند الغربي في نهاية العام 1944.
تلك حوادث وكوارث سبقت «طبعة» العام 1925، والتي راح ضحيتها مئات من الأشخاص، وتذكر بعض المصادر بأن الضحايا بلغوا آلافاً.
يرتبط عام الطبعة بحسب الكتاب بـ «السنة التي ثار البحر فيها على البحَّارة الخليجيين فحطَّم مراكبهم وجرف شباكهم وقدَّم أجسادهم النحيلة طعاماً لأسماكه»، مستطرداً السيف «هلك في تلك المأساة أضعاف من نجوا؛ بل إن الذين يتذكّرون تلك السنة لا يستطيعون أن يعدّوا عشرة ناجين في قبالة المئات والآلاف من الذين هلكوا في تلك الواقعة».
الحادثة وقعت في الساعة الثانية بالتوقيت العربي؛ أي بعد غروب الشمس بساعتين، ويطابق ذلك التوقيت، الساعة السابعة وستاً وعشرين دقيقة، من مساء يوم الخميس، الموافق 13 ربيع الأول (الأول من أكتوبر 1925). ويشير المؤلف إلى أن توقيت الفاجعة كان صيفاً «وكانت قبل نهاية موسم الغوص بيومين اثنين فقط».
كل ذلك الدمار الذي خلّفته العاصفة في البحر، وحصدت وراءها مئات، وفي روايات أخرى، آلاف الموتى، استمرت فقط نصف الساعة، «لكنها خلَّفت وراءها الدمار الكبير بما أهلكته من الحرث والنسل وخرَّبت كثيراً من الممتلكات والمزارع».
ظلت «الطبعة» لزمن بالنسبة إلى كثيرين، باعتبارها كارثة طالت البحرينيين فقط، بينما هي في حقيقتها أصابت دول المنطقة جميعها بجروح ظلت غائرة لفترة من الزمن، ولمّا ينْسَها كثيرون ممن قدّر لهم أن يعيشوا لعقود، سرْداً لما سمعوه على لسان الناجين، أو مما تم تناقله بعد ذلك، زيادة أو نقصاناً.
وفي ذلك يشير المؤلف السَيف إلى حقيقة أن كل دول الخليج طالها قسط من ألم ووجع تلك الكارثة «أوْدت بحياة عدد كبير من بينهم عدد من أبناء دول الخليج العربي فصارت الكارثة عامة (...) حيث إن أكثر المحامل (السفن) طبعت وغرق عدد كبير من الناس الذين كانوا على ظهورها». ولم تقتصر الخسائر على فقدان وموت الناس في البحر، جرّاء تلك الكارثة، بل امتد أثرها ليشمل اليابسة أيضاً؛ بحسب ما أورد السيف في كتابه «إضافة إلى سقوط الآلاف من النخيل، واقتلاع ما لا يقل عن مثلها من الأشجار، كما هدمت المنازل المتصدّعة، وطارت الأكواخ في مشهد هائل مثير ومحزن».
مثل ذلك الوصف لاقتلاع الأشجار وتهدَّم البيوت، لا يمكن أن تسبِّبه الرياح العادية التي يعرفها طقس ومناخ منطقة الخليج. بالوصف ذاك لا يُحدث كل تلك الخسائر لدرجة الاقتلاع إلا الأعاصير أو ما هو قريب منها. ويحقق في ذلك المعنى ما ذكره الباحث خليل المريخي في كتابه «لمحات من ماضي البحرين»، الذي استند إليه مؤلف الكتاب موضوع المراجعة هنا، من خلال شهادة أحد الناجين من الكارثة: «كانت السفن قريبة من بعضها البعض، وكان البحر هادئاً، وفجأة امتلأ الجو بغيوم سوداء قاتمة» إلى أن يصل إلى «هبّ ذلك الإعصار القوي المدمّر حتى أنك تشاهد السفينة الكبيرة تتقلّب وتدور حول نفسها وكأنها لعبة في يد طفل يحركها ذات اليمين وذات اليسار، بينما يتناثر كل من في داخلها من رجال ومواد وأموال ثم يختلط كل شيء مع أشلاء السفن».
وفي جانب الخسائر الناجمة عن الكارثة، مات وفقد عدد كبير من رجال البحر على مختلف الأعمار والمستويات، وقُدّرت السفن والمراكب التي غرقت بـ 80 في المئة، مما وُجد في عرض البحر وقت الحادثة. وفُقدت أموال طائلة، فقد كان البحارة يحملون أموالهم معهم أثناء ركوبهم البحر.
ويشير المؤلف إلى أن «السفن انقلبت فنتج عن ذلك وفاة أعداد كبيرة من البشر يقدّر ببضعة آلاف، ومن بينهم سكَّان ساحل الخليج العربي، وكذلك بعض من أهل نجد وغيرها من مناطق أخرى من حاضرة وبادية»، وقليل من قدّرت له حياة أخرى. ويُفرد الكاتب أسماء مؤلفات وكتّاب رصدوا الكارثة، من بينهم الكاتب والباحث البحريني خليل المريخي، في كتابه «لمحات من ماضي البحرين»، ويذكر فيه «كان الطبيب الحكومي الوحيد في البحرين هو الدكتور بندركار (هندي الجنسية)، قال في تقريره عن عدد الوفيات إنها تقدّر بخمسة آلاف شخص توفوا نتيجة ذلك الإعصار المدمّر».
ومن شهادة المريخي يورد المؤلف ما ذكره أحد أصحاب الأعمال في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، عبدالله فؤاد بوبشيت، في كتابه «الإصرار والتحدّي»، «كانت كارثة أشبه بالزلزال أو البركان، غطت آثارها المنطقة بأكملها حينما هبّت عاصفة شديدة ضربت منطقة الخليج العربي...».
ضرير من بين الناجين
تتناثر قصص في كوارث كتلك، بعضها صحيح، وبعض آخر تعمل الذاكرة الشعبية على حضوره ووجوده في العمق منها. ويشير مؤلف الكتاب إلى إحدى القصص التي حدثت سنة «الطبعة» بالقول: «إن إحدى السفن التي أبحرت من سيهات، تعرَّضت للانقلاب والغرق، وكان أحد بحَّارتها ضريراً، أما بحَّارة السفينة فقد كان كل منهم مشغولاً بالنجاة بحياته (...) أما الرجل الضرير (الأعمى) فقد استطاع السباحة ومصارعة الأمواج حتى تمكَّن من الوصول إلى بر الأمان».
في الجانب الآخر مما حدث تبرز شهادات تنقل عن الناجين أيضاً، ومن ذلك ما ذكره الشيخ علي بن عيسى بن صالح الدوسري، وهو من وجهاء الدمام (شيخ قبيلة الدواسر في البحرين والدمام)، «كان والدي النوخذة عيسى بن صالح بن حسن الدوسري، هو أمير الغوص (هو الذي يحدد دخول السفن وعودتها) في الدمام، وكان هو مع مجموعة من أهل الدمام في عرض البحر في منطقة الديبل وقت حدوث الطبعة، حيث غرق محمل والدي، وكان محمّلاً بعدد كبير من البحَّارة، ولكن بعناية الله سبحانه وتعالى، كتبت لهم النجاة جميعاً حيث تم إنقاذهم من سفن أخرى».
الكتاب زاخر بالقصص التي تُشيع الأمل، وأخرى مليئة بمرارة الفقد والانكسار، على شفاه رواة عاصروا الكارثة أو كانوا جزءاً منها ممن كتبت لهم النجاة، وأحياناً على شفاه آخرين، زيادة أو نقصاناً أيضاً.
كتاب مثل الذي تم تناوله، وهو يبحث في الكوارث الفردية، مؤدّاه في صورة أو أخرى، أن الكوارث تلك وإن طال أثرها والحزن مجموعات إلاّ أنها في السياق العام تظل عرضة للنسيان في البسيط من الزمن. في الكوارث الجماعية؛ تلك التي تطول مجموعات يمتد أثرها وتداعياتها واحتلالها الذاكرة لفترة من الصعب نسيانها. التأريخ والتوثيق لها يمنحها ذلك الامتداد في الزمن والحضور.
كتاب ممتع احتوى إلى جانب ما قيل في كارثة الطبعة من شعر، صوراً لبعض الناجين ووجهاء، وكذلك بعض من أدلوا بشهاداتهم - كما سمعوا أو بلغهم - لمؤلف الكتاب.
العدد 4350 - الإثنين 04 أغسطس 2014م الموافق 08 شوال 1435هـ
منطقة العقير
ولد جدي في منطقة العقير وهي على بحر بقيق ولم يرى والده حيث توفي في هذه السنه وحسب الناجيين حدثونا بان والد جدي كان مريض ومستلقي في بطن السفينه الخن ولم يستطيع الخروج وحدثونا انه كان يستنجد ولكن لا حياة لمن تنادي رحمك الله محمد مرضي الربيع
طبعة البلاد القديم
حادثة مرسومة في الداكرة ولا تمحى او تنسى واهالي البلاد القديم للان يروون احداثها وكانها للتو حدثت
البحر غدار
مهما أمنت له يغدر بك يعطيك من خيره الكثير وعندما يسلب فيسلب أغلى ما تملك
سنة الطبعة حريقة السوق حادثة بيت 000
في نهاية الأربعينات او في الخمسينات كانت في البلاد طبعه راح ضحيتها عدد من المواطنين وكانت السفينة تقل مواطنين من نساء ورحال وأطفال قادمة او متوجهة الي جزيرة النبيه صالح ونطلق عليها سنة الطبعة
وفي عام 2011 حدثة سنة طبعة من نوع اخر
وفي عام 2011 حدثة سنة طبعة من نوع اخر
تسلم اناملك
معلومات قيمة عزيزي الكاتب وشكرا لكم